لم تشهد اسهم القطاع المصرفي الخاص في العراق ، خلال تاريخه المعاصر ازمة وانهيارا ونكوصا ، مثلما تشهده الان ، حتى بات سعر سهم معظم المصارف الخاصة ، بـ ( الفلسان ) … حيث اصبح سعر رغيف الخبر الواحد يساوي 250 سهما .. وثمن كيلو اللحم الهندي الذي يباع في اسواق المفرد بستة آلاف دينار ، يساوي 24 الف سهما مصرفيا !!!
لقد اعادت المصارف الخاصة المرحوم ( الفلس ) الى الحياة ، بعد ان مات منذ عقود ، واخذت مكانه العملة الورقية ذات الـ ( 250 ) دينارا ، فأصبحت العملة الصغرى في تعامل السوق اليومي ، وهي في طريقها الى الانقراض ايضا ، بعد ان اخذ المستجدون يرفضون استلامها من المتصدقين .
في أجواء متشائمة ، كالتي اشرتُ اليها … لاح في الافق ، بصيص أمل من خلال انبثاق رابطة للمصارف الخاصة ، بهيكلية جديدة ، واجازة جديدة من قبل دائرة منظمات المجتمع المدني في مجلس الوزراء .. امامها مسؤولية كبيرة ، لعل في مقدمتها انتشال واقع الاسهم المتردية التي تنذر بانهيار مصارف ، هي الان على شفير الاغلاق والتصفية ، فتضيع اموال المواطنين ، مثلما ضاعت في مصارف ( البصرة الدولي والاقتصاد والوركاء ) وسط صمت مريب .. تقابلها ظاهرة توقع توزيع الارباح الى مساهمي العديد من المصارف مثل مصارف ( دجلة والفرات وسومر والشمال ) وغيرهم دون اجراءات رادعة من قبل البنك المركزي ومسجل الشركات وهيئة الاوراق المالية .
هذه المسؤولية الثقيلة ، سعت الى التصدي لها ، الرابطة من خلال مؤتمرها المصرفي الذي شهدت اروقة فندق الرشيد افتتاحه امس ، وكنتُ من حضوره وينتهي اليوم برعاية د. حيدر العبادي رئيس الوزراء وبأشراف البنك المركزي العراقي .. تحت عنوان ( القطاع المصرفي بوابة الشمول المالي وركيزة الاصلاح والتنمية المستدامة ) ..
ستة محاور، كانت امام المؤتمر، جميعها تصب في مشروع نهضة العمل المصرفي العراقي في ظل الظروف السائدة ، وهي ظروف شديدة التعقيد. من الصحيح ، ان سعر السهم في المصارف الخاصة ، ليس دلالة وحيدة على ضعف الاقتدار المصرفي ، رغم اتساع رقعة المتضررين بسببه من شرائح المجتمع الذين وضعوا ثقتهم بتداولاته ، ومرونة التعاطي بالبيع والشراء لاسيما صغار المستثمرين الذين يمنون النفس في الحصول على ارباح بسيطة ، تسهم في توفير لقمة عيش بسيطة ، لكنهم وجدوا العكس .. فالعمل المصرفي الخاص كائن اقتصادي شاسع المدى ، ويضع الاقتصاديون وادارات المصارف الخاصة آمالهم في رابطتهم الحالية ، التي يرأسها ويديرها مصرفي واقتصادي معروف ودؤوب هو الاستاذ وديع الحنظل ، وهي آمال عريضة مشروعة ، ومؤكد ان بوادر التعاون المثمر بين البنك المركزي العراقي ، الاب الفعلي للمال في العراق ، ورابطة المصارف الخاصة ، الذي نلمسه بين الاثنين ، سيلقي بظلاله على مسيرة العمل المصرفي ..
ونأمل ان ، يعقب هذا المؤتمر الهام والمهم ، عقد حلقة نقاشية ، تخصصية ، تتناول موضوعة انهيار الأسهم في المصارف الخاصة ، واعتبار ذلك من اوليات الجهد الاقتصادي الشعبي ، فأنظار المساهمين وعوائلهم ترنو الى رابطة المصارف الخاصة ، لإجاد حل موضوعي لمشكلة سهم المصارف … فهل نسمع اخبارا تعيد الحياة للسهم المصرفي ليصل بالتداول الى سعر الاكتتاب الاسمي ( دينار واحد ) … وهو مطلب متواضع بدلا من تداوله حاليا بأجزاء الدينار الملغى من الوجود الفعلي اصلا ، واجزائه التي اصبحت اضغاث احلام !!
مقالات اخرى للكاتب