لست ممن يسرفون في تفاؤلهم وخصوصاً في موضوع يتعلق بصلاح البلد والقائمين على حكمة ولكن في ذات الوقت لايمكن ان احرم نفسي من لحظات سعادة ولو قليلة عقب سماع خبر انتهاء عهد المالكي وترشيح بديل عنه بعد اوقات ثقيلة من الشد والجذب بين اجنحة التحالف الوطني .
ولايمكن لاي مهتم بسيط بالحياة السياسية ان يزعم بان المرشح الجديد لمنصب رئيس الوزراء حيدر العبادي يمكن ان يختلف عن المالكي بصورة كبيرة خصوصاً وانهما من ذات الخط السياسي ويحملان نفس المحتوى من افكار ومنهج حزب الدعوة الذي تداول السلطة في العراق منذ انتخابات سنة 2005.
ولكن في التحصيل العام فان من حق المواطن العراقي ان يعبر عن مقدار ولو بسيط من الفرحة بمناسبة زوال كابوس المالكي الذي تفرد بالحكم لثماني سنوات وادار واحدة من ابشع صفحات التاريخ العراقي حين سجل عهدة اكبر عدد من الضحايا والمشردين في الداخل والهاربين الى مختلف بقاع الارض .
ان الحديث عن انتهاء عهد سيء وعقد الامال على عهد جديد لايمكن ان يكون بحال من الاحوال الا دافع قوي لمحاسبة المذنبين والمقصرين والجناة ولكن ليس بطريقة قناتي العراقية والافاق التي تظهر نماذج من البسطاء وتقدمهم على انهم عتاة المجرمين الذي اوصلوا العراق الى حالة المتردي وواقعه المأساوي .
نعم سادتي لابد من تظافر كل الجهود وتوحيد الاصوات من اجل اعداد ملف كامل ونظامي بكل الجرائم والاختلاسات والمظالم التي حصلت في عهد المالكي وبدون استثناء لاي اسم او منصب او صفة لان فرحة العراقيين لايجب ان يتم افسادها بمجاملات سياسية على حساب المصلحة العامة .
ولا اريد ان اذهب بالقاريء الى مساحات وهمية من التفاؤل بالعهد الجديد لان القائمين عليه هم من ذات مدرسة المالكي ولكن هذا لايمنع من المحاولة في اتجاه جمع وترتيب كل الانتهاكات والجرائم التي حصلت في السنوات الثمانية الماضية والضغط بشكل تصاعدي على الجهات العدلية والقضائية للتفاعل مع حملة محاكمة ظالمي الشعب وناهبي ماله العام وغيرها من الجرائم التي يؤكد خبراء القانون انها لاتسقط بالتقادم ويمكن تحريكها وتفعيلها في اي وقت .
ولانريد لهذه المظالم ان تكون فئوية او مناطقية مع احقية الكورد في مقاضاة من قطع رواتبهم واخضع قوتهم للمساومات السياسية الرخيصة واحقية الشيعة في محاسبة من حكم باسمهم وعمل جاهداً على افقار مناطقهم ومحافظاتهم الغنية بكل انواع الثروات وكذلك احقية المكون السني في مقاضاة من قصف مدنهم وشرد اهلهم بحجة محاربة الارهاب الذي اوجده المالكي هناك وكذلك الحال بالنسبة لباقي المكونات والطوائف .
ان المفتاح الاول للسير في هذه الحملة هو المطالبة بايجاد اصلاح حقيقي للمنظومة القضائية في العراق والعمل على استقلالها بشكل حقيقي عن السلطات التنفيذية تمهيداً لتحقيق مصداقية لهذه المنظومة يكون معترف بها دولياً وتقطع الطريق على كل نقد او تشكيك وخصوصاً لدى المنظمات الحقوقية العالمية التي رصدت مستوى فاضح من الاستغلال الشخصي والحزبي للقضاء في العراق.
نعود ونكرر اننا لن نفرط في التفاؤل او نذهب الى مرابع خضراء من الحرية والامان والرخاء ولكن من حقنا كمواطنين وناخبين ان نطالب بحقوق بسيطة للغاية وفي مقدمتها ان نرى من ظلمنا وشردنا وافقرنا خلف القضبان هو وكل من اعانه ولاجل هذا تعالوا لنتماسك بالايادي ونتلو ادعية الرجاء والتوسل لله في ان يفتح علينا في عهد جديد مع اول اشراقة شمس على العراق بعد ان زال عابد الكرسي .
مقالات اخرى للكاتب