تتعالى الصيحات في داخل العراق و خارجه بالمطالبة بإلغاء النظام البرلماني و احلال النظام الرئاسي بديلا و ذلك على خلفية الخيبات المتعددة التي اصابت البلد بالشلل البيروقراطي و الفساد الذي استشرى و أكيدا كان للبرلمان و كتله و أحزابه السياسية دور كبير و لكنه ليس وحيدا فيما يحصل .
لست مستغربا لهذا بل لعلي أميل للرأي الذي يهاجم النظام البرلماني و يعتبره فاشلا في إدارة الأمور في العراق .
و لكن الذي استغربه ان يخرج علينا دعاة النظام الرئاسي و على رأسهم شخصيات تعتبر قيادية و اخرى تنسب نفسها للتيار المدني بمفهوم جديد كل الجدة للنظام الرئاسي لم نسمع به في ادبيات السياسة و الذي ان دل يدل على غياب الوعي الذي يفترض ان يتحلى به هؤلاء .
هناك فرق يا اعزائي بين إلغاء النظام البرلماني و إلغاء البرلمان .
من قال لكم ان النظام الرئاسي يعني عدم وجود برلمان في الدولة .
من اخبركم ان النظام الرئاسي يعني تركيز الصلاحيات التشريعية و التنفيذية في يد شخص الرئيس ؟!!!
في اي دولة رئاسية ديمقراطية وجدتم هذا الهذيان الذي تتحدثونه ؟!!
ان البرلمان لا يلغى حتى في النظام الرئاسي فهذه أمريكا الدولة الرئاسية الأكبر في العالم تمتلك مجلسي برلمان لا مجلسا واحدا لان الفصل بين السلطات الثلاث ( التنفيذي والتشريعي الرقابي و القضائي ) شرط رئيس من شروط اي دولة ديمقراطية .
و أنتم يا أنصار التيار المدني او كما تدعون من اي تخلف اتيتم لنا بفكرة ان النظام الرئاسي يعني مزج السلطات في يد دكتاتور واحد سواء أتى على اكتاف الشعب الثائر او ظهر الدبابة المثارة .
و الله اني استغرب الجهل الذي يمثله هولاء و الذي لا يقل عن تخلف الحكومة و البرلمان القابعين في الخضراء .
يا اعزائي مشكلة العراق لا تكمن في نوع النظام و انما تكمن في ثلاثة او أربعة أسباب رئيسية
١. تعدد الولاءات في البلد و غياب الولاء للوطن هذا التعدد الذي زادت في تكريسه الديمقراطية التوافقية و لبننة العراق
٢. وجود حكومة هي نسخة مصغرة من البرلمان من حيث نسب المشاركة و غياب معارضة حقيقية واعية داخل البرلمان لان الجميع مشارك في الحكومة بنفس نسب وجوده في البرلمان اي بمعنى اخر ان الحكومة و البرلمان هما شئ واحد و قائم على مبدأ طمطم لي و اطمطم لك
٣. وجود فساد اداري و سياسي و مالي من اصغر المراتب في الدولة الى اكبرها و الكل يسرق حسب قدرته و ينخر حسب موقعه .
٤. ان المتصدين لطلب الإصلاح لا يقلون فسادا عن المتصدين للحكم و لكن الفرق ان هؤلاء خارج السلطة و أولئك فيها " ضعف الطالب و المطلوب "
و هذا الكلام يشمل جميع الأطراف من اسلامويين و علمانيين و ليس الامر مقتصرا على الأحزاب الدينية
فلا يفرح دعاة المدنية لأنهم لا يختلفون عن أقرانهم و كل مافي الامر ان لهم مآرب اخرى أهمها إثبات فساد نظرائهم و غاب عنهم انهم اكثر فسادا لكن الفرصة لم تتح لهم و عندما تتاح سترون و سنرى .
الكل متهم في نظري لان الكل ينطلق من اجندته هو
و لك الله يا عراق
خلاصة الامر يا دعاة النظام الرئاسي الزائفين
اقرأوا اولا و تعلموا من تجارب الدول الاخرى ثانيا و ثقفوا أنصاركم ثالثا
و نهاية اخلصوا نواياكم لله و للعراق قبل ان يتحدث الجميع عن الفساد و الإصلاح
يا اعزائي هناك فرق بين النظام الديكتاتوري ( نسختكم التي تروجون لها) و النظام الرئاسي الذي يتحلى بأبسط معايير الدولة المدنية التي تدعون أنكم تريدونها و هو فصل السلطات الثلاث فعليا لا مزجها بيد الحاكم بأمره .
و السلام على من اتبع الهدى
مقالات اخرى للكاتب