لم يكن رئيس الوزراء العراقي نوري كامل المالكي سوى بالونا فارغا حاول الانتهازيون والنفعيون والحزبيون والسذج والتافهون نفخه بأكثر ما يتحمل فانفجر . وصفوه بمختار العصر ولم يكن سوى أسدا على المناضلين ونعامة أمام الانتهازيين والفاسدين من ركاضين وضامنين.
وصفوه بخليفة علي ولو كان واليا لعلي لقطع رأسه منذ وقت طويل . وصفوه بباني دولة القانون وفي عهده ديست كل القوانين ،وقالوا بانه محبوب الملايين حتى كشفت صناديق الاقتراع بانه ليس سوى فقاعة اذ اوصل العراقيون له الرسالة عبر صناديق الاقتراع لا عبر الرصاص ولا عبر الاحكام القضائية الجائرة ولا عبر اموال النفط العراقي التي يغدقها على كل نطيحة ومتردية تؤيده من منظمي الحفلات الماجنة التي تغني فيها مادلين حتى الصباح وتحت رعاية دولة الحاج ابو اسراء الامين العام لحزب الدعوة الاسلامية !
القمه العراقيون حجرا في انتخابات مجالس المحافظات فنصف الشعب العراقي ناقم عليه وقاطع الانتخابات التي خاضها المالكي واعوانه الفاسدين متسلحا بسعمئة مليار دولار هي مجموع مداخيل العراق النفطية طيلة سبعة اعوام حكمه المشؤوم.
خاض الانتاخابات متسلحا بالقوات المرتزقة من عدد من الالوية التي أسسها لتدافع عنه وعن عصابته الساقطة لا لتدافع عن العراق بل لتدافع عن مصالحهم ولتحفظ كراسيهم البالية . خاض الانتخابات متسلحا بشبكة الاعلام العراقي التي ترقص وتطبل له ليل نهار بقيادة رئيسها الذي باع قلمه وتأريخه وتحول الى طبال للمالكي وهو صاحب الفكر والرأي لينضم الى جوقة هجينة هو أرفع منها بكثير.
خاض الانتخابات مستخدما كافة الوسائل الدنيئة بعد أن أعمته السلطة وإغرائاتها فتارة يؤجج النزاعات القومية وتارة الطائفية ومرة الحزبية . خاض الانتخابات متسلحا بالسلطة القضائية التي أخضعها لسلطته بالترهيب والترغيب . خاض الانتخابات متسلحا بالمناصب وبالهالة الكاذبة التي تضفيها عليه وعلى الشلة التافهة التي تحيط به .خاض الانتخابات متسلحا بأجهزة كشف العطور ليستدر عطف العراقيين بعد كل هجمة ارهابية كان هو خير عون لها .
وأما الآخرون فخاض معظمهم الانتخابات بامكانيات لا تعادل معشار امكانيات المالكي وحزبه الا انهم هزموه . كانت انتخابات غير متكافئة بكل المقاييس ،الا انهم ربحوها وخسرها هو . انها خسارة من العيار الثقيل ودرس لقنه الشعب العراقي للمالكي ولصحبه الذين تصوروا بان شعب العراق جاهل ولا وعي له .
ارادوا خداعه بالشعارات الطائفية وبالتخويف من عودة البعث ومن قوى الارهاب ومن القوى الانفصالية وغيرها من الخدع التي لا تنطلي الا على السذج والجهلة .
الا ان الشعب العراقي كان اوعى وبدأ اليوم معركة استرجاع الحقوق . كانت نتيجة الانتخابات الاخيرة صدمة للمالكي وعصابته بعد ان ظهر حجمهم الحقيقي فيها .
فنصف الشعب قاطع الانتخابات لنقمته على المالكي وحكومته واما النصف الآخر الذي شارك فيها فأظهر وبشكل واضح بأن المالكي لا وزن له .
فمن مجموع 447 مقعدا هي العدد الكلي لاعضاء مجالس المحافظات فاز ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي ب97 مقعدا اي مايعادل 21٪ من مجموع المقاعد في 12 محافظة عراقية .علما بان هذا الائتلاف يتشكل من عدد من القوى اولها حزب المالكي وثانيا منظمة بدر(20 مقعد) وثالثا حزب الفضيلة(20مقعد) ورابعا حزب الدعوة تنظيم العراق(8 مقعد) وخامسا كتلة مستقلون برئاسة الشهرستاني(5 مقعد) وسادسا تيار الاصلاح( 11 مقعد) الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري الذي انضوى تحت عباءة المالكي اضافة لعدد من التجمعات الصغيرة.
وقد حصل حزب الدعوة الذي يتزعمه المالكي على 31 مقعدا فيما توزعت الستة وستون مقعدا الباقية بين مكونات الائتلاف ،اي ان مجموع ما حصل عليه حزب المالكي لا يمثل سوى 7٪ من مجموع االمقاعد الكلي !
فيما حصل تيار سياسي واحد هو المجلس الاعلى على 58 مقعدا والتيار الصدري 55 مقعدا اي على ما نسبته 13٪ و12٪ من مجموع المقاعد على التوالي .اي ان كل واحد منهما حصل على ضعف التأييد الذي حصل عليه حزب المالكي.
واذا ما اخذنا بنظر الاعتبار ان نصف الشعب العراقي فقط شارك في الانتخابات فا هذا يعني بان حزب المالكي لا يحظى الا بتأييد 3،5٪ من مجموع العراقيين!
واذا اردنا ان نتكلم بلغة الحسابات الطائفية واردنا ان نعرف حجم المالكي وحزبه في الجنوب فان مجموع مقاعد المحافظات الجنوبية التسع اضافة الى بغداد هو 389 مقعد.
وهذا يعني فوز المالكي بثمانية بالمئة من المقاعد وهو ما يعني اربعة بالمئة من اصوات الشيعة في الجنوب! وهكذا بان الحجم الحقيقي للفقاعة نوري المالكي للذين عميت ابصارهم سابقا عن رؤيتها عندما رفضوا حجب الثقة عنه بحجة انه يحظى بتأييد الشيعة ليكونوا عونا له في كل جرائمه التي ارتكبها .
فهل يوجد رئيس وزراء في العالم يقود بلد لا يحظى بتأييد سوى ثلاثة والنصف بالمئة من شعبه ؟ انها مهزلة ما بعدها مهزلة على المالكي ان يبادر قبل غيره الى ايقافها اذ من العار على حاكم ان يفرض نفسه على شعبه وان كانت هناك ذرة كرامة لشخص يحصل على مثل هذا التأييد ان يستمر في الجلوس على كرسي الحكم .
فالمالكي تولى مسؤولية اكبر من حجمه بكثير وتشبث بها لانها لم تكن حتى حلما يمر بمخيلته .
فهذا الطفل الخجول الذي ترعرع في مدارس طويريج كان جل ما يحلم به هو ان يصبح مدرسا او في احسن الاحوال قائم مقاما لها وهو ما فعله مباشرة بعد السقوط عندما عاد لها، دفعته القوى الخفية الى تصدر المشهد السياسي في بلد كالعراق لايقوده الا من يتمتع بحكمة ودهاء وقوة وحزم لا إمعة يتلاعب به شيخ الدعوة من جهة والداهية عزت من جهة أخرى .
انه ظاهرة عابرة في تاريخ العراق برزت في سماء العراق على غفلة من الزمان الا انها تركت بصماتها على العراق الذي اصبح اليوم ممزقا اكثر من اي وقت مضى ولعل فرص اصلاح ما افسده المالكي تكاد ان تنعدم ما لم تبادر القوى السياسية الوطنية الى اجراء انتخابات مبكرة طالما دعا لها المالكي وطبل لها حزبه واعلامه لتضع حدا لهذا الانحدار والتدهور قبل ان يجر المالكي العراق الى الهاوية وحينها لن ينفع الندم!
مقالات اخرى للكاتب