1374 عام مضى على واقعة الطف العظيمة، لم يكن المشهد فيها كما هو اليوم، فالـ(70) صحابي ممن انتخبهم ومحصهم أبا عبد الله الحسين "عليه السلام" ليقول فيهم "لا اعلم أصحاب خير من أصحابي"، مدافعين ومضحين عن سبط النبي محمد "صلى الله عليه وآله وسلم" وقضيته ألحقه، تضاعفوا وتكاثروا وتحولوا الى جيوش تعدادهم الملايين امتدوا من كربلاء الى كل بقاع العالم في مشهد صادق على حقيقة انتصار الحسين "عليه السلام" على كل طواغيت العصور.
لقد أظهرت كربلاء في ذكرى عاشوراء هذا اليوم، عظمة انتصار الحسين على كل الظلم، وبعد قضيته وحقيقة انتصاره، وحتمية قيام دولة العدل الإلهي.
فكم سعى الجبابرة المتكبرين فراعين الأمم ممن تعاقبوا على هذه الحياة في عزل العباد والأتباع عن الحسين وكربلائه، وتجريد القضية من فكرها وعقيدتها ومنهجها، الا إن العجب العجاب ان الأنصار يتضاعفون يتجددون ينمون، كبركان يموج لا يمكن إيقافه أو تحديده.
لقد سجلت القضية الحسينية عجائب أذهلت أصحاب الألباب، وأوقفت المنطق في تحليلها، كيف نفسر ولادة قضية ونموها وانتشارها من لحظة موت صاحبها، وبأي تعليل يعلل انتصار قضية هزمت عسكريا وأستشهد كل مقاتليها، ومن يستطيع ان يحدد أسباب انتشارها في كل بقاع العالم، رغم محدودية مساحة الحدث في عرصة كربلاء .
انه التدبير الإلهي والإرادة الرباني التي أرادت ان تستكمل رسالة النبي محمد "صلى الله عليه وآله وسلم" بدم حفيده وآل بيته "عليهم السلام" في صبيحة ذلك اليوم العاشورائي، الذي تحدد في زمن الحياة بساعات قليلة، لكنه في زمن الحساب باقي الى يوم الميعاد، لخصت بكل أحداثها مسيرة الحياة منذ ادم حتى ظهور الحجة "عجل الله فرجه"، من خلال صراع الحق مع الباطل وانتصار الدم الثائر، على السيف الجائر، واندفاع ثلة من الرجال المؤمن برسالة السماء وإمامة الحسين "عليه السلام" ليصنعوا مرتكز التغيير في الأمة.
لذا نحتاج ونحن نجتمع في حضرة عاشوراء، ان نكون أنصار صادقين مبدئيين موالين، لا يأخذنا في الحق لومت لائم، مؤمنين بقدرتنا على صنع التغيير، ورسم مقدمات الدولة العصرية العادلة، التي بها نأخذ ثأر سيد الشهداء، ونعيد الحق المسلوب الى نصابة، ونحقق رضا الله ورسوله " اَللّـهُمَّ اِنّا نَرْغَبُ اِلَيْكَ في دَوْلَة كَريمَة تُعِزُّ بِهَا الاِْسْلامَ وَاَهْلَهُ، وَتُذِلُّ بِهَا النِّفاقَ وَاَهْلَهُ، وَتَجْعَلُنا فيها مِنَ الدُّعاةِ اِلى طاعَتِكَ، وَالْقادَةِ اِلى سَبيلِكَ، وَتَرْزُقُنا بِها كَرامَةَ الدُّنْيا وَالاْخِرَةِ"
مقالات اخرى للكاتب