أعتذر عن حلمي الأسود
أمتلأت السوق المحلية العراقية ، بكل ما هو أجنبي ، وغاب عنه كل ما هو عراقي ، بدأ من علب الكبريت ، والعلوك ومساحيق التجميل والغسيل ، واللحوم الحمراء والبيضاء ، الطازجة والمجمدة والقيمر العراقي يصناعة كويتية ، وانتهاء بعمال الخدمات والتنظيف الذين ألفنا مشاهدتهم في حارات كرادة بغداد ، بكرخها ورصافتها وموالات المنصور والكاظمية ، ومحافظات كردستان والبصرة وبابل وكربلاء و.. و..
ثم ماذا بعد ؟
اعرف ، ان السؤال ليس في محله ، لأنه صرخة في واد سحيق لا قرار له ، وجوابه بات أمرا معروفا للجميع ، وهو ان هناك من يسعى لتدمير البنى التحتية ، لبلد كان من المؤمل ان يغادر يوما مربع ( دول العالم الثالث ) ليدخل مضمار الدول المتقدمة صناعيا وتربويا ، لاسيما بعد ان سجل العراق انتصارا على الأمية من خلال برنامج تم بأنجاز عراقي بحت ، اشادت به الامم المتحدة ومنظمة اليونسكو ..
نعم ، لست متفاجئاً بجوهر سؤالي ، وجوابه المعروف ... فمن قراءة خارطة عراقنا اليوم ، اجد ان الحال سيبقى كما هو عليه الآن ، طالما ان النظر يحوم حول القرابة والمحسوبية على حساب الوطن، والكفاءة ، لذلك نرى معظم الخطط ، والمشاريع الحالية مجرد نسخ مكرر، وأشباح وظلال لمخططين ، بعدين عن الزمن ، والكثير من تلك الاعمال ، هي بنى هرمية ، مسلوبة الروح والجسد !
بات معلوما ان ، بناء الأوطان ثقافة مستمرة تترجم إلى ممارسات عملية تقود إلى التطوير المستمر، وتثمر نتائج تمثل أهداف كل بلد يتجه الى تحقيق ذاته ، وتسجيل اسمه في يافطة الحياة المتقدمة .
وأهم ركيزة للبناء والنجاح هو الرأسمال البشري ، فهل سعيّنا الى تنمية هذا العامل البشري ؟ اكيد ، مؤكد ، أقول كلا ..!!.
فلو نظرنا الى خارطة البطالة في العراق ، وجميع ركائزها من الشباب ، والى الكم الهائل من المتسولين في طرقات الأزقة وفي ساحات المدن ، والى سكنة العشوائيات ، والى العودة الرهيبة في ارتفاع نسبة الأمية من الصفر الى 60 % بين صفوف الشباب ، الى جانب هدر ملايين الدولارات تحت مسمى جديد في العراق هو ( الفساد المالي والاداري ) ... لو نظرنا الى كل ذلك ، فأن الأمل بعودة عراق معافى هو حلم مؤجل ... ربما الى عقود من الزمن !!
يارب ، ابعد عني هذه الرؤية السوداوية ، واجعل ضوء الشمس ، دائمة السطوع ، فبلدي ، وشعبه يستحقان كل نماء وخير وسعادة ..
ما انبل القلب الحزين الذي لا يمنعه حزنه من ان ينشد أغنية مع القلوب الفرحة ..
مقالات اخرى للكاتب