انجز مجلس الوزراء مشروع تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات وحوله الى مجلس النواب لتشريعه ويقضي الغاء مجالس النواحي وتقليص اعداد اعضاء مجالس المحافظات وذلك لأجل تحسين اداء هذه المجالس وتخطي نواقصها وتقديم افضل خدمة للمواطنين.
لم يكن اداء المحافظات مرضياً عنه لدى اغلبية المواطنين، وانجازاته ضعيفة وما الى ذلك من الملاحظات والانتقدات التي وجهت اليها.. والمطالبة بتغييرها وادخال تعديلات عليها حتى ان بعضاً من الافكار دعت الى الغائها كلياً والاكتفاء بتعيين محافظ من قبل الحكومة الاتحادية في تطرف واضح وخرق للدستور وتراجع عن الديمقراطية. الى جانب ذلك كانت ولا تزال توجد دعوات تبدي اراء مقبولة وجيدة تركز على تطوير هذه التجربة وتحسينها لتجسد تمثيلا اوسع لفئات شعبنا في المحافظات بسلطتها التشريعية والتنفيذية وجعل امكانية تداول المسؤولية والمشاركة في صنع القرار حقيقة واقعة لا تقتصر على بعض القوى النافذة والاحزاب الحاكمة في المركز.
القانون الجديد اذا ما تم تشريعه يقلص من هذه الامكانية ويحرم قوى عديدة ممثلة في مجالس المحافظات من الاستمرار في عضويتها، وعلى الاحزاب الصغيرة ان تودع المجالس ويتعذر عليها ان تحرز مقاعد في الانتخابات المقبلة المقترح اجرائها في ايلول المقبل. صحيح ان التمثيل الحالي للقوى ساعد على تبعثرها وتشظيها واخضاع الكتل الكبيرة في بعض مجالس المحافظات لابتزاز القوى الصغيرة كي تحصل على المناصب الاساسية، بل ويشخص ويتهم قسم منها انهم يشترون هذه المناصب من بعض القوى الصغيرة ذات المقعد والمقعدين.
في الواقع على الانتخابات المقبلة، يرجح ان تودع بعض هذه الاحزاب عضويتها والاقتصار على عضوية عدد محدود من القوى لتحقيق الاستقرار.
وبدلاً من ان يمر الاستقرار المنشود من توسيع الديمقراطية وايجاد وسائل مقبولة لا تحرم كل قوة يعتد بها لجأت الحكومة في مشروعها الى ان حسابات ضيقة ورفع العتبة الانتخابية وربما مضاعفة الارقام الانتخابية الواجب الحصول عليها، لا سيما انه في ظل تقليص اعداد مجالس المحافظات ستتضاعف حتماً.
ان اعتماد سانت ليغدو بالتقسيم على 7ر1 سيكون كابحا للاحزاب الصغيرة والترشيحات الفردية تصبح نظرية اكثر مما هي امكانية عملية وممارسة يمكن ان تتحقق على ارض الواقع.
من هنا يصبح تجميع القوى وضمها لبعضها البعض في ائتلافات عريضة تضع التناقض الرئيس بينها وبين القوى المتحكمة الان الهدف لها ونصب عينها بالتخلي عن التدافع والتزاحم على المواقع والادعاءات بالتمثيل للرأي الشعبي.
في هذا الجانب تقتضي الضرورة ان تمنح الفرص لوجوه جديدة ممن لم تشارك في السباق الانتخابي السابق على ان تكون من ذوي الكفاءات والمقدرة للانتقال بالمجالس الى حال نوعي افضل، وهذا لن ياتي الا بقانون انتخابي مرن يسمح بوصول ممثلين عن اوسع فئات شعبنا الى المجالس .
سيكون القانون والنتائج التي ستتمخض عن تطبيقه تحت الفحص والتشريح بعد اجراء الانتخابات ومعرفة ايجابياته وسلبياته بالنسبة للقوى الاخرى، وعلى ضوء الدروس المستخصلة منه سيتم تعديل قانون انتخابات مجلس النواب.. اذن هي ستراتيجية الغرض منها ان تقضي الى تركيبة مختلفة عما هو عليه في مجلس النواب الحالي ومجالس المحافظات باقصاء وتهميش من يمثلون فئات من المجتمع بزعم ان الاحزاب الصغيرة تربك العملية السياسية وترهنها لقوى ذات التأثير والقدرة على الاغراء في الحياة السياسية.
صحيح ان هذه الاحزاب ليست ذات وزن وحجم في العملية السياسية ولم تطور نفسها وغير قادرة على النهوض، ولكن وجودها ضروري لزيادة التنوع في اللوحة السياسية بتكوين مؤسسات الدولة والشعب كي نزيد المخاطر بغلق الافق امام طموحات المشتغلين في حيز الراي العام لتولي المناصب .
ان على هذه الاحزاب والقوى ان تبدأ حملة واسعة سياسية ومجتمعة لقطع الطريق على أي تشريعات او اجراءات تجعل من بلوغها العتبة الانتخابية يكاد ان يكون مستحيلاً على هذا الاداء المتدني لقواها وللظروف الموضوعية المحيطة بها.
ليس من سبيل لها سوى الانخراط في تحالفات واسعة تمكنها من تغيير الكفة والحصول على تمثيل في المؤسسات الوطنية للانطلاق منه في تعديل ما سيشرع للحد من مشاركتها في تداول المسؤولية.
لا بد من الشعور بالقلق والخوف من ان يكون هذا القانون يشدد من عزلة هذه القوى وحرمانها من ان تكون طرفاً في المعادلات السياسية وهو أمر تتحمله هي بدرجة كبيرة عليها لملمة قواها والتنسيق والاتحاد مع الذين يقتربون منها سياسيا وفي الاهداف الاستراتيجية والا هذه المعركة سيكون فيها كسر عظم ونهاية لمسميات وتحال الى كتب التاريخ.
مقالات اخرى للكاتب