من الامانة ان اقر بانني قد اقتبست هذا العنوان من بحث مكتوب للصديق المهندس صباح صديق الدملوجي، ورغم انه لم يعدّ لغرض يتجاوز أن يقدم فيه خلال مجلس اجتماعي، غير اني ولقيمة ما ورد فيه من المعلومات استأذنت الصديق في أن اقتبس من البحث واقدمه للقارئ الكريم.
لقد عرف الباحث الثروة من خلال اقوال الاقتصاديين الذين قالوا بأنها وفرة الموارد والمقتنيات المادية الثمينة فيما يعرفها اخرون بانها (اية حاجة لها قيمة).
اما الامم المتحدة فقد عرفتها من خلال الشمولية على انها مقياس نقدي يشمل مجموع الموجودات الطبيعية والبشرية والمادية. اما ادم سمث فقد قال بانها الناتج السنوي للارض وافراد المجتمع.
وقد حدد الباحث مصادر الثروة على مستوى الفرد بثلاثة، الاول العمل الدؤوب والثاني الارث والثالث عن طرق غير قانونية.
اما عن ثروة الامم في اليابان وكوريا الجنوبية وسنغافورة وحتى سويسرا قبلهم فانها جاءت عن طريق العمل الدؤوب. اما في الدول النفطية فقد شبه الكاتب مواردها بما يشبه الارث للافراد. وتعاظم الثروة للامم والافراد وانما يتم بمرور الزمن مع حسن الادارة ليزداد الدخل القومي ومعه دخل الفرد الواحد. ويبقى توزيع الثروة مرتبطاً بعملية توليد الثروة التي هي محط انظار الامم ومن اهدافها السامية، من خلال عمل مواطنيها الدؤوب او من الموارد الطبيعية. وعماد هذا السعي هو الافراد، (غير انه بحاجة الى حكومة فاعلة تضمن العدالة الاجتماعية والسلم الاهلي لكي يتاح للمواطنين العمل والانتاج والاستثمار) . وينقل الكاتب عن (روبرت رايك) احد اساطين الفكر الاقتصادي في امريكا قوله (ان بعض عدم التساوي في الدخل امر لا يمكن تجنبه ان لم نقل انه ضروري اذا ما اردنا للاقتصاد ان يعمل جيداً فالناس يحتاجون الى حافز يدفعهم للعمل الجاد وللابتكار. لذا فان المسألة لا تتعلق بكون التباين في الدخل والثروة امر جيد أو سيئ انما البحث عن النقطة التي يصبح هذا التباين في الدخل والثروة كبيراً فيها بدرجة تمثل تهديداً للاقتصاد ولمبدأ تساوي الفرص وللديمقراطية اللذين نعتبرهما مثلاً عليا).
ويواجه الباحث سؤالاً حول تعاظم التباين الذي صار ينذر بالخطر حسب تشخيص (روبرت رايك) بعد أن اظهرت الاحصائيات أن التباين مستمر بالازدياد منذ بداية الثمانينات من القرن الماضي لتصل الفجوة في الولايات المتحدة بين دخل الواحد بالمائة الأعلى مداخيلاً من السكان وبين معدل دخل الـ 99% الباقين قد اتسعت بين عامي 1979-2001 بنحو ثلاثة اضعاف وهي لا زالت في اتساع. وبالارقام الاوضح فان حصة الواحد بالمائة الاغنى وصلت الى 23.7% من الدخل القومي في العام 2007 بعد أن كانت لا تتجاوز 10% فقط في العام 1980.
واورد البحث أمثلة أرقاماً كثيرة لعل اهمها هو أن هناك (85) شخصاً يملكون مقدار ما يملكه 3.5 مليار انسان على وجه الارض.
والتفت الباحث الى الحقبة التي تعاظمت فيها الثروات لمجموعة من الافراد منذ بداية الثمانينات عندما توقف التوجه الذي كان سائداً ويعمل على تقليص التباين في الثروات. وتلك المرحلة التي تولت فيها الاحزاب اليمينية السلطة في بريطانيا (المحافظون) وفي امريكا (الجمهوريون) .
حيث وأدت نقابات العمال وخفضت الضرائب التصاعدية على الدخول العالية، وأزالت المعوقات على فعاليات اقتصادية عديدة وخاصة المالية والتجارية مما أطلق العنان للبنوك وشركات التأمين والتمويل لكي تخوض في المجالات التي كانت ممنوعة من ممارستها، الامر الذي نتج عنه امتصاص قدر كبير جداً من مدخولات الطبقتين الوسطى والدنيا وتركيزها لدى تلك المؤسسات التي يمتلكها عدد محدود من الأثرياء.
من المهم أن نقف على ما أدى بالاقتصاد العالمي وفي الدول الغنية بالذات الى هذا الانزلاق وعن اسبابه، وعن ما دعا حكومات الدول الكبرى الى تطبيق ما بشر به (فريدمان) الذي سخر من سابقيه الذين وضعوا المبادئ الاقتصادية.
سنأتي عليه في مقالة أخرى.
مقالات اخرى للكاتب