يمكن القول ان كل شيء يبعث على الراحة النفسية او يخفف من المعاناة يسبب الادمان. السلطة واحدة من هذه الاشياء ويصاحبها غرور المال والجاه ما يسهَل الادمان عليها. للحد من خطر الادمان على السلطة وضعت الدول الديمقراطية ضوابط وتشريعات مثل اقالة البرلمان لرئيس الجمهورية ولرئيس الوزراء وتحديد مدة البقاء في السلطة.
في الدول المتأخرة وخاصة العربية منها يصاحب ادمان الحاكم على السلطة ادمان المحكوم على الطاعة. هذا الادمان المتبادل بين الحاكم والمحكوم يديم أحدهما الاخر ما يجعل العلاج مستحيلا.
ادمان المحكوم على الطاعة أخطر من ادمان الحاكم على السلطة لان المحكوم قد يستبدل حاكما اسوء من الذي قبله وهذا ما حدث في الربيع العربي الفاشل.
ادمان المحكوم على القبول بالظالم وبظلمه سببه الخوف ثم اليأس اللذان يؤديان الى السمع والطاعة ثم الى التمجيد والتقديس وهذا ما يحدث خاصة في دول الخليج. وضع المحكوم في دول الخليج يختلف عن وضعه في الدول العربية الاخرى بسبب كثرة مال الحاكم والتصدَق به على المحكوم ما يعزز ادمانه. القاب مثل الذات الملكية والذات الاميرية ليست معيبة فقط وانما مخالفة للدين لأنها تضفي عليهم نوع من الربوبية وهم فاسدون فاسقون.
وثيقة من السفارة الامريكية في الرياض نشرتها وكي ليكس تشير الى ان اميرات وامراء السعودية ينهبون 200 مليار دولار سنويا كمصرف جيب تصرف في مواخير القمار والدعارة والمخدرات.
الرفاه الاقتصادي أفقد الخليجي مفاهيم انسانية كحرية الرأي والمعتقد واختيار الحاكم ما مكَن ملوكا وامراء جهلة علميا وثقافيا وانسانيا من البقاء في الحكم عقودا طويلة وكأنه امر إلهي.
البدعة الوهابية ووعاظ السلاطين من امثال القارض يوسف القرضاوي لهم دور مهم في هذا المجال ولكن بمرور الوقت أصبح لبدعة طاعة وليَ الامر جذور وراثية. بعض الخليجيين عاشوا سنينا في أوربا وامريكا لغرض العبث او للتعلَم مع ذلك لم يتخلصوا من جمودهم الفكري ما يعني ان البيئة وحدها غير كافية لحدوث تغيير. بعض هؤلاء يتهم من ينتقد الوضع في الخليج بالغيرة والحسد لان الخليجي مرفه ماديا وهذا دليل على تخلفهم الفكري.
بعد التغيير في العراق وبسبب ديمقراطية الفوضى وبدعة القوائم الانتخابية المغلقة ثم المغلقة-المفتوحة تسلم الحكم فاسدون فاشلون بسبب المحاصصة الطائفية والقومية بينما احتفظ اقليم كردستان بالحكم العائلي.
نهب المال العام الذي غيَر احوال هؤلاء والادمان على السلطة دفعا الفاسدين الى التشبث بالبقاء ومعارضتهم لتغيير ديمقراطية تزوير الأصوات وتجييرها وبيعها.
صلف هؤلاء وفسادهم الاخلاقي تعدى الحدود واصبحت زيادة الطاقة الكهربائية لمدة ساعة او زيادة راتب الموظف الشهري الذي لا يكفي لمدة اسبوع 20% منّة وصدقة يتغطرسون بها بدون خجل او وجل. هؤلاء الفاسدون يغدقون على أنفسهم الملايين من مال المواطنين بغير حساب بينما يقَترون على المواطنين حقوقهم.
الحاكم الخليجي ينهب ويدع الناس ينهبون بينما الحاكم العراقي ينهب لوحده ومع افرد عائلته. اعراض الادمان على السلطة لدى الرئاسات الثلاثة وتوابعها تزداد يوما بعد يوم والمطلوب من المواطنين الذين ذاقوا الامرين قبل التغيير ان لا يدمنوا على السمع والطاعة ويتخلصوا منهم قبل فوات الاوان.
من علامات ادمان المواطنين على الطاعة والقبول بالفساد:
أولا: القاؤهم اللوم على الفاسد لينامو مستريحين بدلا من لوم أنفسهم لأنهم كرروا خطأ انتخابه 3 مرات متتالية. المدمن على الحشيشة او المسكرات يلوم الحشيشة او الويسكي بدلا من لوم نفسه.
ثانيا: القناعة بان التغيير اما مستحيل او استبدال الفاسد بمن هو أفسد منه. التغيير ليس مستحيلا وقد ازيح شاه إيران وحسني مبارك وزيد بن على ومعمر القذافي مع ان هؤلاء ادمانهم على السلطة أطول من فاسدينا.
قد يقول البعض ان سبب التمسك بالفاسدين هو الطائفية المذهبية والقومية وهذا غير صحيح لان الشيعة لديهم بديل أفضل وكذلك السنة والكرد.
إزاحة فاسدينا أسهل مما متوقع للأسباب التالية:
أولا: الثراء بعد نهب المال العام يوفر لهم بدائل لترك السلطة
ثانيا: اكثرهم لديهم وطن بديل يعتبرونه أفضل من العراق أي انهم حرامية ضيوف نهبوا ما فيه الكفاية.
ثالثا: عوائلهم تسكن خارج العراق تنعم بما لذَ و طاب.
رابعا: الخوف من ان يقتلوا كما قتل معمر القذافي او يسجنوا كما سجن حسني مبارك.
المقترحات التالية تصحح الوضع:
تخفيض الرواتب للرئاسات الثلاثة وتوابعها على ان يكون اعلى راتب 5 ملايين دينارا شهريا مع شطب كافة الامتيازات. هذا التخفيض سيدفع هؤلاء الحرامية الى ترك المنصب لان الراتب تافه بالنسبة لهم ولأنهم شبعوا من المال الحرام.
هذا التخفيض حل آني ويجب ان يتبعه تغيير جذري في قانون الانتخابات استعدادا للمستقبل.
أولا: يقسم العراق الى دوائر انتخابية دائرة لكل 100 ألف مواطن.
ثانيا: المرشح من أبناء الدائرة حصرا للتأكد من كفاءته ونزاهته.
على سبيل المثال نواب بغداد جلَهم ان لم يكونوا كلَهم أجانب أي لديهم أكثر من جنسية ولا نعلم عنهم شيئا سوى انهم حرامية.
ثالثا: تفرز الأصوات بعد انتهاء مدة التصويت مباشرة بحضور المرشحين والفائز من يحصل على أكثرية الأصوات مهما كان عددها ما يمنع التزوير والتجيير.
رابعا: انتخاب مرشحين مستقلين اكفاء نزيهين لكيلا يخضعوا لضغط احزابهم
خامسا: يعطي الحق للناخبين لسحب الثقة عمن انتخبوه في حال اثبات تقصيره او فساده.
سادسا: تشكيل حكومة اغلبية برلمانية بعيدة عن المحاصصة والمشاركة والمقبولية التي يروج لها الراقصون على كل الحبال من المعممين والافدية.
الخراب المالي والخدمي والسياسي الذي يسود العراق سببه هذه المفاهيم الانتهازية فلماذا نكررها؟ افتونا مأجورين يا شباب العمائم والجبب الحريرية وياء افندية البدلات والأحذية الايطالية.
الكرد لا تروق لهم ديمقراطية الأغلبية البرلمانية لأنها تحَد من نفوذهم وسيطرتهم على بقية العراق. كردستان دولة مستقلة واقعيا تتدخل في كل صغيرة وكبيرة بشؤون بقية العراق بينما رئيس الوزراء الاتحادي لا يمكنه زيارة دولة كردستان بدون فيزا.
السنة في العراق لا تروق لهم ديمقراطية الأغلبية البرلمانية لأنهم مدمنون على الحكم منذ تأسيس الدولة العراقية ولم يتخلصوا من ادمانهم بعد 2003.
باختصار: الكرد السنة مدمنون على الابتزاز والعرب السنة مدمنون على الحكم والشيعة مدمنون على الخنوع ما يعيق تأسيس نظام ديمقراطي سليم. الحل السلمي الأفضل ان يمارس كل فريق ادمانه لوحده كدولة كردية و أخرى عربية سنَية و ثالثة شيعية و مع الف سلامة.
مقالات اخرى للكاتب