طالما شهدت الفترة السابقة من الحكم، استفرادا في القرار، وأنانية مفرطة في اختيار قادة الجيش ورؤساء الهيئات المستقلة والوزراء أحيانا، كانت نتيجتها احتلال ثلث العراق، وإحتلال المركز الأول عالميا في هدر الأموال، وسنوات من الضياع، دفع ضريبتها المواطن المسكين.
بما أن ذاكرة المواطن البسيط صغيرة جدا، وقد ينسى الى حد السذاجة أحيانا، وتجربة الأمس الفاشلة والتي لم يرضى عنها، حتى من نفذوها، نشط تلك الذاكرة السيد المالكي عندما قال قبل أيام: "أننا فشلنا في إدارة الدولة، ولا يجب أن نعود للحكم" التصريح مدعاة فخر ووسام شرف لكل من عارض سياسته الرعناء، وهي بمثابة ثوب عهر، ووشاح ذل لا يجب أن يخلعه، كل من سانده وأيده في تلك الفترة المظلمة.
عشرون هيئة من الهيئات المستقلة الخمسة والعشرين، كان يشغلها موالون لدولة القانون، وضعوا بالوكالة من قبل السيد المالكي، لينفذوا سياسات البؤس والشقاء، ويحطموا الأرقام العالمية في نسب الفساد المرتفعة ونسب الانجاز المتدنية، وكل القادة العسكريين عُينوا بذات الطريقة، وهربوا من الموصل عند سماعهم أول صوت "هورن" لسيارات داعش.
اليوم يُراد لعقارب الساعة أن تعود للخلف، وتنتهج نفس السياسة السابقة، فالسيد العبادي الذي صفقنا له وهللنا كثيرا، وقد دمعت عيون بعضنا فرحا، حتى نتخلص من ذل "سبايكر" وعار احتلال الموصل، ومعالجة فساد الدولة، يفاجئنا بل يصدمنا رئيس الوزراء بتعيين أثنين من الفاشلين كرؤساء لهيئتين بالوكالة، بعد أن كان ظنُنا حسنا، حينما عَيَنَ بالوكالة، "علوش" القريبة من دولة القانون لأمانه العاصمة.
لو كان العبادي صادقاً في تمشية أمور الدولة، عند عدم وجود توافق على طرح أسماء رؤساء الهيئات، لعَيَنَ المستقلين أو الشرفاء، وإن كانوا ليسوا من قومه، أو من جماعة قائد الأمس وتابع اليوم "المالكي"، أو على الأقل يناقش الأمر مع أعضاء التحالف، لكن ما نراه اليوم من العبادي، ليس كما سمعنا منه بالأمس.
كنا نعتقد بان السيد مقتدى الصدر يوجه فقط عندما ينتقد الحكومة، وكنا نعتقد بأن السيد الحكيم يعطي إشارات للمنظور البعيد، عندما يتحدث عن الشراكة والفريق القوي المنسجم، ويُعيدها على مسامع الحكومة بين الفينة والأخرى، لكن يبدوا أننا قاصرون، وذاكرتنا تخذلنا دائما، فالأمور تتجه نحو دولة الوكالات التي شبعتنا مرارة وذلا.
"المشاركة لا تأخذ الوكالة وتدير ظهرك، وحكمتنا لا تعني السكوت على النهج الخاطئ"، هكذا تواترت وسائل الإعلام يوم أمس ما قاله الحكيم، وهذا التحذير قلما نسمعه من هذا الرجل، فهو دائم النصح والتوجيه للحكومة.
لو أردنا أن نلتمس للعبادي عذرا، لوجدناهُ في المناصب العسكرية، أما في غيرها فالدلائل تشير على أن الحمل الوديع توهم ظهور أنياب الأسد، وبدأ بتجريبها مع من أوصلوه إلى العرين وسدة الحكم.
مقالات اخرى للكاتب