من خلال ألأعلان لشركة اتصالات ودعوة الفنان الكبير كاظم الساهر لأداء أغنية تمجد الشركة في إنجاز إعلان تجاري لايلبث أن تطويهِ مغلفات النسيان بسرعة البرق من قبل أبناء العراق البؤساء وحتى العالم. دققتُ النظر في طريقة إعداد ألأعلان ساعات طويلة وشاهدتُ ألأستعدادات العملاقة – المكلفة جداً – لذلك ألأعلان. خطرت على ذهني آلاف الصور ألأخرى التي يمكن أن تكون في ذلك الرمز التجاري- ولن تكلف نصف ماصُرِفَ في تحضير وإنجار الدعاية التجارية – ربما يقول قائل من باب التعليق أو المكابرة أو أشياء أخرى ” ..أن ألأعلان التجاري علم وفن وصرف أموال طائلة …” . نعم . هذا صحيح ولكن لو كان ألأعلان قد تم تنفيذهُ على أرض الواقع العراقي لكان أكثر مصداقية وأشد تأثيراً على النفوس القلقة الحائرة التي تعيش هنا على أرض العراق. تمنيتُ لو أن الساهر كان يسير أو يمشي بين فقراء مدينة الثورة أو الرحمانية أو المناطق ألأخرى الفقيرة وأعد أغنية جميلة مؤثرة عن معاناة بغداد وربطها بألأعلان التجاري أو حضر عرساً حقيقياً لعائلة فقيرة أو سار في أسواق الشورجة بين عشرات المحلات أو دخل بيتاً واهناً لعائلة فقيرة لكان ألأعلان أكثر تأثيراً على النفس العراقية. بطريقةٍ بسيطة جداً لو حسبنا تكاليف كل تلك المواد التي صُرِفَتْ على ألأعلان من أعداد بيوت خشبية خاصة وأعمال نجارة لبيوت ومحلات وهمية وعمال ومهندسين ماهرين لتصميم تلك البيوت الخشبية لوجدنا أن ما تم صرفه على ألأعلان سيكون مبلغاً خيالياً ممكن أن تبني مدرسة للأطفال أو ترميم عشرات المدارس المهشمة في كل البلاد. بنظري الشخصي كان ألأعلان قد أثار حشرجات وآهاتاً داخلية جعلتني أفكر بتلك العوائل النازحة التي تحلم بأبسط شيء وهي تتألم تحت ألأمطار أو حرارة الشمس الملتهبة في الصيف. كل شيء كان مزيفاً لايرمز الى العراق ولا شعب العراق. مجرد أموال بعثرت في مهب الريح. لو أن الشركة خفضت سعر منتجها ووضعته في ألأعلان لكان تأثير ذلك أعظم بكثير. خلاصة القول أن ثمن ألأعلان الباهظ سأدفعه أنا وأنت وأنتم وكل الطبقات المسحوقة من خلال تلك الزيادة التي فرضتها علينا الشركة. هذه هي الرأسمالية ليس لها علاقة بألأنسان المسحوق بقدر ماتفكر بكمية ألأموال التي ستجنيها من خلال عملها هنا في بلد لم يعد أي شيء سوى بقايا حضارة لم يعد لها وجود . لو كنتُ في مكان الساهر لرفضت فكرة بناء مدينة مزيفة تمثل بغداد ويكون شرط القبول هو التصوير على أرض الواقع بين أبناء العراق الفقراء .
مقالات اخرى للكاتب