معركة صلاح الدين سيتحدث عنها التاريخ كثيرا، وستقف عندها الجنرالات، لتأخذ منها العبرة، لأنها ستغير خارطة الهيمنة العالمية، ونتائجها تمتد إلى زمن بعيد، ولأنها أخرست السن طالما نبحت، لتمزق وحدة النسيج العراقي، إنها النصر الذي انتظره العراقيون كثيرا، بينما كانت بمثابة الكابوس، والهزيمة النكراء لقوى إقليمية وربما عالمية أيضا.
التلاحم الذي حصل بين كل المكونات العراقية، وتناغم الرئاسات الثلاث، والتوجه نحو العدو الأساسي وترك الأمور الثانوية، والتخطيط الجيد للمعركة، وبخبرات عسكرية عراقية، لها باع طويل في الحرب، إضافة إلى خبرة المستشارين الإيرانيين، واستخدام أسلحة متطورة حديثة، كان لها دور كبير في حسم المعركة.
الحشد الشعبي وقادته أصبح قوة وطنية لا تقهر، مما أعطى زخما كبيرا للمعركة، ونشر الذعر بين أفراد داعش، كما إن عدم مشاركة قوات التحالف بهذه المعركة، أعطى أريحية للقادة الميدانيين، في التركيزعلى أفراد العدو، دون الالتفات الى نيران القوات الصديقة التي تكررت سابقا.
سلاح الجو العراقي، كان له هيمنه كبيرة على ساحة المعركة، وتمكن من تقطيع أوصال داعش المتهرئة ومشاركة طائرات الاستطلاع، ساهمت بشكل فعال، بكشف خطوط وإمدادات العدو، بالإضافة إلى استبسال قوات مكافحة الإرهاب، والفرقة الذهبية والشرطة الاتحادية.
الحضور الميداني الدائم لرموز دينية وسياسية، وسيطرة صوت الاعتدال والوسطية، والتزام المقاتلين بتوجيهات المرجعية، أدى الى إسكات أصوات النشاز، التي كانت تمني النفس، بأن تكون هذه المعركة معركة طائفية، أو معركة ثأرية، وليست معركة وطنية، ضد قوى خارجية محتلة..
الحضور الميداني لقادة الحشد الشعبي، والقادة العسكريين، كقيادة قوات صلاح الدين وسامراء وديالى، مشاركة أبناء المحافظة الأبطال ومسؤوليها الشجعان، قلل أخطاء المعركة مع المدنيين، وقصر من أمدها، لكونهم يعرفون مناطقهم أكثر من غيرهم.
كان للإعلام دور كبير في رفع معنويات المقاتلين، وحضور مراسلي القنوات الفضائية، الى الجبهات الأمامية، جعل المقاتلين، يشعرون بنشوة الانتصار قبل تحققه.
الهجوم من عدة محاور، فمن الجنوب انطلقت طلائع الأبطال، لتقتحم مكيشيفة وعوينات والزلايه فالعوجة، ومن الغرب تمت السيطرة على منطقة الديوم والاعيوج، وصولا إلى مطار تكريت الجنوبي، لتلتحم بقوات الجنوب، ومن الشرق قرية البوعجيل المقابلة للقصور الرئاسية، ثم ناحية العلم شمال تكريت والدخول إلى حي القادسية، ثم مطاردة الهاربين من قادة داعش، حتى منطقة الفتحة فالحويجة شمالا.
قد يكون ما ذكرناه آنفا، ليس إسرارا عسكرية، ولكنها الأسرار التي صنعت هذا النصر العظيم، الذي سيبقى في الذاكرة طويلا، وسيتحدث عنه المحللون والعسكريون، وسيقال أن صلاح الدين انتصرت، وعادت الى حضن الوطن، بسواعد أبناءها وكل العراقيين الشرفاء.
مقالات اخرى للكاتب