مع تصريحات المانيا بقبول اعداد كبيرة من المهاجرين دون التقيد باتفاقية دبلن، توسعت موجة الهجرة وسط العراقيين، واصبحت حديث الناس، حتى صارت الاتصالات التي تردني وغيري من المقيمين في المانيا اكثر مما تتوقعون، كلهم يسألون عن طرق الهجرة وامكانية الوصول الى المانيا او فلندا، ما هي ظروف العيش، الايجابيات والسلبيات، اسئلة كثيرة تخطر في بال من ينوي الهجرة
كانت الاسئلة تاتي من نوعين من الناس، الاول هم المتضررون من النظام القائم في العراق وسياسة الاحزاب الاسلامية والقومية، وهم يشكلون الاغلبية، النوع الثاني المستفيدون من النظام الحاكم وهم الاقلية، الاسئلة اختلفت بين النوعين وتجاوبي معها اختلف ايضا
المتضررون إن كانوا فقراء ام اغنياء، تركزت اسئلتهم في معلومات عن طريق الهجرة، الذي لا اعلم عنه شيء فلم افيدهم بذلك، لكن الجواب كان حاظراً في الفضائيات العراقية والعربية بتفاصيل كاملة، بالاضافة الى وسائل التواصل الاجتماعي التي عجت بالافلام عن طريق الهجرة، والسؤال الاخر المشترك بينهم كان عن امكانية تقديم المساعدة لهم عندما يدخلون الاراضي الالمانية بالترجمة او النصيحة، وعندما كنت اجيب بالموافقة، كانت سعادتهم لا توصف وكأنني منحتهم حق اللجوء، طموح هؤلاء كان في الوصول الى مكان تصان فيه كرامتهم ويحترم حرياتهم ويحصلون فيه على فرص عمل يعبرون بها عن طاقاتهم، فكانوا قليلي الاسئلة والالحاح
اما المستفيدون من نظام المحاصصة الدينية القومية اعظاء في الاحزاب الحاكمة او مؤيدين لها، كانت اسئلتهم مختلفة تماماً، فهم يرفضون الهجرة بالطرق التقليدية ويسئلون عن امكانية الحصول على الشنكن فيزة، وبشرط بدون بصمة، عندما كنت اجيبهم انني لا اعلم عن الموضوع شيء، كانوا يمتعضون ويلمحون انني اخفي عنهم المعلومات، ثم ياتي السؤال الثاني، عندما اصل اريد شراء شقة اسكن بها، فاجيب لا يمكن للاجئ ان يشتري شقة قبل ان يحصل على حق اللجوء، وان يقدم اثباتات على مصدر المال الذي سيشتري به الشقة، وان دائرة الرعاية الاجتماعية ستقطع عنه المساعدات اذا علمت انه يمتلك كل هذا المال، هنا تثار ثائرتهم (لماذا يقطعون المساعدات السنا لاجئين)، فاقول اللاجئ لا يختلف عن ابن البلد في الحصول على المساعدات وتطبيق القانون، احدهم يريد العمل بشهادته المزورة التي يعمل بها في العراق، عندما اقول له ان عليه احضار شهادة مصدقة وان يتعلم اللغة الالمانية بمستواً جيد، ثم يدرس سنتين ليحصل على شهادة المانية تؤهله للعمل في الشركات، يقول (اهووو هم نرجع ندرس هي هذه الشهادة بالكوة حصلت عليها) احدهم يريد ان يبعث ابنه وان يشتري له شقة بدل السكن في بيوت اللاجئين وان لا يعمل بعد الحصول على حق اللجوء، عندما اقول له هذا غير ممكن لان دائرة الضمان الاجتماعي ستقطع عنه المساعدات يقول لي ( اي احنى ما محتاجين، ابعثله فلوس منا ويشتري املاك وين المشكلة) اخر يريد ان تدخل ابنته في نفس المرحلة الجامعية التي وصلت لها بمجرد ان تطأ قدمها المانيا، حتى لا تفقد سنة او اكثر من حياتها، عندما اجيب هذا غير ممكن فعليها تعلم اللغة واثبات اي المواد الدراسية حصلت عليها في الجامعة، تجده يتذمر ويعترض كأن الالمان ملزمين به، عندما اضيف له ان ابنته تستطيع تعلم اللغة في عام وبعدها تدخل الجامعة بعد الامتحانات، ثم تحصل على راتب المساعدات وان تاخذ قرض من دائرة مختصة بالطلبة وتعمل لتسد حاجتها المالية، فعليها ان تسكن في شقة لوحدها او مشتركة وان تعيل نفسها، يعترض الاخ ويقول (كيف للطالب ان يدرس ويعمل بنفس الوقت)، اقول له ان الطلبة الالمان يعملون ايضا، يجب نحن لسنا المانا
احدهم يتسائل انا بعمر كبير هل سيفرضون عليا العمل، اجيبه ان عمر العمل حتى السابعة والستين(يقاطعني ويقول لا انه الى الخامسة والستين) اكمل له ان القانون في المانيا تغير،لكن بما انك بعمر الستين ولا تجيد اللغة فانهم لن يتشددوا معك، حينها يتسائل واذا اشتريت بيت هل يقطعون عني المساعدات، اجيبه نعم، واكمل اذا كان لديك هذا المال ما حاجتك الى المساعدات، يقول (ليش لا اذا كانت تاتيني بدون مجهود) ثم يكمل واذا فتحت مشروع باسم شخص ثاني هل يقطعون عني المساعدات، اجيبه لا لانه باسم اخر، لكن ما ضمانك ان ذلك الشخص لا ينقلب عليك وياخذ الجمل بما حمل، يقول (اني مو غشيم بعدين اهله بالعراق اعرف شسوي بيهم) ثم يكمل هل تعلم كيف ادخل اموالي، اجيبه انا لا املك مالا في الخارج حتى افيدك كيف ادخله الى المانيا ثم انني لا اعمل بخلاف القانون، هنا ينزعج من اجابتي
احدهم يتصل بصديق ويطلب منه توجيه الدعوة له للحصول على فيزة،عندما يوضح له توجيه الدعوة يتطلب شروط غير متوفرة فيه، يجيب (شنو السالفة هوايا ناس سوتها)، واحد سيأل اذا وصل المانيا ولم يعجبه الوضع هل يستطيع السفر الى دولة اخرى وطلب اللجوء هناك، اجيب ان المانيا كسرت البصمة لكنها لم تقول انها لا تعطي بصمة من دخل اراضيها وتركها الى دولة ثانية، يقول ( هما شخصرانين ما اريد ابقى هناك قابل اشتروني) واحد يسأل عن لم الشمل وكم يستغرق، اجبته ان لم الشمل يشترط الحصول على حق اللجوء وبعدها العمل وتقديم طلب يستغرق فترة طويلة، يعترض الاخ ويقول ( لعد ليش السوريين ينطوهم لم شمل بسرعة) واحد يسأل بعد ان احصل على حق اللجوء اريد بيع املاكي التي بالعراق وانقلها الى المانيا هل بامكاني ذلك، اجيبه هذا يترتب عليه الحرمان من المساعدات، ويتطلب تقديم ادلة عن مصدر هذه الاموال حتى لا تعتبر غسيل اموال، يجيب لكن امواله مسجلة باسماء اخرى كيف اثبت انها لي، اجيبه هذا صعب، فيقول( المانيا صعبة فلوس وجايتكم شتريدون، بعدين مسؤولين كبار هربوا فلوسهم محد اعترض بقت علينا) اسئلة كثيرة من هذا النوع تمحورت حول الاموال والفيزة والعيش الرغيد
في النهاية نكتشف ان الذين خربوا البلد وسرقوا امواله اصبحوا يزاحمون المتضررين من افعالهم في طلب اللجوء، نجدهم امعنوا في تخريب البلد وهم اليوم يتركوه ويتخلون عنه، يريدون ان ينقلوا فسادهم الى المانيا ويعيشون بنفس الطريقة الفاسدة ليخربوا المانيا ثم ينتقلون الى بلد اخر، نجدهم باموال العراقيين يتعالون على العراقيين ولا يرغبون بهجرة او عيش كما هم المتضررين
اخيراَ اجبتكم ايها الفاسدين على كل اسئلتكم، وانصحكم بالبقاء في العراق وان تعيشوا وسط الخراب الذي تسببتم به، وان تتحملوا انتقادات ابنائكم على ما صنعتموه لهم، حتى يأتي اليوم الذي تحاسبون به على ما فعلتم
مقالات اخرى للكاتب