يكتب ليُحــاكي القارئ ويتفاعل معـــه لأنهُ يُعنيه وهدفه المقصــود ، يستفزّه بالأسئلة بكثرتها وتنوعها وفي اللحظة نفســـها يجيب عليها لن يدعه في حيرة وبما لا يتجاوز الواقـــع ليذهب فيه الى الخيال ليظل القارئ والمستمع معه على اتصال ينتظر السؤال تلو السؤال والجواب الشافي تلو الجواب ، وإذا ما تحــدث فكان بصوت عــالٍ مسموع واضح وصريــح يصفها البعض ” بفوضوية خــلاّقة ” ينقد وينتقد من دون أن يخشى لومة لائم ، ويمــــدح من يستحق المديح باعتباره واجباً أخلاقياً من دون مجاملة أو تزّلــف وغالباً ما يعزز قوله بضحكة مميزة ” مسجلة باسمه ” يطلقها عالياً قاصــداً إيصالها لمــن يعنيـــه لا بالسر بل بالعلن لن تغضب الصديق ولن تسر العدو يعني بها ما يريد ، ضحكــة تشرح الصدر وتفصـــح مسالك الدرب من على بســاط أحمر جميل ، هي بصائر لمن يريد أن يبصر كي لا يسقط ، وإن تعثر يتذكر ويعرف كيف ينهض ، عرفته منذ أواسط السبعينات نافع صادق حلو المعشر لا يحب الجلوس على كرسي الوظيفة ولم يديم البقاء فيه وإن فُرض عليه ، يتحرك من دون أن يعجز أينما يدور فكره يدور ليسجل موضوعاته بأحرف من نور في أقصى بقاع الوطن الصغير والكبير استطلع حركات التحرر حيث عاش معها في أقصى غربه الأفريقي ارتيريا والجزائر ، ومثلها في أقصى شرقه في شمال عراقنا الحبيب تسلق الجبال وسكن الوديان وطاف بين الأقوام والأجناس ومن مختلف الديانات يبحث ويؤرخ ويوثّق حيث أتى بوليد جديد قبل أن تنقضي سنوات الثمانينات بكتاب ” رحلتي الى الشمال ” وقد أكون أنا أول الزملاء من خط له بقلمه كلمات الإهداء على نسخة منه وله قبل هذا وبعده الكثير من المؤلفات منها ما يظل متداولاً أجيال بعد أجيال كموسوعة أعلام وعلماء العراق وقد صدر منها لحد الآن ثلاثة أجزاء الأول عام 1990عن دار الشؤون الثقافية والثاني عن مؤسسة الزمان 2009 والثالث عن مكتبة دار العلوم العام الماضي ، هو صاحب مجلة ” الكلمــة ” الواسعة الانتشار في بداية ستينات القرن الماضي ومئات المقالات في الفلسفة والاجتماع ، قضى عمراً يركب الأمواج لقضاء حاجة لزميل هنا وهناك حيث وســعت دائرة معارفــه فاحترمه الكبار قبل الصغار ولم يرد له طلباً ، ما كان يبغي في سعيه هذا جزاءً أو شكورا سوى سعادته والآخرين ، عزيز النفس لم يطلب لها وقد بلغ الثمانين عاماً غير نظارة وقلم وعافية ليزداد علماً وتواصلاً مع القراءة والقرّاء . اللهم حقق لحميد المطبعي مبتغاه ما دامت الأيام فهو الباحث الموسوعي والمؤرخ والكاتب هو الإنســان بكل المعانـــــي والألطــاف والأوصـــاف .
مقالات اخرى للكاتب