الكاتب والإعلامي عبد الخالق كيطان يوم كان في بغداد، قبل ان يتوجه إلى العاصمة الأردنية عمان ، لطالما تحدث مع زملائه عن معاناته اليومية المريرة في التنقل ، من منزله الى مقر عمله بواسطة "الكيات " او التكسيات ، في حال يسمح له " جيبه" بمساعدته في خوض هذه المغامرة المعبرة عن "ترف برجوازي" يضطر الى اللجوء اليها عند ارتفاع درجات الحرارة في الصيف ، وعندما تكون أشعة الشمس عمودية فتسقط على الرؤوس بسياط ملتهبة لا يستثنى منها الا من استقل مركبة مزودة بمنظومة تبريد ذات كفاءة عالية ، ومثل هذه المواصفات تتوفر في مركبات الدفع الرباعي المخصصة لكبار المسؤولين.
تمنيات عبد الخالق كيطان في بغداد ، اختزلها في الحصول على سيارة "نص عمر" تلبي رحلته اليومية المكوكية بين شقته في الأعظمية ، الى مكان عمله في شارع السعدون ، ومن حسن حظه ان هذه المعجزة ، وربما هي الأولى تتحقق في حياته ، ان تمنياته خابت وتبددت وبفضل نصائح زملائه من أصحاب السيارات القديمة ، تخلص من رغبة الجلوس خلف الستيرن ، ولم يسجل في دوائر المرور بصفة قائد مركبة او حائزها بوكالة "أم الصورة" من صاحب السيارة الأصلي .
زملاء كيطان من أصحاب السيارات القديمة بالوكالة ، تذكروا تمنياته السابقة ، بعد ان اضطروا الى الدخول في ماراثون مراجعة دوائر المرور لتغيير الرقم ، او استبداله بآخر من اللون الأبيض ، ليتخلصوا من نظام الفردي والزوجي ، وتبدا رحلة الماراثون بالنهوض المبكر صباحا قبل الساعة السادسة بالتوقيت المحلي ، وحمل الوثائق الأصلية والمصورة هوية الأحول المدنية وبطاقة السكن والتموينية وشهادة الجنسية ومجموعة من الصور الحديثة ، وسنوية السيارة ووكالة القيادة مصدقة من كاتب العدل مع صحة صدورها ، ثم التوجه الى أبي غريب لمراجعة دائرة الكمرك لدفع رسم استيراد السيارة ، والوقوف في طابور طويل لحين الوصول الى الشباك لتقديم المعاملة .
التوجه الى أبي غريب ليس بالأمر الهين على الأطلاق هذه الأيام بحسب من قام بتلك الرحلة فهذه المنطقة تصنف بانها ساخنة ، وكثيرا ما تشهد حوادث عنف ، تستهدف دوريات الجيش والشرطة ، ولهذا السبب قررت مديرية المرور مؤخرا افتتاح مركز آخر لدائرة الكمرك، يقع في منطقة الحسينية بأطراف الرصافة من العاصمة ، لاستقبال معاملات المراجعين ومنهم زملاء عبد الخالق كيطان ، وهم الآن في كل خطوة من رحلة الألف ميل ، يحسدونه على إحباط تمنياته بشراء سيارة تحمل رقم الفحص المؤقت .
الحديث عن تبديل الأرقام والمراجعات وتسجيل الوكالات ونظام العمل بالزوجي والفردي احتل أولويات مشاغل أهالي العاصمة ، بعد ان تركوا خلفهم قضية القطع المبرمج للتيار الكهربائي ، ومن المناسب جدا ان تبادر احدى القوائم الانتخابية لاستثمار هذا الموضوع ، وتعمل على مساعدة المراجعين في الحصول على أرقام جديدة لتكسب أصواتهم في الانتخابات التشريعية المقبلة ، وبتنفيذ هذا المقترح، يحقق عبد الخالق كيطان معجزة ثانية في إثبات حسن حظه على حد تعبير زملائه من نوع المنفيست.
مقالات اخرى للكاتب