حسنا, مات وأنتهى كل شيء. لا جدوى للحديث عن ذلك الرجل سوى للعبره لمن يعتبر وما اقل من يعتبرون في بلادنا التي صار الاعتبار فيها يقاس بمقاييس عجيبة وغريبه.
عجوزٌ محنيُ الظهرِ على (عربانه) يرافقه ابنه ليساعده في حمل اغراض الزبائن في مشهد اقل ما يقال عنه انه مشهد رهيب. يسكن التجاوز, لديه عائله كبيره يعيلها وابنه من تلك العربه (بس لو اعرف ليش الفكَر فوكَ ضيمه تلكَاهه مسويله درزن جهال؟) هو معروف في احدى مدن الجنوب اسمه (أمير) لكنه في الحقيقة لا يملك امارة ولا ملكا ولا حتى مرتبا من دوله تطفو على خير الله الذي جعله الفاسدين نقمة اهله وسبب بلاءهم الازلي.
ونظرا لكون حالته تبكي القلوب قبل العيون سعى له احد الخيرين لتوظيفه كعامل خدمه او حارس ليلي في اية دائرة او مدرسه متوسلا بكل من لديه غيره وحميه لإنقاذ هذا الرجل الذي لا يملك القوه بجرّ عربته تلك, وفعلا ارتضى رئيس احد الدوائر تعيين هذا الرجل كحارس بأحدى المدارس القريبه, ولكن الجرأه على سرقة لقمة الفقير جعلت من البعض يصرّ على الغاء تعيين ذلك الامير بحجة ان تعيينه يعد لونا من الوان الفساد الاداري لكون ترشيحه جاء بصوره منفرده وهو ما لا يمكن قبوله بشفافية التعيينات ونزاهتها!!.
حين عاد ذلك الرجل بخيبة انقاذ امير قال له : عمّي اعذرني, ثق بالله سعيتلك عند الخيرين واهل الله ومقاصروا بس اهل الباطل صوتهم اعلى من صوت اهل الله, حط عينك بعين الله وربك كريم) وهكذا انتهى الامر وظل امير اميرا لمملكة عربته وفقره.
قبل ايام اتصل بي احد الاصدقاء وابلغني بأن أمير لقي حتفه بحادث مروري رهيب بعد ان دهسته شاحنه على الطريق الخارجي للمدينه هو وعربته تاركا خلفه عائله تسكن التجاوز بشبه بيت وفقدان المعيل وعربه محطمه. حزني شديد على أمير الفقراء الذي راح ضحية فقره وجرأة النزيهين على ان يبقى بلا وظيفه تمنعه من الوقوف خلف عربته امام تلك الشاحنه التي انهت رحلته بدنيا رفضت انت تعطيه العون لانه فاسد وفقير مع سبق الاصرار والترصد!
مقالات اخرى للكاتب