بغداد – أنتقلت الأحزاب الدينية المدعومة من إيران بعد رميها ما يسمى سلاح مقاومة الإحتلال الأمريكي والبريطاني في العراق، والتصارع به لإثبات الوجود، إلى مرحلة جديدة وهي مرحلة بناء الدولة الدينية في العراق وفقا لنظام ولاية الفقيه الإيرانية، مستغلة التردي الكبير للعملية السياسية العراقية، وأنشغال السياسيين بخصوماتهم ومعاركهم على الكراسي والسلطة.
فقد أطل الأمين العام لحزب الله في العراق واثق البطاط ليحاكم النظام السياسي القائم حاليا ويدعو صراحة لإقامة نظام ديني في العراق يعتمد نظرية ولاية الفقيه الإيرانية.
وهاجم البطاط نظام الحكم الديمقراطي المطبق في البلاد واعتبره "يمنح اللصوص" الحرية، فيما أكد انه يقبل بالديمقراطية الحالية من اجل التمهيد لفرض نظام حكم ديني، واصفا الاحزاب الحالية في السلطة بأنها "ضعيفة".
وقال البطاط إن "من مساوئ النظام الديمقراطي أنه نظام يعطي للصوص الحرية بأن ينهبوا ما يشاؤون"، مؤكدا أننا "في حزب الله نؤمن بالنظام الثيروقراطي أو نظام الدين أو نظام التنصيب".
وأضاف البطاط "نحن نعرف أن نقطة الضعف عند النظام القائم الآن هي في كون الأحزاب التي وصلت إلى السلطة أحزاب ضعيفة غير قوية"، مؤكدا أننا "نملك القوة وواثقون من التغيير ومضطرون أن نتماشى مع الواقع وان نقبل الديمقراطية ومن خلال الديمقراطية نمهد للحكم الثيروقراطي".
وأعرب البطاط عن "رفض الحزب سحب الثقة عن الحكومة تحت أي ذريعة كانت وبأي شكل من الأشكال، وأنها ستعود بالعراق للمربع الأول وسيهد كل ما تم بناؤه وسيكون المواطن هو الضحية سيدخل المجتمع في متاهة على غرار المتاهة التي مرت بالبلاد قبل تشكيل الحكومة الحالية"، معتبرا أنه "في السابق كانت مشكلة المحاصصة هي محط الخلاف، أما الآن فالخلافات شخصية".
وأشار البطاط إلى أن "حزب الله معروف لدى الشعب العراقي بأنه حزب مقاوم ومجاهد في لبنان للكيان الإسرائيلي الكافر وجاهد في العراق وساهم في طرد الاحتلال الأمريكي"، مؤكدا أن حزبه "سيكون له مساهمة فاعلة في محاربة الفساد وبناء العراق الجديد، وسيدخل العملية الانتخابية ويشارك بالعملية السياسية، ويعمل على التغيير بكل ما أوتي من قوة"، بحسب تعبيره.
ويرى المحرر السياسي لموقع "السفير نيوز" الإخبارية ان إيران تحاول أستنساخ تجربة حزب الله اللبناني المدعوم أيضا من الولي الفقيه الإيراني، وتعمل على إنجاح ما فشل فيه حزب الله اللبناني وهو بناء الدولة الإسلامية.
وأضاف المحرر السياسي أن إيران دعمت حزب الله اللبناني بكل قوة لكي يكون يدها الضاربة والمؤسسة للدولة الإسلامية في لبنان على غرار دولة الولي الفقيه الإيرانية وتصدير الثورة الإسلامية، إلا أن المشروع اصطدم بالكثير من المعوقات اللبنانية التي تشهد تنوعا فسيفسائيا طائفيا ودينيا، مما دفعه إلى تغيير إستراتيجيته المركزية في المؤتمر التأسيسي العام، والإنتقال إلى مرحلة الإندماج في الواقع السياسي والتحرك من خلاله، حيث يقول السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني "نحن لا نطرح فكرة الدولة الإسلامية في لبنان على طريقة الطالبان في أفغانستان، ففكرة الدولة الإسلامية في لبنان حاضرة على مستوى الفكر السياسي، أما على مستوى البرنامج السياسي فإن خصوصيات الواقع اللبناني لا يساعد على تحقيق هذه الفكرة، فالدولة الإسلامية المنشودة ينبغي أن تكون نابعة من إرادة شعبية عارمة، ونحن لا نستطيع إقامتها الآن لحاجتها إلى حماية".
ويؤكد المحرر السياسي أن طهران لم تستوعب التنوع العرقي والطائفي العراقي، حيث أصبحت تحرك الأحزاب الدينية الموالية لها بالكامل من أجل السير بمشروع الدولة الدينية المبنية على نظرية ولاية الفقيه من دون الإلتفات للواقع العراقي المتشنج حد الكارثة والحرب الطائفية.
معتبرا أن كلام الأمين العام لحزب الله العراقي السيد البطاط يحمل في طياته بوادر أزمة كبيرة قد تفضي لحرب طائفية ودينية في العراق بالمرحلة المقبلة، خاصة إذا ما سعى لتنفيذ مشروع الدولة الدينية التي تدعو لها إيران ومن خلالها توسع قاعدة جمهوريتها الدينية وتصديرها إلى الدول المجاورة والإقليمية من خلال الأحزاب الدينية الموالية لها، ولعل العراق الدرجة الأولى في سلم بناء الأمبراطورية الإيرانية الجديدة القائمة على ولاية الفقية.
يشار إلى أن حزب الله في العراق ليس هو الوحيد الذي يطالب بتطبيق الدولة الدينية على غرار ولاية الفقيه الإيرانية، حيث طالبت العديد من الأحزاب الدينية الموالية إيران بإقامة دولة دينية تابعة للنظام في طهران إلا أن هذه الدعوات تصطدم دائما بالتنوع الطائفي والديني والعرقي العراقي ووتوجهات ما يسمى الدستور العراقي الذي جلبه الإحتلال الأمريكي والبريطاني للعراق وأكدته الكتل السياسية التي جاءت من رحم الإحتلال، والذي يؤكد على أن العراق "بلد تعددي فيدرالي يتلون بأطياف وعقائد لا يمكن للنظام الثيروقراطي أن يحتويها في آن واحد".