ظهر صدام في تلفزيون العراق ، كان في اجتماع حزبي موسع ، دخل حسين كامل وهمس بإذن صدام ، وقف صدام وكبر ثلاثا ، قال:" رفاقكم في التصنيع العسكري أتموا انجازا عسكريا عظيما . الانجاز الذي تحدث عنه صدام كان إتمام صناعة طائرة اواكس عراقية ، هي في الأصل طائرة نقل روسية "ليوشن" وضعوا فوقها دشا مستوردا !.
في اليوم التالي أقلعت الاواكس في مهمتها الأولى ، لكنها تحطمت بعد دقائق من إقلاعها !.
طلب صدام من اثني عشر أستاذا عسكريا وخبيرا استراتيجيا من التدريسيين في جامعة البكر للدراسات للعسكرية والإستراتيجية إعداد دراسة مفصلة حول أبعاد ونتائج احتلال العراق للكويت ، وما هي الإشكالات المتوقعة للمواجهة مع أمريكا والغرب .حدد لهم موعدا لا يزيد عن أسبوع لتسلم ما كتبوه ، ثمانية أساتذة كتبوا:" أمريكا والغرب لن يتركوا الكويت لقمة للعراق وان حصلت المواجهة العسكرية فسيهزم الجيش العراقي شر هزيمة ، للفوارق الكبيرة بين الجيشين ولتفوق أمريكا تقنينا وتعبويا .
الأساتذة الأربعة الباقون كتبوا: عن تفوق الجيش العراقي وقدرته على إلحاق الهزيمة بالجيش الأمريكي مثل هزيمته في فيتنام !.
بعد يوم واحد من تسلم ما كتبوا صدرت الأوامر بإحالة الضباط الثمانية إلى التقاعد برتب أدنى والى التحقيق وكرم الضباط الأربعة.
ما سمعه وشاهده اغلب العراقيين من انهيار لقوات نخبة صدام ، كان بسبب تولي قادة غير أكفاء وغير مخلصين مسؤولية قيادة الجيش ، وبسبب انفراد صدام وقصي تحيطهم شلة من القادة العسكريين الفاشلين والمنافقين لزمام الأمور .
في هذه النقطة تحديدا يلتقي السيد المالكي بصدام .
منذ أن تولى السيد المالكي مسؤولية قيادة البلد والجيش وهو لا يسمع إلا لعبود كنبر وعلي غيدان ، من فشل إلى فشل ومن إخفاق إلى آخر .عوقب وابعد ضباط أكفاء . ظل ثنائي كنبر غيدان هو من يقترح تعيين القادة والآمرين ومعاقبة آخرين والمالكي ينفذ كل ما يقررانه .كل القادة الذين هربوا وتركوا وحداتهم تم تعينهم بمقترحات من الثنائي كنبر وغيدان .
لقد كان الوضع الأمني منهارا في الموصل في العام ٢٠٠٥ ، لكن لواء عسكريا واحدا أعاد الأوضاع الأمنية إلى الاستقرار ، اغلب العراقيين يتذكرون منجزات تشكيل عسكري اسمه لواء الذئب .
ان البطولات الإعلامية ، التي ميزت أداء قادة وأمرين ، لا يتحركون إلا والكامرات ترافقهم ، عقدوا تؤمه مع الشاشات ، لم تغادر انجازاتهم ابعد من عدسة الكامرات التي صورتهم .حصلت انهيارات أمنية في ذات المناطق التي تحدثوا عن انجازات عسكرية فيها قبل ساعات من وقوع الانهيار ، لو كانت انجازاتهم وما حققوه حقيقيا لما حصل الانهيار .
يقول البعض :"أن أعداء السيد المالكي ومن يعملون على عدم انتخابه لولاية ثالثة أسهموا بفعالية كي يحصل ما حصل"، بعض الساسة من النافذين من أهالي الموصل أنكروا وجود داعش وشككوا بعمل القوات الأمنية ، وقالوا: "اخرجوا الجيش من الموصل" وقبلهم طالب غيرهم بإخراج الجيش من الانبار .هؤلاء ينتمون إلى الدواعش فكريا وروحيا وربما جسديا .حملوا السيد المالكي مسؤولية بقاء الجيش بمدنهم ، ألا ليتهم اخرجوا الجيش قبل ان يتعرض الجيش لهذه الهزيمة . مع كل ذلك فان السيد المالكي أسهم وساعد بحصول ما حصل ، باعتماده على وجوه كانت سببا بكوارث وانهيارات أمنية وظلت ممسكة بمواقعها القيادية .
عبود كنبر اخفق في قيادة عمليات بغداد ، بعدها نقل إلى منصب أعلى !.
علي غيدان تحيط عمله وتعييناته وتنقلاته للضباط علامات الاستفهام والشكوك وهو منفرد بقيادة القوات البرية .نقل وعاقب كل الضباط الأكفاء والمخلصين وقرب من يستفيد منهم من الفاسدين واللصوص ، هؤلاء هم السبب في الانهيار.
توزيع المنح المالية الكبيرة والرتب والأراضي لكبار القادة العسكرية سياسة لم تنفع صدام ولم تحافظ على حكومته .
لماذا يعيد السيد المالكي تشغيل عقارب ساعة صدام ؟ .
لقد منح السيد المالكي الهبات والرتب الإضافية وقطع اراضي ثمينة في أغلى مناطق بغداد وزعها لقادة عسكريين متخمين من رواتب الجنود الفضائيين ورشا و غيرها من أموال الفساد والسحت .
منع السيد المالكي قادته العسكريين من التصريح لوسائل الإعلام أكثر من مرة.
هل من احد منهم التزم بتعليمات مسؤولة الأعلى ؟ .
ماذا يعني عدم التزام القادة العسكريين بأوامر القائد العام للقوات المسلحة؟ .
ألا يعني ذلك عسكريا عدم تطبيق الأوامر وعدم الخوف من المسؤول.
هل من احد عوقب بسبب ذلك وهل امتنعوا يوما عن التصريح والحديث لوسائل الإعلام ؟.العراقيون يتذكرون وعود القائدة التي لم تتحقق أبدا .
كم مرة أعلنوا عن تنظيف الانبار من داعش؟.
كم مرة حددت فترات لتحرير الانبار والفلوجة ؟ . لكن ذلك لم يحصل .
كم إخفاق عسكري وامني حصل وقادة الأجهزة العسكرية الكبار باقون والى الأبد على ما يبدو؟. لا قادة الاستخبارات عزلوا لفشلهم الواضح ولا قادة الميدان غيروا .
كل ما يحصل هو تبديل مواقع بين الأسماء ذاتها .
كم كانت سرعة الطائرات التي أقلت القادة المهزومين من الموصل والذين تركوا قطعاتهم ؟ .
الحل الآني بالإسراع بإعادة هيكلة الجيش ، الذي ترهل ، ومحاسبة وعزل كل القادة العسكريين والأمنيين الذين اثبتوا عدم كفاءة وغطتهم روائح الفساد.
طالبت السيد رئيس الوزراء أكثر من مرة بالتحقيق في أملاك كبار قادته العسكريين والأمنيين ، ليتبين له مدى الفساد الذي نخر كل وحدات الجيش والقوى الأمنية .
مع كل الذي حصل ، فان الموصل والفلوجة وجميع مدن العراق المحتلة من قبل الإرهابيين ستعود لحضن الوطن بتكاتف الشعب مع الجيش ، ولو ان مزيدا من الضحايا سيسقطون ومزيدا من الأسر ستشرد ومزيدا من الثروات ستبدد .
لا أحط من قيمة الجيش ، لكن اغلب قادته الكبار فاسدون وهم السبب فيما حصل ويحصل .
على السيد المالكي الضرب بيد من حديد لإعادة التوازن إلى مؤسسة عريقة فقدت توازنها.
"أعطني قليلا من الشرفاء وأنا أحطم لك جيشا من اللصوص" جان جاك
روسو
مقالات اخرى للكاتب