احذر الانسان !!

هل فهمت من الجملة المختصرة السابقة، انها امر أو نصيحة، او انها مجرد فكرة طارئة خطرت على البال.

ان لك الحرية في ان تعتقد ماشئت، ولك حق التصرف في حياتك من غير ان يتدخل في مجرى مسيرتك الومية أحد، فتعتب عليه، وربما تصب جام غضبك عليه.

دعني اذن اردف مقولتي السابقة، لأصب في اذنك قولاً مشابهاً، وهو: لا تثق باحد.

هل تستغرب من حكمي هذا، فتهز راسك ذات اليمين وذات الشمال محتجاً، او ربما تكتفي بموقف سلبي ولا مبالاة مما وقعت عيناك عليه من قول، قد لا يرضيك اولا ينسجم مع توجهاتك وتعاملك.

ليكن في علمك اني لا اكتب سبحات او هام، ولا انا غارق في الاحلام. ولا انا محلق في متاهات الخيال.

ثق اني اقف على عقد متين البيان يتكئ على عمودين ثابتين في ارض صلبة، وهما يغوران في عمق عميق.

اعتمد في حكمي هذا، على تجربة علمية، امتدت على مدى عدة عقود به السنين، وفي الوقت ذاته، اعتمد على تظرية راسخة، في طبع وتطبع الانسان.

انت تعرف جيداً، اني جبلت على حسن النية منذ نعومة اظفاري، وسرعان ما أثق بكل من أتوسم فيه الخير والنتيجة انني أتلقى من الاخرين العقوق والنكران، هذا اذا لم يكن جزائي الغدروالبهتان.

اعلم بعد هذا، ان الانسان ابن الغاب، وانه لم ينزع جلده الحيواني حتى الآن.

لايغرنك ماترى من رجال، يتجملون بابهى الحلل، ويسيرون الهوينا في الطرقات والدروب، فتحسبهم رجالاً انقياء صالحين، لا يدخل الشر الى نقوسهم، لا من قريب ولا من بعيد.

ليكن في علمك ان هؤلاء الذين تراهم امام العين يتجملون فهم يفعلون ذلك  مخافة لوم المجتمع، لان المجتمع رقيب كبير.

انهم اذن يفتعلون الطيب، ولو كشفت عما تخفى قلوبهم لفررت منهم فرارك من الجذام.

لا غرابة في ذالك- بحسب رأيي- ولا عجب، لان الانسان مارس العدوان في بطون الغاب عشرات وربما مئات الآلاف من  السنين، ولم يتمدن ويتأنسن الاقبل بضعة آلاف من السنين. الانسان ابن ذاته، ويحب ان يحوز لنفسه ما يحق له ومالا يحق، ولايهمه ان يذهب الاخرون الى الجحيم.

حين تقرأ كثرة القوانين التي تغري الانسان بالثواب وتحذره من العقاب، وتتصفح كتب الفقهاء والحكماء والمصلحين، التي ترشد الانسان الى فعل الخير، والانسان ما زال سادراً في غيه، تدرك حقيقة الانسان.