على هامش المؤتمر السنوي لاتحاد المصارف العربية الذي انعقد في شهر تشرين الثاني / نوفمبر / 2007، التقيت الدكتور جمال الدين بيومي السفير والاكاديمي المصري المعروف والذي يدير اتحاد المستثمرين العرب حالياً على ما أظن، ودار الحديث بيننا حول ما طرحه امام المؤتمر من رؤية عن التطورات الاقتصادية في العالم وما يتطلبه نهوض البلاد العربية من مساعي وجهود، وامكانيات الاستثمار البيني بين البلاد العربية، وناشدته خلال حديثنا أن يطرح امام خمسة وزراء مالية عرب كانوا يتصدرون منصة المؤتمر طرح فكرة مشروع مد شبكة السكك الحديد لتربط ما بين الاقطار العربية تعزز تعاونها وتقرب ما بينها وتمكنها من الانتفاع بما في يدها. واستكثر الدكتور بيومي العودة للحديث رغم أنه لم يخفي اعجابه بما حدثته فيه، وشجعني في طرحه أمام الوزراء في المؤتمر، ولا يفوتني أن أذكر في أن شعار المؤتمر كان يبحث في استثمار الفوائض المالية العربية.

وما كان مني الا طلب المداخلة وبعد مقدمة تساءلت هل نحن حقاً نملك فوائض مالية واذا كان الحديث عن أرصدة الحسابات في عواصم المال الكبرى ذكرت باننا لا نستطيع التصرف بها بحرية فهي جزء من الكيان المالي العالمي الذي يدير الاموال الهائلة يومياً في مراكز المال الكبرى. وثاني التساؤلات كان حول امكانية مد شبكة السكك الحديد. وهنا قاطعني أحد الحضور – من الخليج على ما أذكر – وقال وماذا ستفعل بالحدود بين البلاد العربية واجراءات المرور من خلالها، قلت له ببرود يا أخي عندما تكتمل شبكة السكك لن تكون هناك قوات امنية على الحدود تنظم المرور بل سيكون هناك سلطات مدنية هي التي تتولى ذلك.وقد ذكرني بكل هذا، مقالة قرأتها في جريدة الدستور الاردنية الصادرة يوم 24/شباط/2016 بعنوان (حكاية موت قطار) وبقلم الاستاذ رشاد ابو داود، عرض فيها ذكرياته وهو يستقل القطار من عمّان الى دمشق للدراسة فيها، وتطرق فيها الى تاريخ انشاء هذا القطار وبين انه جزء أو بقايا قطار الحجاز الذي بدأ بمده العثمانيون ليربط بين دمشق والمدينة المنورة والذي اكتمل العام 1908. وكان يتفرع عند الحدود السورية الاردنية الى فرعين الاول يمتد جنوباً الى الرمثا وعمّان ومعان والثاني يمر عبر فلسطين من نابلس الى حيفا وعكا ومنها يرتبط بالسكك الحديد المصرية. وكان القطار يستغرق خمسة أيام بين دمشق وجدة والتي كانت تستغرق اربعين يوماً.وسهل القطار على الحجاج القادمين من اسيا وقفقاسيا والاناضول الكثير من العناء أضافة الى تسهيل النقل التجاري والعسكري. والاخير هو الذي لفت اهتمام الانكليز خلال الحرب العالمية الاولى وحرصوا على تدمير خطوط السكك في محاولات متكررة الى ان اصبح من المحال على السلطات العثمانية اصلاحه.واكثر المعلومات فاجأتني اوردها الكاتب الكريم في مقاله هو أن أطول سكة حديد تم تدشينها في الصين لتربط بين شرق البلاد وتصل الى اسبانيا وتمر في كل تلك الاصقاع التي تظهر على الخرائط واذا اردنا ان نبذل الجهد في قدح الفكر فلنا ان نتخيل على الاقل ما سيحققه هذا المنجز من الخدمة والتقريب بين الامم.