من أخطر مخلفات نوري المالكي وتبعاته الثقيلة التي أثقل بها كاهل الشعب العراقي وبوزن ضياع ثلث العراق وتحويل حفنة من الصيع في وادي حوران إلى دولة تمتلك المال والسلاح وتهددنا في عقر دارنا هو انتشار الفساد وسرقة المال العام ، حتى أن المراقبين اعتبروا حكومة نوري المالكي من أفسد الحكومات في العالم في العصر الحديث ، ويبدو أن السيد حيدر العبادي قد أدرك هذه الحقيقة ومن أجل أن يشرع في عمليات اصلاح ما أفسده سلفه فإنه أوعز بتشكيل لجان في دوائر الدولة للتحقيق في عمليات الفساد الإداري والمالي ، ومع أن المهمة لا تبدو سهلة التحقيق لتشعبها وتسللها كأذرع الأخطبوط في مفاصل الدولة إلا أن الخطوة لابد منها وهي مؤشر على توجه رئيس الحكومة الحالي نحو الإصلاح .
ونحن نشد على يد الدكتور العبادي ونأمل أن تكون الخطوة جادة وفاعلة وحقيقية وليست مجرد محاولة ، وخاصة أن الفساد في زمن نوري المالكي أصبحت له مافيات كثيرة لبعض الكتل الحاكمة والشخصيات المتنفذة . ونعتقد أن توجه السيد العبادي الوطني في محاربة الفساد سوف يعزز مكانته السياسية في قلوب الشعب العراقي ، لكن هذه المكانة لن تعزز إلا إذا رأى الشعب العراقي خطوات عملية جادة وفاعلة لمحاربة الإرهاب وارجاع الأموال المسروقة ومحاسبة الذين استغلوا مراكزهم أو مناصبهم في تعيين المئات من الفاشلين في مواقع مهمة في الدولة وعلى حساب المصلحة الوطنية التي ترتأي أن تشغل الكفاءات والعناصر النزيهة تلك المواقع الحكومية .
كما نأمل من السيد العبادي ونحن نبارك له هذه الخطوة أن لايستثني أحدا من المفسدين في حملته حتى لو كانوا من حزبه أو الكتل السياسية التي تتحالف معه فضلا عن الكتل الأخرى الطائفية . ولعل العمل على ملاحقة السراق والمفسدين الهاربين في الخارج هي من أول الخطوات التي يجب الإقدام عليها ، فمثلا تمكن وزير التجارة السابق وبعد سرقة أو حرق مليارات الدولارات تمكن من الإفلات من القضاء بدعم ومؤازرة من السيد نوري المالكي ، حيث عمل على إطلاق سراحه بكفالة مالية تافهة ثم تهريبه إلى لندن . فالتنسيق مع الشرطة الدولية ( الأنتر بول ) يجب أن تكون من أول تلك المهام لإرجاع الهاربين كالسوداني وأيهم السامرائي وحازم الشعلان وكريم وحيد وقائمة طويلة لمن سرق قوت فقرائنا وأطفالنا ويتامانا وأفلتوا من العقاب لعدم وجود رغبة لدى الحكومة السابقة في الحد من ظاهرة الفساد .
مرة أخرى نبارك للسيد العبادي حملته الوطنية ولو أرانا خطوات عملية سوف يرى مباركة كل شعبه .
