أثار منشوري السابق الذي تحدثت به عن هروب نوري المالكي إلى إيران فزع الكثير من محبيه وعشاقه والمخدوعين به ومنتسبي حزبه وائتلاف دولة القانون ، وظهر فزعهم من خلال تعليقاتهم المختلفة التي استخدم بعضهم كلمات مابين الإستهجان أو اتهامي بالمغالاة في كرهي للمالكي بل ذهب أحد ( المتقين) على اتهامي بقبض ثمن على المنشور ، وانتهى بعضهم إلى تساؤل مشروع وهو ( ماذا لو عاد المالكي من إيران ؟ ) وعقبوا بأني سوف أفقد مصداقيتي ككاتب !.. وأنا إذ اسامح كل من اتهمني ومن حقهم ابداء رأيهم بي وبالمالكي وخاصة نحن نعيش مرحلة خطيرة من مراحل التصحيح .
وهنا أحب أن اجيب على هذا التساؤل بالتحديد ، لكن قبل كل ذلك علينا أن نفهم جيدا أن إيران دولة لها ستراتيجيتها الخاصة في التعامل مع شعوب المنطقة ومنها العراق ، وهذه الستراتيجية تغلب أولاً مصالحها وقد تتقاطع مع مصلحة الشعب العراقي ، كما أن علاقتها مع الرموز السياسية في العراق هي الأخرى تتحكم بها المصالح الإيرانية ، وانا ممن واكب طبيعة العلاقات العراقية الإيرانية طيلة الأربع عقود الماضية وهضمتها بشكل جيد ، ولم أزل اتذكر كيف أن المصالح الإيرانية كانت خلال الثمانينات تمزق المعارضة العراقية بتقريب ودعم السيد محمد باقر الحكيم ( المجلس الأعلى ) ومنحه كل الدعم على حساب حزب الدعوة وبعض التيارات الأخرى اسلامية وليبرالية ، وكيف كانت مصلحة إيران في إغلاق المدارس العربية للعراقيين في مشهد وطهران وقم وإجبار أطفالنا على الدراسة باللغة الفارسية ، تلك مجرد أمثلة وهي كثيرة . وأنا لا ألوم إيران على ذلك فمن حق كل أمة أن ترجح مصالحها على الغير وهي صفة تتصف بها كل شعوب العالم ، ولذا فإن دعوة نوري المالكي في هذا الظرف الدقيق ، أبدا لايعني أن إيران تدعم المالكي أو أنها تقف ضده ، نعم هي تدعمه وتحميه وتضمن له حياة آمنة من بطش الشعب ولن تسلمه إلى أي محكمة مستقبلاً ، إذا كان ذلك يصب في مصالحها وليس مصلحة العراق ، وهي أيضا ربما تجبره على مغادرة طهران إلى العراق أو أي بلد آخر بعد انتهاء المؤتمر العلمي السادس الذي يحضره ، فالإيرانيون لن يجازفوا بمصالحهم من أجل شخص سرق شعبه وأدخل وطنه في أتون فتنة ، ولذا فإن الأيام السبعة القادمة سوف تكشف لنا مصيره وحيرته ، فالأخبار في داخل العراق تتحدث عن قرب قراءة تقرير لجنة التحقيق في سقوط الموصل ، وثمة أخبار شبه مؤكدة من أن المالكي على رأس قائمة المتهمين بهذه الكارثة مع مدير مكتبه فاروق الأعرجي وضباطه المدللين عبود قنبر وعلي غيدان ومهدي الغراوي ، كما أن لجنة التحقيق البرلمانية قد انقسمت على نفسها بسبب المالكي نفسه ، فأعضاؤها من دولة القانون تحاولون إجبار حاكم الزاملي رئيس اللجنة على رفع اسم المالكي من لائحة المتهمين ، وهذا طبعا يشكل خيانة بحق الشعب العراقي ، رفضه الزاملي ، فالدستور جعل العراقيين جميعا متساوون ، ولا حصانة للمالكي طالما تسبب في كارثة بل كوارث بحق الشعب العراقي .
فأنا اريد أن أؤكد أن الأيام القليلة القادمة سوف تدخل نوري كامل المالكي في مأزق ، فهو إما أن يعود إلى العراق ليمثل أمام القضاء ويواجه مصيره أزاء ما ارتكبه من جرائم كثيرة ويتقبل النتائج ويعتذر للشعب العراقي عما بدر منه ويتلقى حكمه بروح رياضية ، أو أنه يحاول أن يقنع الإيرانيين على إبقائه في طهران وحمايته ، وأذا تعذر على الإيرانيين قبول ذلك لأسباب تتعلق بالمصالح الإيرانية كما ذكرت سابقا ، فعليه أن يغادر إلى بلد ثالث ليبقى ينتظر مصيرا مجهولاً كمصير محمد الدايني وعبد ناصر الجنابي وفلاح السوداني وأيهم السامرائي وغيرهم من الحمقى الذين ضعفوا في وقت ما أما سطوة الحكم والمال ولم يفكروا لما بعد ذلك .
ولذا فإن عودة الهارب وتسليم نفسه إلى العدالة لم ولن تخدش مصداقيتي ككاتب ، فأنا في منشوري أكدت على أن المالكي مذنب بحق شعبه وذهابه إلى طهران في هذا الظرف ، هو بلا شك يوحي أنه يهرب من خطر يقترب منه ، ولو كنت مكانه ومتأكد من براءتي لن اغادر بغداد حتى لو أجبرت على ذلك حتى لا أوحي لمن يتربص بي أني أهرب ، وخاصة أن الإعلام تحدث بشكل واضح قبيل مغادرته إلى إيران أنه حاول الهروب عن طريق مطار بغداد لكنه لم يفلح ، وبغض النظر عن مدى مصداقية خبر هروبه لكنه على كل حال سمع آلاف العراقيين وهي تهتف ضده وتطالب بمحاكمته ، وكان عليه بدل أن يوحي لشعبه بأنه هرب يخرج عليهم ويعلن استعداده لمواجهة القضاء ليثبت براءته
مقالات اخرى للكاتب