نتيجة لتطور علاقات التجارة الدولية وتأثيرها في العلاقات الدولية ذات الطابع الخاص لذلك قد ظهرت وسائل فنية جديدة لحل ازمة تنازع القوانين في العلاقات الدولية الخاصة التي فيها عنصر اجنبي ومن هذه الوسائل الفنية الجديدة التي ظهرت لتنظيم العلاقات الخاصة الدولية هي القواعد المادية والقواعد ذات التطبيق الضروري
اولاً :- منهج القواعد المادية او الموضوعية في نطاق القانون الدولي الخاص / وهي القواعد التي تنظم العلاقات الدولية الخاصة المعروضة على القاضي الوطني والذي يطبق قانونه عليها تطبيقاً مباشراً دون المرور بقواعد تنازع القوانين , وتتنوع القواعد المادية او الموضوعية الى المصادر الثلاثة الاتية :-
1- القواعد المادية ذات المصدر الوطني / وهي القواعد التي يضعها او يقوم القضاء الوطني بانشائها وهي لا تسري الا على العلاقات ذات العنصر الاجنبي اي ان المشرع الوطني يقوم بوضع بعض من هذه القواعد كما هو الحال في قانون المانيا الديمقراطية لسنة 1976 المتعلقة بالعقود الدولية .
2- القواعد الموضوعية ذات المصدر الاتفاقي / وهي تلك القواعد التي يتم الاتفاق عليها بين الدول بمقتضى معاهدة دولية ويتم تطبيقها مباشرة على العلاقات الدولية الخاصة التي وضعت من اجلها دون المرور بقواعد تنازع القوانين مثل اتفاقية فينا المتعلقة بالبيوع التجارية الدولية بتاريخ 11/نيسان/1980 .
3- القواعد الموضوعية المستمدة من تطور المعاملات التجارية / ادى تزايد حركة التجارة عبر الحدود بسبب تطور المعاملات التجارية الدولية الذي يستند على العادات التي تحولت الى اعراف ملزمة والتي تنظم نوعاً معيناً من معاملات التجارة الدولية كما في مجال تجارة الحبوب والجلود والصوف والتي تستمد من الاعتقاد الكامل لدى المتعاملين بها بحتمية تطبيقها ذلك ان التجارة الدولية لا يمكن ان تزدهر دون هذا التطبيق .
ما هو الفرق بين القواعد المادية او الموضوعية وبين قواعد تنازع القوانين ؟
1- قواعد تنازع القوانين ترشد القاضي للقانون الواجب التطبيق اما القواعد المادية فانها تطبق مباشرة على النزاع .
2- قواعد تنازع القوانين تطبق على جميع العلاقات التجارية الدولية الخاصة اما القواعد المادية تطبق على نوع معين من العقود التجارية وبالتالي فأن قواعد تنازع القوانين تعتبر اوسع واشمل .
3- دور القاضي اكبر في تنازع القوانين بينما دوره في القواعد المادية دور محدود .
ثانياً :- القواعد ذات التطبيق الضروري / وهي القواعد التي يضعها المشرع الوطني لغرض حماية التنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة وتطبق بصورة مباشرة على النزاع في العلاقات الوطنية الخالصة والعلاقات الدولية الخاصة .
ما هو الفرق بين القواعد ذات التطبيق الضروري وقواعد تنازع القوانين ؟
1- ان قواعد تنازع القوانين ترشد القاضي للقانون واجب التطبيق بينما القواعد ذات التطبيق الضروري تطبق مباشرة على النزاع 2- قواعد تنازع القوانين تطبق على العلاقات الدولية الخاصة بينما القواعد ذات التطبيق الضروري تطبق على العلاقات الوطنية الخالصة والعلاقات الدولية الخاصة لذلك تكون القواعد ذات التطبيق الضروري اوسع وذلك لانها تشمل العلاقات الوطنية الخالصة والعلاقات الدولية الخاصة .
3- قواعد تنازع القوانين تطبق من قبل القاضي الذي يكون دوره كبيراً في هذا المجال بينما دوره يكون اقل في القواعد ذات التطبيق الضروري .
4- ان منهج قواعد تنازع القوانين مزدوج اي قد تشير قاعدة التنازع بتطبيق القانون الوطني او القانون الاجنبي بينما القـــــــواعد ذات التطبيق الضروري ذات منهج احادي لانها تشير الى ضرورة تطبيق القانون الوطني .
5- ان هدف قواعد تنازع القوانين هو اختيار انسب القوانين لحكم النزاع سواء كان القانون وطني او اجنبي بينما هدف القواعد ذات التطبيق الضروري هو حماية التنظيم السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة من خلال تطبيق القانون الوطني .
والمثال الواضح على تطبيق القواعد ذات التطبيق الضروري ما جاء في القانون المدني الهولندي حيث نص على اعتبار الوصية باطلة بالشكل العرفي وصحيحة بالشكل القانوني .
اما بالنسبة لموقف المشرع العراقي فأن القانون العراقي لم يضع نصوص او قواعد قانــــونية متكاملة لهذه القواعد سواء كانت مادية او ذات تطبيق ضروري ولكنه ذكر بعض النصوص كما جاءت به المادة 22 الفقرة ( ب )من القانون المدني العراقي والتي نصت على ( الاجنبي الذي لا وارث له تــــــؤول امواله )
نظرية التكييف
مسألة أوليه لازمه لتحديد القانون الواجب التطبيق اذ يجب على القاضي ان يفصل اولاً في المسألة الاولية لكي يفصل في المسألة الاساسية موضوع النزاع لذا يمكن تعريف التكييف
التكييف / قيام القاضي باعطاء الوصف القانوني لتحديد طبيعة العلاقة القانونية الدولية الخاصة المتنازع فيها وتفسيرها وردها الى نظام قانوني معين اي انه اعطاء الوصف القانوني للواقعة محل النزاع بغية تطبيق قانون معين عليها ولهذا الموضوع اهمية كبيرة في جميع القوانين.
تحديد القانون الواجب التطبيق الذي يحكم التكييف
اختلفت الاتجاهات الفقهية والقضائية في تحديد القانون الواجب التطبيق الذي يحكم التكييف الى النظريات الثلاثة الاتية :-
اولاً :- نظرية تطبيق القانون المقارن / وحسب رأي فقهاء هذه النظرية بوجود قانون عالمي فيه مصطلحات قانونية عالمية تلتزم فيها جميع الدول وهذا الشيء خيالي وغير واقعي ولا وجود له .
ثانياً :- نظرية تطبيق القانون المختص الذي يحكم التكييف / حيث نادت هذه النظرية بأن القاضي يطبق القانون المختص في تكييفه للعلاقة القانونية علماً ان هذا القانون لا يعرف الا بعد مرحلة التكييف وبالتالي فاننا نقع في حلقة مفرغة وتسمى باللغة العربية المصادرة على المضمون وهذه النظرية غير منطقية .
ثالثاً :- نظرية تطبيق قانون القاضي / وبمقتضى هذه النظرية فأن القاضي يستخدم قانونه الشخصي لتقدير التكييف وهذه النظرية هي الراجحة والتي اخذت بها جميع التشريعات ومنها التشريع العراقي ولكنى يستثنى على هذه النظرية ثلاثة امور وهي :-
1- تكييف الاموال ( عقار او منقول ) لا يطبق قانون القاضي في التكييف ولكن يطبق قانون الموقع الموجود فيه المال .
2- التكييف اللاحق فلا يخضع لقانون القاضي فاذا تم الرجوع الى هذا القانون عند الثيام بالتكييف الاولي واتضح بعد ذلك ان قانوناً اجنبياً هو المختص بحكم النزاع فأن هذا القانون هو الذي يجب ان يطبق على التكييف اللاحق اللازم للفصل في النزاع لان هذا التكييف لا يتعلق بسيادة الدولة التي طرح النزاع امـــــــــــــام محاكمها .
ومثال على ذلك ايطالي الجنسية تعاقد مع شخص امريكي وتم العقد في دولة الامارات العربية المتحدة وبعد وصولهم للعراق اثير نزاع حول العقد وعرض النزاع على القضاء العراقي وبالرجوع الى نص المادة 26 من القانون المدني العراقي الخاصة بالالتزامات التعاقدية حيث تطبق فيه قانون الدولة التي انشئ فيها العقد وفي هذه الحالة يكون القانون الاماراتي هو المختص في هذه العلاقة وهذا هو التكييف اللاحق .
3- اذا نصت معاهدة على الاخذ بالتكييف على قانون معين
اما بالنسبة للتكييف في القانون العراقي فقد اخذ بالنظرية الثالثة وهي نظرية تطبيق قانون القاضي مع استثناآتها .
مقالات اخرى للكاتب