حين تُقُبِّل الله من أحد ابني آدم ولم يُتَقبل من أخيه الآخر لأن الله يتَقَبل من المتقين ، قال لأقتلّنَكَ .. فردَّ عليه بقول جميل .. لأن بسطت إلي يدك لتقتلني مآ أنا بباسط يدي اليكَ لأقتلك ..فطوعت له نفسهُ قتلَ أخيهِ فقتله ، أجد أن من بين المعاني الواسعة والكبيرة التي أرادها الله في هذه الحادثة والتي وردت في الآيات (27-32) من سورة المائدة في القران الكريم ، أن يتحاور البشر فيما بينهم وسماع الرأي الآخر ، فما قاله الأخ لأخيه كلمة حق ..هي النصيحة .. ليكون من المتقين الصالحين ، لكنه اغتاظ منه فاستخدم العنف فقتله ليصبح من النادمين .. وما أقساها من عقوبة في هذه الحياة الدنيا ، ليكتب الله أنه من قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ، نعم أجد في الحادثة درساً بليغاً ، فما أكثر من قتل من الصحفيين والكتّاب لمجرد كلمات هُّم سَطّروها على ورق لم يجبروا أحد على أن يكونوا كما يكتبون ، لكنها كلمة و” الدين النصيحة ” وأن الله عزَّ وجلّ خلق الناس منذ أن ولدتهم أمهاتهم أحرارا وأوضح لهم السبيلين فإما شاكراً وإما كفورا والله يحاسب فيعاقب ويجزي في الدنيا والآخرة على وفق ما نختار من عمل نعمله ، وفي الآخرة لا يترك الله سبحانه صغير ولا كبيرة إلا وقد أحصاها ..أما بين البشر فلا يجوز أن يحاسب أحدهم الآخر بطريقة إنهاء الآخر بما هو غير مشروع مهنياً وقانونياً ، بكون سبل الرد المشروعة كثيرة منها ، التحاور والرد المكفول بالنشر لبيان الحقيقة من الطرف الآخر، حيث أن ليس كل ما يكتب صحيح ومن دون أن يترتب على ذلك كما أشرنا الى ردود أفعال انتقامية ويمكن الذهاب للمحاكم للحكم على وفق القانون والمرجعيات القضائية التي توجب الحكم العادل لطرفي النزاع كما كفلها الدستور العراقي وقوانين النشر ، مع التأكيد على أن الصحفي الناجح هو ذلك المهني الذي يعتمد في كتاباته على صدق المراجع وثبوت الأدلة التي تدعم رأيه حين النشر حيث تكون مادة عامة معلنة تعرضه للمسائلة على وفق ما أشرنا اليه مبتعداً عن كل ما يتنافى والخلق الحسن والقول الرشيد ومتوخياً المصداقية في النشر ، وكذلك الحال في نقل الأخبار والحوادث وتغطية أية موضوعات ، إلا أن أكثر ما يثير الحزن والألم حين يعاقب الصحفي وهو يؤدي رسالته وواجبه المهني والأخلاقي في ساحات الحرب والقتال والأماكن المضطربة لنقل الصورة وكما هي على حقيقتها الى الجمهور ، فيتعرض لشتى أنواع القهر والتعذيب ثم ليقتل بأبشع الطرق على الرغم من أنه ليس مقاتل يحمل بندقية جاء ليقتل بها عدواً وإنما أقلام وأوراق وكاميرة تصوير ويافطة مكتوبة بلغة عالمية واضحة معلومة على صدره وظهره تقول ( صحافة ) ، وقد كان نصيب الصحفيين والإعلاميين العراقيين ومصورين وفنيين مرافقين من هذا القتل أعداد كبيرة لم يشهد لها مثيل من قبل ولحد اليوم في كل أرض الله ، حتى طال القتل لكثير من هؤلاء لمجرد أنهم يعملون في مؤسسات صحفية وإعلامية في المناطق التي سيطر عليها الإرهابيين الدواعش ، الصحفي لا يقتل لأنه صاحب كلمة ومن أخلاقيات مهنته وإنسانيته أن ينقل الحقيقة كما يراها بما يرضي الله أولاً وضميره والناس وبما يساعد على الوصول للحقائق التي تُمكّن ذوي الاختصاص بوضع الحلول الناجعة لأية مشكلة ، تحية لمن اختار مهنة المتاعب في عيد انبثاق نقابتهم السابع والأربعين بعد المائة ، وتحية المجد والخلود لشهدائها ، وتحية الشجعان للسائرين على دربهم من صحفيين وإعلاميين في صورة وفي قلم وفي خطاب صـــادق أمين وفي روعة ارتقاء نقيب الصحفيين العراقيين منصب رئيس اتحاد الصــــــحفيين العرب ، وكل عام والصحافة العراقية والصـــحفيين بألف خير
مقالات اخرى للكاتب