جرائم حزب البعث في العراق لا تعد ولا تحصى ، وما يدعو للاستهجان ان ينبري البعض للدفاع عنه في محاولة لانقاذ رقبة هذا الحزب المجرم بحق العراقيين ، البعث الذي استمر يمارس جرائمه خلال العقود الاربعة الماضية ، ولم يسلم ابناء شعبنا من جرائمه حتى بعد الخلاص من النظام الصدامي المجرم .
ان ما يثلم صدقية دعاة تحريم حزب البعث هو قبولهم انتقال العديد من رموزه وعناصره المجرمة والفاسدة الى الاحزاب السياسية الحاكمة بحجة التوبة ، ازلام البعث الذين ادركوا سذاجة المسؤولين في قمة الهرم السياسي ، وفهموا ان الامر لا يحتاج سوى الى اطالة بعض الشعيرات في اللحى ووضع الخواتم في اصابع اليدين وترديد بعض الاهازيج مقرونة بايات الدعاء للمقامات العليا.
يقارن الكثير من دعاة المصالحة مع حزب البعث الامر مع المصالحة التي حدثت في جنوب افريقيا او العفو الذي اصدره اقليم كردستان بحق المتعاونين سابقا مع النظام الدكتاتوري لصدام من فرسان والذين اطلق عليهم الكرد لقب جحوش احتقارا لهم .
ان المقارنة بين هؤلاء وبين حزب البعث واتباعه ليس لها اي وجه للمقارنة ، اذ ان البيض في جنوب افريقيا اعتذروا عن اعمالهم الماضية وجرائمهم وطلبوا العفو من الضحايا وذويهم ، وفي كردستان يعلم الجميع قيام النظام باجبار الاف الكرد وشيوخ العشائر على الانخراط في جيش النظام وحرسه ، ورغم ذلك كان الكثير منهم يتعاونون مع البيشمركة سرا ، لذلك لم ينس قادة اقليم كردستان تعاطف هؤلاء القوم الذين كانوا مجبرين على السير بركاب النظام مقابل ضمان سلامتهم او سلامة قراهم وعشائرهم ، ويعلم قادة الاقليم واحزابه السياسية ان عودة هؤلاء الذين كانوا محسوبين على النظام الى الحياة المدنية والطبيعية ومنحهم فرصة العفو ستزيل عقبة في طريق السلم الاجتماعي المنشود طالما اصبحوا دون قوة تهدد امن الاقليم ، على عكس البعثيين الذين شدوا الاحزمة وتمنطقوا بالاسلحة والاموال التي نهبوها سابقا ليعيثوا فسادا من جديد بالتعاون مع الارهاب العالمي والمحلي ، واصبحوا اداة لكل من يريد الاضرار بالشعب العراقي سواء من الدول الاقليمية او من الحاقدين والموتورين في الداخل الذين لا يستطيعون العيش الا بصفة البلطجية المجرمين كي يتمكنوا من تحقيق مآربهم والاستيلاء على السلطة من جديد مثلما فعلوا سابقا ، وهم على استعداد للتعاون مع الشيطان ضد ابناء بلدهم من اجل مصالحهم الانانية الضيقة .
مثل هؤلاء لا يمكن منحهم فرصة التنفس من جديد في واقع امني هش فيه الكثير من المنافذ التي تساعد على نمو الطفيليات المجرمة لتعود لنفث سمومها في جسم الوطن .
على القوى السياسية ، بضمنها تلك القوى المحسوبة على التيار العروبي والقومي ، ان تعمل على بناء الثقة وارساء اسس الدولة الدستورية المؤسساتية ، وخلق جيش وشرطة وطنية عابرة للطوائف والولاءات العشائرية ، حينذاك بالامكان الاطمئنان الى فسح المجال لمن يريد العمل كحزب سياسي يؤمن بالنشاط السلمي ان يعود الى الساحة سواء اكان بعثيا او قوميا او علمانيا ، اما ان يفسح في المجال لهؤلاء الذين مازالت الدماء تقطر من اطراف اصابعهم التي نشبت في اجساد الضحايا من ابناء شعبنا فيجب ان يعيد مجلس النواب حساباته الف مرة قبل ان يمرر مثل هذه المصطلحات المربكة للواقع السياسي الهش القائم على تقاسم السلطة طائفيا وقوميا ومذهبيا ، وكأن هذا التقسيم الكارثي لا يكفي لتدمير البلد ليستعينوا معه بحزب البعث واتباعه الذين ادانتهم السماء قبل الارض ، ونبذهم الواقع قبل ان يقصيهم القضاء من سماء العراق .
مقالات اخرى للكاتب