كان في التاريخ شخصية تدعى البهلول، اختلفت حولها الروايات، منها من جعلتها مختلة عقلياً تنطق بالحكمة، واخرى جعلتها حكيماً يذهب لها الزعماء لطلب المشورة، في روايات يحدد وجودها في عصر الخليفة هارون الرشيد، واخرى توظف الزمن حسب سياق الرواية، وفي اغرب ما سمعته عن البهلول أنه كان من نسل الرسول وقد لجأ الى الادعاء بالجنون للخلاص من بطش الخلفاء الاموين أو العباسيين، من كل هذا صار المثل العراقي يضرب بعد حصول مصيبة، كلما تقدم احد بنصيحة ولم ياخذ بها (شكال البهلول).
في التاريخ لم يستمع الحاكم بأمره للبهلول، أما لغرقه في ملذاته ومفاسد حكمه، أو لانه لم يرغب في سماع الصوت الآخر، فسقطت الدولة الاموية ومن بعدها العباسية، علما أن العباسية جاءت بادعاء الثورة على الظلم الاموي، ولم يبقى من ذكر الحكام غير السيئ منه، أما البهلول فلا زلنا نستشهد بحكمته ومقولاته.
عراق اليوم فيه من الخلفاء الامويين والعباسيين حد الكارثة، لا يسمعون إلا صوتهم، لا يملكون من العقل غير المدمر منه، لا يأتون بفعل إلا المنكر منه، لا يترددون في استخدام العراقيين اداة لزرع الفتنة، لا يخجلون من التستر على المفسدين وحمايتهم، ليس فيهم من ادين في القضاء، فالجميع فوق القانون، كلهم ملتحين وسيماهم في وجوههم، شهاداتهم الدراسية ورقة دفع ثمنها في جامعة وهمية أو في اسفل الجامعات العالمية، الكذب ديدنهم، صوتهم اعلى من صوت الشعب في الشكوى من قلة الخدمات ونقص التشريعات. اما بهلولنا فلم ينفعه الجنون ولا الحكمة، بعد ان كان يتنقل بين عصر الدولة الاموية والعباسية، يعيش اليوم في عصر دولة (عمو حكومة) من الأموباسيين.
عمو حكومة للشراكة الأموباسية لم يطبق من برامجه الانتخابية أي شيئ، ادعى التنظير والدفاع عن الحقوق وتنمية الموارد البشرية واستثمار الموارد الطبيعية، رسم العراق البلد الاول في احترام حقوق الانسان، والكهرباء تصدر للدول الفقيرة، أما المدن العراقية فرسمها جنة من الجنان التي يقصدها السياح من كل دول العالم، يعني رسملنا صورة ولا في الاحلام.
بهلول اليوم كان له رأي آخر، قالها باعلى صوته فخنقوه، نبه المواطنات والمواطين الى كذب الادعاءات فاداروا ظهورهم له، توجه الى الحكام بامرهم ناصحا فاعتقلوه وقتلوه، خرج للشارع متظاهراً اتهموه بعثياً، بهلول اليوم كامل شياع وهادي المهدي وشباب ساحة التحرير والتيار الديمقراطي وشخصيات علمية وثقافية وفنية، بهلول اليوم صوته ممنوع ويراقبه الامن والمخابرات بتعليمات الحاكمين بامرهم.
عمو حكومة اذا انلاصت وصار ما صار، بعد هذا التصعيد في استخدام العراقيين اداة في سباق عض الاصابع، شيفيد انذكرك بكلام البهلول، والمصيبة من تصير، منشوف عمو حكومة لان جواز السفر الاجنبي جاهز والدولارات طلعت من زمان، يعني حتى البهلول ساعتها ميفيد.
البهلول اليوم يكول، يا جماعة، الحاكمين بامرهم وبعد خراب البصرة، فهموا أن الانتخابات القادمة مو الهم، فما كان منهم إلا العودة الى الطائفية منجم السلطات والمال.
مقالات اخرى للكاتب