البعض يسمي حتى النقد ضد التصرفات والسلوكيات والمواقف الخطأ التي يمارسها السياسيون في الحكومة او البرلمان بأنها (تسقيط سياسي) ليس ألا ،وليس غريبا ان يتحول (الاستجواب) في البرلمان ايا كان سببه الى تسقيط سياسي ايضا ! وكأن لا وجود لفساد سياسي واسع، وليست هناك أتهامات تطال البعض كونهم متورطين بالارهاب او الجريمة المنظمة،او ليس هناك من باع نفسه للاجنبي من اجل مصالحه الخاصة! حتى ان رئيس الوزراء في منتدى السليمانية يصرح بوضوح بأن بعض المشاركين في الدولة لا يريدون أن يكون العراق دولة قوية بل يريد أن يكون هو اقوى من الدولة!
وبالرغم من ان الحروب تفرض على كل سياسيي العالم ان يتركوا خلافاتهم ويظهروا امام العدو كأنهم متوحدون، الا السياسيون في العراق فهم يجدون في المواقف المفصلية فرصة لأعلان خلافاتهم وأشهارها امام شاشات الفضائيات بل يضيفون اليها ما يجعل حتى الانتصارات الوطنية على داعش ليس لها قيمة !
مؤتمر لقيادات سنية في اسطنبول ،توقيت غير سليم وخاطئ،حتى ان بعض القيادات السنية طالبت برفع قضايا ضد من يشارك في هذا المؤتمر التي تفوح منه رائحة التقسيم في بلد له مواقف طائفية من العراق ويتذرع المتحمسون للمشاركة بقولهم بما يعني (لا ارحمك – يقصدون بالتحالف الوطني- ولا اخلي رحمة تركيا تنزل عليك) ،في الوقت الذي يقترب الحسم من تحرير الجانب الايمن من نينوى ،والبعض يستغل صعوبة المعركة وزيادة النازحين للضغط على الحكومة والقوات المشاركة بالتحرير لتضخيم المآسي والمتاجرة بها ،ومنهم من يضيف عليها أفتراءات بحجة وجود خروقات وتجاوزرات على حقوق الانسان في هذه المعركة !حتى يصل الاختلاف حول اهمية الحشد الشعبي وكيفية معالجة هيكلية هذه القوات ومقدار رواتبهم ،في الوقت الذي تسيل الدماء في ساحات القتال وتحقق القوات المآثر البطولية!
وتختلط المشاريع من حرب طاحنة لدحر داعش ، الى البدء مبكرا بتجهز البعض نفسه للانتخابات ،وايجاد صيغ جديدة لطرح القوائم والشخصيات القديمة لنفسها وهي تتبنى مواقف وعناوين تتناقض مع هويتها – الاسلام السياسي- فنرى شخصية تمثل حزبا اسلاميا تصرح بأن الحل في (الدولة المدنية) وشخصية متنفذة لحزب اسلامي آخر يدعو الى الاغلبية السياسية واعادة المركزية للحكم، وهناك بالونات اختبار تتحدث عن اقامة دولة كردية واقليم سني ،وليس هناك الا ما ندر من يتكلم بوطنية ،تنصف المظلوم ،وتكافئ المضحي، وتنقذ النازح ،وتقضي على الفقر والبطالة ، وتنهي الفساد، وتعيد اعمار المدن المدمرة وتحقيق العدالة الاجتماعية !
ومنذ 2003 وحتى الان والناس تشتم في وضح النهار هؤلاء السياسيين الذين دمروا البلد ولمعاودة السب والشتم والكلام السيء حتى تعتاده النفوس فلم يعد يثير السب غضبهم وزعلهم لأنه اصبح جزءا من شخصيتهم ، كما في قصة المثل “ترس ..ترس لما انترست أذنه”.
(شاب من الريف وسيم جاء الى بغداد رأى عاهرة جميلة اعجبته واعجبها وأرادت الاستفادة منه خاصة وهو ليس من اهل بغداد !فأتفقت معه بأن تبقيه بالبيت وتكون مسؤولة عن مأكله ومشربه وملبسه ومنامه وتكون تحت تصرفه،وما عليه سوى أن يجمع لها الدراهم من زبائنها !وافق الشاب وبقي في بيتها يلتذذ بالماكل الشهية وينعم بالفراش الوثير ،ويلتذ بمواصلتها ،وذات ليلة قال له احد الزبائن السكارى (ترس) فسقط الشاب من على كرسيه مغمى – لأنه لم يسبق لأحد ان اسمعه هذه الكلمة النابية- فما كان من السكران ألا أن جثا بجانبه وقرب فمه من أذنه ،واخذ يكرر عليه كلمة ترس !! ترس!! عدة مرات حتى زال اغماؤه وفتح عينيه ،وكان السكران مستمرا بتكرار هذه الكلمة فخفت على سمعه وأصبحت مألوفة لديه ولا يستنكر من توجيهها اليه).
مقالات اخرى للكاتب