نحن امام ظاهرة تاريخية يمكن تسميتها بثورة العقل ضد اللاعقل وثورة المعرفة ضد الجهل وثورة الانسان ضد الاانسان كانت اوربا ولاسيما فرنسا البؤرة الثورية وقاعدة الانطلاق للثورة التي عصفت بالعالم في القرن الثامن عشر وهزت العروش والثورة تعثرت لانها استهدفت تحرير الانسان ثم مسخته وشوهته بدخان بارودها ومشاعل حريتها البرجوازية لانها اعتمدت الفردية الانانية كقيمة سرمدية للانسان وهذا ما طرحته وطبقته من جديد في هذا العصر الثورة السوفيتية بعد مرور اكثر من قرن لمؤتمر الصلح الذي عقد في فينا عام 1815 هذا ماتحاول الثورة العالمية المعاصرة تحقيقه وهذا الزلزال الذي اجتاح العالم في القرن الثامن العشر ومطلع القرن التاسع عشر لم يتوقف عند اسوار الصين الفكرية والاجتماعية التي عاش ضمنها يهود اوربا تحت عنوان الجيتووات فلقد اخترقها وكاد يزيل من الوجود بقايا العصور الوسطى من الحاخامات والمرابين والتجار والسماسرة ونشأت الهسكالا من البيئة اليهودية ورفعت لواء التحرير من التقليدية والتلمودية ونادت بسياسية الاندماج وخول المجتمع المدني الذي خلقته الثورة ووضعت امامه العراقيل ( الثورة المضادة ) وبتعبير ادق لقد حصل اليهود على بعض الحقوق المدنية ابان وبعد الثورة الفرنسية كحرية التنقل والمشاركة السياسية والخدمة في الدولة وغيرها من الحقوق اي الحق في ممارسة المواطنة الطبيعية لكن الحاخامات واتباعهم ادركوا خطورة هذا التحول على مواقعهم الاجتماعية ودورهم القيادي المستقبلي وشرعوا بمناهضة روح النهضة والتنوير الاجتماعي ومع توسع دائرة الديمقواطية البرجوازية وانتشار القوميات في القرن التاسع عشر وتصاعد الشوفينية ( التعصب القومي ) واني ارى ان اي تعصب يسمى شوفينية سواء” قوميا” اودينيا” او لغويا” اوحتى اللون والاصل والموقع الجغرافي اخذ هولاء الحاخامات يبلورون رؤية الصهيونية السياسية ويزرعون في اذهان اليهود فكرة الوطن القومي ومن اللافت للنظر هو ان هذه الفكرة كان اول من طرحها نابليون الفرنسي اثناء غزوه لمصر عام 1798 واول من حاول تحقيقها بال مستون رئيس وزراء بريطانيا في ثلاثينية القرن التاسع عشر ومع طرح بال مستون وقبل بلورة الفكرة الصهيونية وتاسيس المنظمة الصهيونية العالمية عام 1897 بدأت عملية الترابط والتزاوج ما بين الامبرايالية والصهيونية من المهد وسترافقها هذه العملية حتى اللحد ترافقها فلسفة مصالح الطغمة الحاكمة في امريكا والمسماة المجتمع الصناعي العسكري ومع هذه الخلفية الفكرية والسياسية القصيرة يمكننا فهم الاستاذ ويستر تش ولماذا يركز على 10 يهود ثوريين فقط دون تميز واضح وماذا يريد ان يقول ويستنتج من خلال دراسته العلمية هذه ان ويستر تش استاذ صهيوني اكاديمي يعمل في مكتبة وينز في لندن وتحت رقابة الاستاذ الصهيوني والاكاديمي الشهير ولتر لاكور وان مؤسسة وينر تنشر مؤلفات هذه المكتبة ومنشوراتها قد نالت سمعة مرموقة في الاوساط الاكاديمية في اوربا وامريكا وذلك لاعتمادها لاسلوب الغربي في المؤضوعية العلمية والتجر الاكاديمي وفي الحقيقة ان هذه المكتبة لهي الغطاء الاكاديمي الرفيع الشأن لمخاطبة رجالات الفكر واقناعهم بعدالة القضية الصهيونية ورغم مرور فترة طويلة من الزمن على تاسيس هذه المكتبة فلم تتخذ حتى الان اي مؤسسة عربية كانت او دولية على عاتقها دراسة وتحليل كلما نشرته هذه المكتبة وبحث ما في كتبها من مغالطات واقاويل واكاذيب علمية تحت عنوان العلم والموضوعية والان لابد من العودة الى صلب الموضوع وهو ان الاستاذ ويستر تش يريد .
اولا- ان يدق الاسفين الاخير في كفن اليسار الجديد في امريكا واوربا وذلك من خلال الارهاب الفكر النفسي الذي يحاول ممارسته باحياء ذكريات ثورية الامس ومتاعبهم .
ثانيا- ان يدفع باتجاه الحملة الصهيونية الصليبية التي تشنها امريكا بالتحالف مع الصهيونية ضد الماركسية بشكل عام .
ثالثا- ويريد ان يستنتد من تاريخ اليهود وتجارب اليهود الثوريين بان اسرائيل جاءت كتجسيد خلاق بالخصوصية اليهودية وكحتمية تاريخية للقومية اليهودية التي انبثقت من معاناة اليهود ووحدة تاريخ الاضطهاد والنفسية الروحية اليهودية وباختصار ان ويستر تش يعلن للملأ وباسلوب اكاديمي بان الهوية الصهيونية اسرائيلية هي هوية اليهود الحقيقية التي لا مناص منها في جميع ارجاء العالم وان كل يهودي يتخلى عن هذه الهوية او الالتزام بها فانه يكره ذاته وشعبه وتاريخه وهذه الكراهية لن تؤدي الى خلاصة الاجتماعي بل على العكس فانها ستزيد من تفاقم ازمته النفسية ولامفر له لا بالعودة الى الروح اليهودية الى الام الحتون اسرائيل والمستقبل الزاهر ونشر اطروحته في هذه الفترة بالذات ليس مجرد صدفة لطرح نقاش اكاديمي انما الهدف من هذه الاطروحة هو زرع الفرقة والشكوك في اوساط اليسار الجديد الذي تزعمه العديد من الشباب اليهود في امريكا واوربا في الستينات والسبعينات وبعد التوغل المخابرات في صفوف اليسار وشرخه وكبح جموحه وتشردة وابان محاولة بعض عناصرة من تجديد التنظيم والنزول تحت الارض وبناءه على اكثر مناعة من توغل المخابرات ووضوح الرؤيا والستراتيجية والعمل الجماهيري وياتي كتاب ويستر تش يقول للشباب اليهودي والعالم بصراحه ولكن بتهديد ضمني ان على الشباب اليهودي والثوري ان يسيروا وراء الصهيونية والامبريالية واسرائيل والا اي ان ويستر تش وغيره من اللبراليين والتقدميين الذي اعتبروا حراكات اليسار الجديد في الغرب حركات احتجاجية مشروعه قام بها شباب مخلصون يريدون تحقيق الديمقراطية لجميع المواطنين وانهم لن يسمحوا لهذه الحركات بالنموا والتنفس وانهم يسقضون عليها قبل تحولها الى حركات مؤثرة ويسحقونها لذلك فان يضع اعيننا في اليهود الثوار التاريخيين لكي يقتدوا بهم وان فكرة الوطن القومي وضعت اليهود امام خيارين :
اولا- تبني بفكرة الوطن . ثانيا- او رفضها واعتناق المواطنة القومية في بلد ميلادهم وان اكثرية اليهود الساحقة تبنت الفكرة القومية لافكرة الصهيونية ولكن الحاخامات المعششين في الجيتوات تحالفوا مع البرجوازية اليهودية الصاعدة والمرتبطة مع الرأسمالية ومصالحها ومصيرها لقد تقاسمت في مؤتمر برلين الدول الاوربية العالم فيما بينها ان خلق اسرائيل يهدف الى خلق حصن منيع في الوسط العربي وحاجز يخترق مابين مشرقه ومغربه بالاضافة الى اسواق ومصادر خامات ومستهلكين للسلع الرأسمالية ان اكثرية اليهود يتصرفون على اساس القومية ويعملون في جهات سياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار فهم اصحاب البنوك والمصارف وكبار التجار والمتسلطون من البرجوازية الصغيرة وفي اقصى اليسار يجد رجالات الفكر والكتاب والثوار وان المتتبع يجد اليهود في جميع مناحي الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية بل ان قسماً منهم ينبذون فكرة ارض الميعاد ان البقاء في الجيتو اسفر عن ازدواجية في الشخصية اليهودية الشخصية العصرية خارج الحي في النهار والشخصية الانعزالية المنطوية على ذاتها في الليل داخل الجيتو اي ان اليهودي كان في المجتمع ولم يكن جزءا” منه لذلك بقيت سكيولوجية الجيتو السائدة وهي الثمار التي ستقطفها الصهيونية من استغلالها اما نظرية الاندماج فقد دخلوا المجتمع كمواطنين وانخرطوا في الحركات الثورية السياسية القائمة ونهم من ابتعد عن اليهود كيهود ونسيان الماضي ومنهم من اعتنق المسيحية ومنهم من نادى بالالحاد لذلك نجد ان ويستر تش عوضا” ان يرد ويدحض الاطروحات يلجا الى التحليل النفسي وهو لايملك المؤهلات العلمية لهذه المهمة ويستنتج من الطب النفسي ان عدم الاطمأنان من اصله لعب دورا” كبيرا” في صياغة افكاره واخلاقه وانه ورث العداء الى السامية من المقولة الاوربية والحضارة المسيحيه ان عدائه ازداد عندما حرمته والدته من ارث والده لانه تزوج من فتاة مسيحية نجد بان ويتر تش قد فشل في اداء مهمته لانه لم يفسر لنا انسانية الصهيونية ومشروعاتها التارخية ومبراتها المعاصرة فان اليهود اقلية متماسكة وغنية وتحترم العلم وتعرف كيف تديره لمصالحها وتريد الواجه وهذا يمكن كـــــــسبه باحتراف التجارة وامتلاك البنوك وصــــــناعة المعرفة والتوجه نحو الاعلام والسياسة لانها لها خبرة تاريخيه تسير الرأسمال وتديره والمتاجرة به ولانها المحافظة والمسيطرة على نيويورك ومن خلالها على تهويد الامريكان وامركت اليهود ومنها امركت العالم فان اليهود لهم دور لاينسجم مع عددهم الضئيل في امريكا وهو عددهم 3 بالمئة من السكان وفي العالم بحدود 20 مليون وفي امريكا تكمن قوة اليهود وتوجيه الرأي العام لان الامبريالية تنظر الى الصهيونية اسرائيل كقاعدة عســـــكرية وسياسة امنه ومؤمنه بالمبادى الامريكية يمكن استــــخدامها حسب الطلب .
مقالات اخرى للكاتب