بغداد / على الرغم من أستمرار إجتماعات العراقية والكردستاني والتيار الصدري اليوم الأحد في أربيل وأمس السبت في محافظة نينوى وقبلها في النجف الأشرف وأربيل، إلا أن دعوات "سحب الثقة" من نوري المالكي منيت بأنتكاسة كبيرة، دفع الكتل السياسية المطالبة بسحب الثقة إلى الدعوة بخجل لإستجواب نوري المالكي في البرلمان العراقي ومساءلته عن أسباب الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ عدة أشهر.
فبعد أسابيع من تزايد حدة التوتر بين السياسيين المتخاصمين والوصول لقمتها، شهد اليومان الماضيان انهيار معسكر خصوم المالكي بعد لقاء نحو عشرين عضوا من القائمة العراقية معلنين معارضتهم سحب الثقة منه.
وقد احتفى المالكي بالنواب المعارضين سحب الثقة من حكومته مهدداً خصومه في القائمة العراقية والتحالف الكردستاني والتيار الصدري، بالمحاسبة على ما وصفه "الممارسات التي حصلت من الالتفافات والتزويرات والتهديدات التي حصلت للنواب مؤسفة ومؤلمة وينبغي أن لا ندع المسألة تمر من دون حساب". وأكد رئيس الوزراء العراقي أن ازمة سحب الثقة من حكومته قد انتهت.
في حين اتهم رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي من أسماها "ثلة ضالة" وعدداً من المواقع الإخبارية بتلفيق الأخبار لتأجيج الصراع مع رئيس الحكومة نوري المالكي، فيما نفى أن يكون قد حضر مؤتمراً في جامعة الموصل وجه فيه اتهامات إلى المالكي، وفق ما ورد فيما نسب إليه ونشر في عدد من المواقع الألكترونية العراقية.
وكان خبر الانتقادات الحادة من قبل أسامة النجيفي المؤيد لسحب الثقة من المالكي، انتشر في مواقع عراقية على الانترنت وفضائيات محلية، يؤكد أن رئيس الوزراء استجداه ليتدبر له لقاء مع العاهل السعودي، حسب ما نقلت عدة مواقع وفضائيات عراقية على لسان النجيفي مضيفة أن ملاحق اتفاقية أربيل التي تشكلت وفقها الحكومة العراقية تحتوي على شروط مذلة للمالكي، وهو ما نفاه النجيفي بشدة في بيانه.
ويؤكد متابعون عراقيون أن المالكي خرج من أزمة سحب الثقة أقوى من قبل وبات له مناصرون في مناطق كانت مغلقة لخصومه مثل الموصل والانبار اللتين شهدتا في الايام الماضية تظاهرات مؤيدة له شعبية وسياسية.
وقد عمد هؤلاء المناصرون الجدد للمالكي للتظاهر اليوم السبت، احتجاجا على الاجتماع الذي تجريه الكتل المعارضة لرئيس الحكومة نوري المالكي في فندق نينوى أوبروي في مدينة الموصل، فيما أطلقوا هتافات مؤيدة للمالكي، منددين بطلب سحب الثقة منه. وحمل المتظاهرون شعارات تؤيد المالكي، وترفض عقد اجتماع الموصل الطارئ.
وشهدت محافظة نينوى شمالاً اجتماعا لقادة في الكتل السياسية المعارضة لرئيس الحكومة نوري المالكي منهم زعيم القائمة العراقية إياد علاوي، ورئيس البرلمان أسامة النجيفي، ونائب رئيس الوزراء صالح المطلك، وممثل عن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، خصص لبحث موضوع سحب الثقة من المالكي.
وضمن السياق ذاته، تتجه الكتل السياسية المعارضة للمالكي إلى استجوابه في البرلمان كورقة اخيرة لديها بعد تراجع عدد من نواب العراقية واعلانهم معارضتهم سحب الثقة من المالكي ما يحول دون وصول عدد الاصوات (164 صوتا) كاغلبية كافية للتصويت على سحب الثقة.
وبسبب عدم اقتناع رئيس الجمهورية جلال الطالباني لسحب الثقة الذي يخوله الدستور الاقتناع بوجود مسبب لها ليرسل الطلب لرئيس البرلمان. فقد قال رئيس كتلة العراقية البرلمانية سليمان الجميلي إن "عملية سحب الثقة من المالكي لن تكون سريعة وسرية وتحتاج الى أيام لتنفيذها"، لافتا الى أن "الوقت الان مناسب لتنفيذ الالية الاولى المتمثلة بسحب الثقة عن طريق كتاب من رئيس الجمهورية جلال الطالباني او تنفيذ الآلية الثانية المتمثلة بالاستجواب".
ويأتي هذا التوجه من قبل الكتل المعارضة للمالكي كمخرج من الحرج الذي قد تقع فيه أمام جمهورها بعد إصرارها وتأكيداتها ان سحب الثقة امر في حكم التام وبانتظار جلسة طارئة لتنفيذه.
ويرى متابعون عراقيون أن استجواب المالكي حق دستوري للنواب وتسوية مرضية للجميع تخفي خلفها تفاهمات بين الكتل جميعاً، بعد تراجع حظوظ سحب الثقة. ويتوقع هؤلاء أن يعمد المالكي لإرضاء خصومه بالتعجيل بترشيح الوزراء الأمنيين من كتلهم خاصة كتلة الاحرار (التيار الصدري) والعراقية.
وتنص المادة 61 من الدستور العراقي على أن: "لرئيس الجمهورية، تقديم طلب الى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء. ولمجلس النواب، بناء على طلب خمس (1/5) اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز ان يقدم هذا الطلب الا بعد استجواب موجه الى رئيس مجلس الوزراء، وبعد سبعة ايام في الاقل من تقديم الطلب. ويقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء بالأغلبية المطلقة لعدد اعضائه. وتعد الوزارة مستقيلة في حالة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء. وفي حالة التصويت بسحب الثقة من مجلس الوزراء بأكمله، يستمر رئيس مجلس الوزراء والوزراء في مناصبهم لتصريف الامور اليومية، لمدة لا تزيد على ثلاثين يوماً، إلى حين تأليف مجلس الوزراء الجديد وفقاً لاحكام المادة (76) من هذا الدستور".
يذكر أن العراق يشهد خلافات منذ تشكيل الحكومة العراقية التي جاءت بعد مخاض عسير دام نحو تسعة أشهر على خلفية خلافات بين الكتل على تشكيلها، لكنها بقيت من دون الوزارات الأمنية الداخلية والدفاع والمخابرات التي توزعت بين المكونات الرئيسة في العراق الشيعة والسنة والأكراد. و بقيت تدار حتى اليوم بالوكالة وبإشراف نوري المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، الامر الذي جعل بقية الكتل تتهمه بالتفرد والديكتاتورية وعدم إشراك بقية الكتل في القرارات السياسية، وهو ما ينفيه ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي. إضافة إلى الخلافات المالية بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان بسبب عقود النفط ورواتب حرس الاقليم (البيشمركة)، وكان رئيس الاقليم مسعود البارزاني هدد قبل نحو شهرين بالانفصال عن العراق فيما لو بقي المالكي رئيسا للوزراء.