ان النهوض والإرتقاء بالواقع العمراني في مدينة كربلاء المقدسة، يتطلب الاعتماد على الخطط والدراسات العلمية السليمة لاعادة تخطيطها وتطويرها عمرانياً، والحفاظ على موروثها العمراني الذي يشكل جانباً مهماً من التاريخ الحضاري الاسلامي لهذه المدينة المقدسة.
ومن أجل إحياء التراث المعماري الاسلامي فلا بُدَ من اقامة نماذج عمرانية حيّة تنبع من عاداتنا وثقافتنا الاسلامية العريقة بأصالتها، وهو ما يساهم في تطوير المعايير الثقافية والقيم الاجتماعية ... وينبغي ان تحقق هذه النماذج الابعاد الجمالية والروحية لفنون العمارة الاسلامية في شكلها المحافظ على الزخرفة والنقوش الاسلامية التي تميزت بها مدينة كربلاء المقدسة على مدى قرونٍ عدة، وان تكون الاضافات مستلهمة من تصاميم المباني الدينية والتراثية الرائعة المتمثلة بعمارة العتبتين (الروضتين) المقدستين والعمائر القديمة الاخرى. إن ضمان ازدهار عمران مدينة كربلاء المقدسة من جديد، وبالشكل الذي نعتقد أنه ممكن وضروري، يتطلب تلبية تنفيذ عدد من المقترحات والتوصيات والضوابط والتشريعات نوجز أبرزها كما يلي:
تأسيس (مجلس التخطيط والإعمار) الذي يعتبر كهيئة استشارية يأخذ على عاتقه تقديم الخطط والدراسات والإشراف ومتابعة تنفيذ المشاريع التنموية بعد إحالتها الى الشركات الرصينة بصورة سليمة بالتنسيق والتعاون مع الدوائر والمؤسسات المحلية، واستحداث مركز للمعلومات يلحق بمجلس التخطيط والأعمار. ويضم المجلس نخبة من الخبراء المتطوعين وفي جميع التخصصات العلمية والثقافية.
الاستفادة من الكفاءات والخبرات العلمية العراقية المختصة في مجال التخطيط والعمارة والإدارة والاقتصاد والقانون الموجودة داخل وخارج العراق.
الاستعانة بالخبرات العلمية للمؤسسات والمنظمات العالمية التي تهتم بفنون العمارة الإسلامية، كمنظمة اليونسكو التابعة للأمم المتحدة، ومؤسسة آغاخان للثقافة والعمارة ومقرها في سويسرا، ومركز الابحاث للتاريخ والفنون والثقافة الاسلامية (أرسيكا ) بإسطنبول التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، والذي يقوم بمهام إحياء تراث شعوب الدول الاسلامية، وكذلك الهيـئـات العلميـة والأكاديمية لاستشارتها في إعادة الوجه الحضاري لمدينة كربلاء المقدسة.
تحقيق مشروع التوأمة بين مدينة كربلاء وبين المدن التي تشابهها من جهات مختلفة، تاريخية كانت أم دينية أم ثقافية أم اجتماعية أم عمرانية.
استخدام التقنيات الحديثة لإعمار وتطوير مدينة كربلاء.
تشكيل لجنة استشارية متخصصة في العمارة الاسلامية تتبع الى مجلس التخطيط والاعمار المقترح تأسيسه تتولى النظر بجميع تصاميم المشاريع العمرانية الجديدة، والأخذ برأيها وملاحظاتها قبل منحها الموافقات الاصولية للبناء.
الالتزام الكامل بالتخطيط الاساسي لمدينة كربلاء ـ بعد أن تتولى اللجنة الاستشارية الهندسية المتخصصة دراسته وابداء رأيها فيه ـ قبل البدء بتنفيذ المشاريع الخدمية والتنموية في المدينة والمناطق المحيطة بها.
عرض التصاميم الخاصة بمشروع مجمع الدوائر الحكومية لمحافظة كربلاء على اللجنة الاستشارية المتخصصة في العمارة الاسلامية لإبداء رأيها وملاحظاتها قبل الشروع بتنفيذ المشروع، لانه يمثل الواجهة الحضارية لهذه المدينة المقدسة.
تحقيق الترابط والتكامل العمراني بين عمائر العتـبـات المقدسة والمباني المقترحة المحيطة بها للحفاظ على النسيج العمراني للمدينة القديمة.
تحديد ارتفاعات الأبنية الجديدة في المدينة القديمة بثلاثة طوابق بما فيها الطابق الأرضي أو ارتفاع السور الخارجي المحيط بالعتبتين المقدستين والبالغ 12 متراً، وذلك للمحافظة على هيبة العتبتين وكيانهما العمراني.
تحديد المعالجات المعمارية لواجهات الأبنية الجديدة بما يتلائم وخصائص العمارة الإسلامية الخاصة بالعتبات المقدسة والجوامع والمباني الدينية والتراثية في المدينة. والاستفادة من عناصر ومفردات معالم الموروث العمراني المميزة في المدينة القديمة واستخدامها في الخطط والتصميمات للابنية الجديدة. واختيار الالوان المناسبة للمباني الجديدة، لاسيما المطلّة على المحاور الرئيسية المؤدية الى الروضتين المقدستين، كشارع القبلة ، وشارع العباس ، وشارع الشهداء (السلطانية سابقاً)، وشارع السدرة ، وشارع العلقمي، وشارع الامام علي، وغيرها من المحاور المهمة الاخرى المؤدية الى مركز المدينة.
الاهتمام بالمواقع والمباني التاريخية والتراثـيـة والدينيـة والعمل على إعادة ترميمها وصيانتها.
العمل على تسجيل الأماكن التاريخية والآثار والعتبات المقدسة البارزة والتحف النادرة في المدينة لدى منظمة اليونسكو.
إقامة متحف داخل المدينة، يضم التحف الأثرية النادرة والمخطوطات المهمة واللوحات الفنية القيمة ومنتوجات الصناعات والحرف الشعبية المميزة لإبراز الثراء الثقافي لهذه المدينة المقدسة.
إقامة وتطوير المراكز الثقافية والاجتماعية والمكتبات العامة، وتوفير أجهزة حديثة ومتطورة كالحاسبات الالكترونية وشبكة الانترنت.
إيجاد الحلول اللازمة لكافة المشاكل الخدمية الموجودة داخل المدينة والمناطق المحيطة بها.
إيجاد الحلول الناجعة لإيواء الزائرين الذين يفترشون الساحة الواقعة بين العتبتين (الروضتين) المقدستين ومحيطهما.
السعي إلى إقامة مراكز تجارية ثانوية حديثة وخاصة في الأحياء الجديدة، وذلك لتخفيف الضغط الكبير على المنطقة التجارية الرئيسية في المدينة القديمة.
إقامة المراكز المدنية (Civic Centre) في الأحياء الجديدة والتي تشمل فروعاً للدوائر الحكومية، كالبلدية والصحية والخدمية والموصلات، وكذلك المراكز الثقافية والاجتماعية وملاعب الأطفال والساحات الخضراء وقاعات الاحتفالات والمرافق الصحية ومواقف السيارات.
إقامة مدينة طبية علاجية حكومية متكاملة لمختلف التخصصات الطبية.
إقامة مدينة رياضية تشمل ساحة لكرة القدم وساحات للألعاب المختلفة وكذلك القاعات الرياضية المغلقة والمسابح والمرافق الأخرى.
إعادة تأهيل بعض الاسواق القديمة الباقية في الجزء القديم من المدينة، لاسيما سوق المخيم، وسوق باب السلالمة، وسوق العرب، وسوق العلاوي ، وسوق الميدان، وغيرها.
تشييد أسواق جديدة وتطوير المناطق التجارية وإقـامة الأسـواق الشعبية على الطراز المعماري الاسلامي في المدينة القديمة وفي جميع الاحياء الحديثة لما لها من أهمية في تحريك السوق المحلية، ولتكون بديلاً حضارياً عن الاسواق العشوائية والباعة الذين يفترشون الارصفة.
إقامة فنادق ومرافق سياحية خارج حدود المدينة القديمة وبالخصوص في منطقتي الحر وبحيرة الرزازة وقرب منطقة الإمـام عون ومنطقة الحسينية والعطيشي وعلى طريق بغداد القديم .
تطوير السياحة الدينية لما تدر على المدينة من موارد مالية تنمي الاقتصاد المحلي.
الاستفادة من المناطق التاريخية والدينيـة والآثارية والطبيعية سياحيا،ً وتطوير المناطق المحيطة بها، وتوفير كافة المستلزمات والخدمات الضرورية الملحقة بها.
توسيع الطرق الخارجية التي تربط مدينة كربلاء بالمدن العراقية الأخرى وبالخصوص، طريق كربلاء – النجف، طريق كربلاء ـ بغداد، وطريق كربلاء ـ الحلة. وإقامة مناطق خضراء على جانبي طريق كربلاء ـ النجف، وإنشاء سلسلة من الفنادق والمطاعم والمرافق السياحية والمراكز التجارية على طول هذا الطريق.
إنشاء مطار دولي بين مدينتي كربلاء والنجف بالقرب من منطقة خان النص لاستقبال الأعداد الهائلة من الزائرين والسياح.
ربط كل من محافظتي كربلاء والنجف بشبكة السكك الحديدية مع المحافظات العراقية الأخرى.
إقامة مشاريع سياحية واقتصادية مشتركة بين مدن كربلاء والنجف والكوفة.
فتح الأبواب أمام الاستثمارات السياحية وتقديم كافة التسهيلات اللازمة وفق القوانين المتطورة المعمول بها في المستقبل.
تشجيع فكرة إنشاء مراكز حرفية للتراث الإسلامي من أبرز مهامها تدريب وتوفير الأيادي الفنية المتخصصة بفنون العمارة الإسلامية، كالبناء والترميم والزخرفة بكافة أنواعها، وكذلك الخط العربي، والاستعانة بخبرات فنية عربية وإسلامية ومن الدول الأخرى لتطوير هذه المراكز.
تشجيع الصناعات المحلية المختصة بمواد البناء خصوصاً صناعة الطابوق الطيني المفخور (الآجر)، وصناعة البلاط المزجج (القاشاني) والصناعات التي تتعلق بزخرفة الخشب (الشناشيل) وغيرها.
استعمال مواد البناء المحلية التقليدية في المباني الجديدة إضافة إلى استعمال مواد البناء الأخرى كالأسمنت والحديد والخشب واستعمال المواد التزيينية كالرخام والأحجار الملونة وغيرها، وبأسلوب يستلهم الهوية المعمارية الإسلامية لمدينة كربلاء المقدسة.
الحفاظ على ما تبقى من البساتين المثمرة العامرة والجميلة التي اشتهرت بها مدينة كربلاء عبر تاريخها ، بعد ان تم تجريف العديد منها نتيجة الزحف العمراني غير القانوني عليها.
ايجاد الحلول اللازمة والضرورية للاحياء العشوائية التي انتشرت بصورة خطيرة في السنوات الاخيرة ، بما يكفل احترام حقوق ساكنيها. وتوفير بيوت واطئة الكلفة للأسر الفقيرة والمعدمة التي تواجه ظروفاً وأوضاعاً انسانية صعبة ، لاسيما في القرى والآرياف والمناطق النائية ، تتوفر فيها كافة الخدمات الضرورية والأساسية.
الاهتمام بالاقضية والنواحي والقرى والارياف التابعة لمحافظة كربلاء من خلال اقامة مشاريع عمرانية وخدمية واقتصادية وسياحية وثقافية فيها.

أهم التوصيات والضوابط والتشريعات
ضرورة تشريع قوانين تحدد الضوابط التخطيطية والعمرانية للسيطرة على عملية البناء الجديدة في المدينة، وكذلك تغيير الاستعمال للأبنية التراثية... والحفاظ على معالم الموروث العمراني للمدينة القديمة مع متابعة تنفيذ تلك التشريعات بشكل حازم وقضائي، وحبذا لو اقترن هذا بتثقيف واسع للسكان حول أهمية ذلك.
وضع محفزات لتـشجيـع سكان المدينة للمشاركة في إحياء معالم مدينتهم العمرانية والحفاظ على روحية مجتمعهم عن طريق تحسين أبنية مدينتهم.
العمل على إصدار قوانين مختصة بتحديد النطـاقـات، أو تحديـث القوانين الموجودة وذلك بـإزالة الغموض والمشاكل التي تكتنفها.
وضع سياسة للحفاظ على الأبنية التاريخية والدينية وصيانتها تتضمن منح قروض لترميمها أو قيام مجلس التخطيط والإعمار المقترح تأسيسه إبدا موافقته بتقديم القروض لأصحابها لترميمها إلى حدٍ مقبول.
القيام بمسح شامل، وذلك بعمل الدراسات والمخططات والواجهات والمقاطع مع أخذ الصور الفوتوغرافية للأبـنيـة الدينيـة والتراثية الرئيسية داخل المدينة وخارجها، والموجودة حالياً، كالعتبات المقدسة والمسـاجد والمـدارس الدينية والحسينيات والخانات والحمامات العامة والمقامات وبعض البيوت التراثية الجميلة، وذلك لتكون مرجعاً يستعان به عند القيام بترميم وصيانة هذه المباني أو عند إعادة بنائها من جديد في حالة هدمها.
توثيق جميع الأبنية ذات القيمة التاريخية والتراثية لدى مجلس التخطيط والإعمار المقترح تأسيسه، وتسجيلها لغرض الكشف عليها دورياً وإعادة بناء الآيل للسقوط منها وفق تصاميم تجري الموافقة عليها من قبل اللجنة الاستشارية المختصة في العمارة الاسلامية.
توسيع وتقوية البرامج التوضيحية والعلامات الإرشادية لجعل السكان والزائرين أكثر إطلاعاً ومعرفةً بالأماكن الدينية والتاريخية والتراثية والسياحية.
تشجيع ودعم المنظمات والمؤسـسات التي تعنى بالحفاظ على التراث وتحسين المدن.
تقديم الدعم المادي والمعنوي للمجالس المحلية الكفوءة والنزيهة في المدينة وضواحيها بما يمكنها من المساهمة في عملية التوعية بين السكان للمحافظة على مدينتهم.