العراق تايمز: كتب انكيدو محمد
حينما وصلت مسرحية محاكمة عدي صدام حسين المتهم بجريمه قتل حماية والده(حنا ) بثمانينات القرن الماضي الى نهايتها رشح القاضي مدحت المحمود المقرب من الدكتاتور ليقوم باخراج الفصل الاخير من المسرحية وهو الاهم لانه يحوي انقاذ عدي من الاعدام وفيه يقدم المحمود مشورة إلى وزير العدل شبيب المالكي تتضمن تكييفا قانونيا للإفراج عن عدي مضمونها ان (عدي لم يكن من أرباب السوابق وإنه لم يقصد قتل المجني عليه لكن المرحوم حرك رأسه) وبالاستناد على هذه المشورة بعث الوزير برسالة الى صدام يطلب فيها الافراج عن عدي من احد سجون رئاسة الجمهورية .
وكتب القاضي علي الواسطي عن المناصب التي تسنمها المحمود خلال حقبة العهد البائد مايلي ((عمل في ظل النظام السابق مدير عام لدائرة التنفيذ، ومديراً عاماً لرعاية القاصرين ،ورئيس لجنة مذكرة التفاهم الخاصة النفط مقابل الغذاء في وزارة العدل، وعضو في محكمة البنك المركزي سيئة الصيت التي كان يشرف عليها عبد حمود سكرتير الرئيس المخلوع وعمل ممثل ديوان رئاسة صدام في هيئة الاوقاف، ورئيس مجلس شورى الدولة بامر من ديوان الرئاسة لغاية 9 – 4 – 2003ومن اهم خدماته للرئيس السابق صدام حسين انه عمل المستشار القانوني له لمدة ثلاثة سنوات، ومستشار في مجلس الوزراء للنظام السابق لعدة سنوات ومحاضر في كلية صدام للحقوق.
واثناء عمله في ديوان الرئاسة حصل على مرسوم من صدام حسين لتعيينه قاضياً في محكمة التمييز خلافاً للقوانين النافذة والشروط المطلوبة، اي استثناء من الشروط لخدماته الجليلة لديوان الرئاسة، وبعد اكمال السن القانونية الموجبة لاحالته الى التقاعد حصل على تمديد خدمته لسنوات اخرى، وهذا مخالف للقانون ويعد اكثر الاشخاص واقربهم الى صدام حسين والى ديوانه وقد حصل على مكافئات دورية بملايين الدنانير، واستلم عدة سيارات كهدايا منها سيارة كالوبر، وسيارة سيدرك، وسيارة سوبر ،وسيارة كرونا، ومنح عدة مرات مبالغ نقدية على شكل دفعات من صدام حسين .
وكان يستلمها من مصرف الصالحية التابع حسابياً الى وزارة العدل، ولعل اهم ما اشتهر به مدحت المحمود مقابلاته الشخصية مع صدام حسين وظهوره معه على شاشات التلفزيون وقد اطلق مدحت المحمود عبارة ( البيعة الابدية ) المشهورة للرئيس المخلوع اثناء الاستفتاء الشعبي عام 2002 في جريدة القادسية المؤرخة في 15 تشرين الاول لعام 2002. وهو صاحب المقولة المشهورة ( اعظم قائد لاعظم شعب ) المنشورة بنفس الجريدة كما ظهر له لقاء مع صدام حسين على شاشة التلفزيون ونشر حديثه في جريدة الثورة المرقمة ( 9861 ) في 3 تشرين الاول عام 1999 ( والذي يشبه صدام وعدله بالرسول الكريم وقضائه يعتبره في عهد صدام حسين هو بمثابة عهد صدر الاسلام – انتهى كلام الواسطي)) .
عام 2003 كان الامريكان يبحثون عن غطاء قانوني محلي لكل الكوارث والجرائم التي ستحدث في العراق . وهذا الغطاء القانوني لا يوفره الا (قضاء فاسد) فلم يجدوا قاض فاسد في كل العراق عنده المواهب القيادية والمهنية لرئاسة (السلطة القضائية ) غير مدحت المحمود فهو الوحيد القادر على اختيار القضاة المؤهلين لشغل المناصب القيادية قي هذه السلطة وهؤلاء بدورهم سيكلفون بافساد القضاء العراقي من الساس الى الراس .
وعندما قبضت عليه القوات الامريكية بوصفه احد خزائن اسرار النظام البائد عرضوا عليه خيارين اما ان يكون خادما ويقدم (التكييفات ) التخريجات القانونية المشبوهة والمشورة الفاسدة لهم وكانه لازال يخدم النظام السابق او يحسب على ازلام ذلك النظام كزميله عواد البندر فقبل العرض الاول بحبور وبلا شروط المهم ان يكون في مقدمة الصفوف ومن علية القوم وبعدها كلف بريمر القوى الوطنية العراقية في المنطقة الخضراء ايجاد تخريجة وطنية تغطي علاقاته الحميمية بالنظام السابق فوافق الجميع الا القوى الوطنية القادمة من ايران فشد القاضي المحمود رحالة الى طهران ولم يرجع الا وكتاب التزكية بيده بانه المؤهل الوحيد ليكون قاضي قضاة العراق وبعد فترة قصيرة انتشرت اشاعات في كل مكان بان القاضي المحمود على اتصال دائم بالمعارضة العراقية الوطنية من خلال اقاربه في امريكا. ومنذ 2003 ولحد اليوم تعتبره ايران وامريكا (صانع ملوك في العراق) لذا عندما يذهب الى ايران قبل كل انتخابات في العراق كان يستقبل من قبل ايه الله العظمى الخامنئي كزعيم دولة .
في 2003 كان عمر القاضي المحمود 70 عاما عندما صدر مرسوم بريمر بتعيينه رئيس محكمة التمييز ورئيس مجلس القضاء. واخيراً اصبح رئيساً للمحكمة الاتحادية العليا .. وكانت بداية افساد القضاء العراقي على يد المحمود عندما منحه بريمر السلطة المطلقة في اقصاء وتعيين القضاة العراقيين وفق الامر 35 لسنة 2003 .وقد استخدم سلطته الممنوحة له من الاحتلال من خلال تعيينه من يشاء من المفسدين ويقصي من يشاء من الوطنيين وقد كان مدحت المحمود في الامس القريب يرفع التوصيات الى صدام حسين عندما كان يعمل في ديوان الرئاسة ويكييف القانون مثلما يريده النظام السابق ..و شارك المحمود في تشريعات وقوانين بريمر ومنها قانونه الخطير المرقم ( 17 ) لسنه 2004 الصادر عن بريمر الذي اعطى للجيش الامريكي والشركات الامنية والمتعاقديين حصانة قضائية اجاز لهم قتل العراقيين وهذه جريمة يحاسب عليها المحمود ..
ولكي يحافظ على منصبه كان لايرد طلب للطبقة السياسية العراقية بعد 2003 وكان يجد اعقد التخريجات القانونية لكي ينقذها من سطوة القانون خاصة بعد ان ورطها بريمر بالادمان على الفساد الواسع النطاق من اجل استخدامهم معاول هدم لتدمير العراق اولا وحتى يمكن ابتزازههم والسيطرة عليهم ثانيا وهذا هو تفسير لماذا لازال مدحت المحمود على راس السلطة القضائية العراقية بعد 12 من سقوط النظام البائد حتى وهو في ارذل العمر (82)عاما.
ان الطبقة السياسية العراقية الفاسدة وحواضنها الخارجية تعتقد ان القاضي المحمود جعل من العراق بقرة حلوب لها وهو كنز ليس هناك مثله كنز ولايمكن التفريط به مهما كانت الظروف . لهذا و رغم التغييرات الهادئة السابقة والعنيفة حاليا في السلطة التنفيذية والتشريعية في العراق لكنه باق في مكانه منذ اثنا عشر عاما ملكا على العراق وصانع الملوك وكأن كل التظاهرات ضد الفوضى والفساد التي تجري الان في العراق لاشان لها به لهذا وهو لا شان له بها . وهذا يعني ان كل المظاهرات و الشعارات المرفوعة مثل (من اين لك هذا ) والاجراءات المتخذه بمحاربة الفساد بالعراق ستبقى مضيعة للمزيد من السنين مادام القضاء فاسدا في العراق ..بهذا القضاء لن يسجن غير الفقراء ولن يعدم غير الفقراء ولن يضيع غير الفقراء.. ولن يرجع دولار واحد من المليارات المهربة في الخارج ..