جنودنا هائمون في العراء.. جنودنا محاصرون على تخوم الموصل وتكريت وسامراء.. الوقت ليس ملائماً للخوض في تفاصيل الخصومة مع المالكي، الأمر الواقع هو يتصدر المشهد في مواجهة "داعش"، كرئيس وزراء وقائد عام للقوات المسلحة، وإن كان أداؤه مشبوهاً، علينا جميعاً أن نقف ضد قوى الظلام والمهووسون بالعنف وأعداء الحياة وكل المتحالفين مع هذا التنظيم الإرهابي.. على كل المؤسسات العسكرية وخصوصا استخباراتها أن ترفد القيادات العسكرية بالخطط والافكار لنصرة الجيش في معركته.. ألم يكن بوسع الاستخبارات مثلاً، ان تتعامل مع العجلات العسكرية التي تركها الجيش المنسحب، بما يضر بالعدو؟.. أليس على هذا الجهاز ان يكون مستعدا لمثل هذه الحالات؟.
نحن إزاء مشهد مريع.. آلاف الجنود تقودهم سيارة واحدة تابعة لـ"داعش" يخرجون مستسلمين برهط طويل من قاعدة سبايكر في تكريت؟؟ نحن بحاجة الى مراجعة أخلاقية سريعة، تستأصل ثقافة الشوارب والإستعراض الفارغ الساذج الوضيع، ثقافة الانشغال بإظهار المسدس من تحت القميص، ثقافة الانشغال بالشكل دون المضمون، الانشغال بالبدلة وربطة العنق دون تفكير جدي بتقديم ما هو قيّم وابتكاري للوظيفة التي يشغلها.. نحن بحاجة الى ان نقول لابراهيم الجعفري: نريد حلولاً موضوعية، بعيداً عن مكتبتك الكبيرة التي تحرص على استعراضها، ونحن نواجه أزمة خطيرة بحجم الجحيم القادم مع أشرار "داعش".. علينا أن نروّض النرجسية لديه، أن نواجهه ونقول له "العراق أكبر من نرجسيتك المتضخمة، وأكبر من أن يدار عبر تفسير الأحلام".. علينا أن نوقظ أهل الحل والعقد من خدرهم الديني، طالما قدرنا الخائب نصّبهم في أماكن صنع القرار.
علينا أن نقول لبعض من هم ضمن المحيط الثقافي: كفاكم لعب دور "المهوسجية".. لسنا في وقت يسمح بممارسة إنتهاز الفرص على الإطلاق.
شاعر يستغل أزمة الموصل ويطالب المالكي باعدام معارضيه.. وفنان تشكيلي يروج لتصريحات حنان الفتلاوي المتشنجة على أنها الخطاب الوطني الصحيح.. كاتب ورئيس تحرير جريدة صفراء، خلفيته بعثية، يطالب باعدام محافظ نينوى، في محاولة لتمرير اكذوبة سخيفة على اعتبار النجيفي هو المذنب الوحيد بهزيمة الجيش في الموصل!.. هؤلاء متزلفون.. متملقون.. يطالبون المالكي بأكثر مما يتمناه هو نفسه، تماما مثلما كان "المهوسجية" يطالبون صدام بقطع انوف معارضيه.
فينا عيب، لابد من إصلاحه.. كلما اشتدت أزماتنا، ازددنا رغبة بخلق أعداء جدد. البعض ينشر أخبارا ملفقة، تشي بتأييد دول جوار جديدة تؤيد "داعش"، بعض تلك المواد الإعلامية تريد اقناعنا أيضاً بأن أهالي الموصل يرحبون بداعش.. السلوك الفطري لكل الشعوب عند مرورها بأزمات من هذا النوع، تحاول البحث عن أصدقاء، لا أن تصنع أعداء جدد.
مقالات اخرى للكاتب