بعد موّجة المّد الإسّلامي وصحوة الضمير المؤمن وتجديد الخطاب الديني، تم إغلاق كافة المراقص والملاهي والكابريهات والحانات اليليلية .. لكن تم إستبدالها وتعويضها بمراقص نهارية صاخبة تبدأ ردّحها المدوي على أنغام الهاونات وعصف صواريخ الكاتيوشا والأنسفة المسيلة للضمير؛ وتختتم مواويلها وعتاباتها على صوت النائحات الثكالى في مجلس عزاء الوطن!!
***
كان الرّقص في بلداننا العربية، خوفاً أو خشية من الناس لا تتم إلا تحت عباءة الليل وخلف أكتار الستار، وكان الناس حذرون حد التوّخي من دخول أو أرتياد تلك المراقص؛ كان الحياء سمة لصيقة بالعقلية العربية، ولهذا بقينا شعوب شرقية نمارس رذائلنا وطقوس خيباتنا في الظل والخفاء، .. شكراً لك أيتُها العتمْة أعطيتينا حُرية تامة لممارسة فضائحنا بشرف !!
***
لقد جاء المّد العَلمْاني فترك لنا بصمة في المراقص والنوادي الليلية والدعارة والهرب وشرب الفودكا وأباح كل انواع الخمر، وبعد إنتكاسته برز لنا المد الديني الذي جاهد وقاتل من أجل كرسي القومية وصولجان الوطنية، فأعلنت عن تحريم ومنع فتح النوادي الليلية والمراقص العابقة برائحة الجنس والشهوة؛ وعوضتنا بملاهي صباحية ومراقص نهارية نتراقص على أنغام القصف الجوي وقذائف الهاونات المحملة ببارود الفتاوى الدينية، ونرتوي من الدم (فودكا الحرب)، ورؤوس تترادف على التراب وأشلاء تناغم البلاطات، ودموع برية تروي عطش جياعى القتل.
مراقص نهارية مفعمة برائحة الجنس المُحرم وشهوة القتل .. فالمراقص في عالمنا العربي لا تختلف عن بعضها؛ إلا فارق واحد هو إنْ المراقص الليلية مُحرمة قطعاً وبالنص الديني المقدس, أما المراقص النهارية فهي مباحة في أي وقت وبالنص الديني المقدس أيضاً؛ ويستحسن الدخول إليها بالقدم اليمنى (!!)؛ وأن تُراقص جُثتك وهي ثملة بخمر الفتاوى الدينية المحملة على رؤوس الصواريخ المدببة بالعمائم !!
***
أما الحفلات التنكرية فمن الصعب تمييزها صار كل واحد منا يبحث عن ذويه وهو يتفحص وجوه القتلى، يرفسها؛ يركلها بقدميه، مسلسل رُعب مجبورين أنْ نتابعه كمشاهدين يجلسون أمام شاشات التلفاز إجبارياً وحتى النهاية, نمتعض من المشهد المبتسر، لكن لا حيلة لدينا إلا تفعيل خدمة البحث اليدوي أو القدمي لأنتشال ذوينا من مراقص الدم الدينية !!
أنْ أسفل الحفلات التنكرية وأوجعها وأفجعها هو العثور على جُثة ذويك في أكثر من مرقص؛ الرأس في الكرخ والأشلاء في الرصافة (!)؛ كيف سيتم إلتصاقها ببعض والحفل أوشك على الإنتهاء بتوقيت مدير المرقص المُعمم!!
***
في خطوة حكيمة من دولة العمائم في العالم العربي وبسياسة محنكة من جوقة الإسلام السياسي، تم إغلاق جيمع النوادي والملاهي والمراقص والكابريهات الليلية وأوكار الدعارة وحانات بائعات الهوى؛ وكل المراقص المعلنة على شرف الوطن .. وأُعلن في اليوم التالي إفتتاح مراقص الدم تحت إدارة راقصة محجبة على الطريقة الدينية!!
مقالات اخرى للكاتب