Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
قارورة الزوجية
الثلاثاء, تموز 15, 2014
علي الابراهيمي

الزواج ذلك الرباط المقدس ، الذي ينقل الانسان من الوجود الى الإيجاد ، فيجعله مفصلا في حركة البشرية . حيث يدور الوجود الإمكاني على آلية الثنائية والزوجية ، كظاهرة طبيعية .

لقد عبّر القران الكريم عن بعض صور هذه الثنائية في عدة آيات ، مثل (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) و ( فاطر السماوات والارض جعل لكم من انفسكم ازواجا ومن الانعام ازواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) و ﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾ و ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ و ﴿وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ﴾ و ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى﴾ و ﴿وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَاراً وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ، وغيرها من الآيات القرانية التي تناولت مفهوم الزوجية .

وإذا شئتُ الاستعارة من اختصاصي الكيميائي ، فيمكن تشبيه كينونة الانسان قبل وبعد الزواج بالذرة والجزيئة . فالذرة عندما تكون مفردة تتمتع بطاقة خطرة غير موجهة ، كما انها - طبيعيا - غير منتجة لعنصر تنتفع منه الكائنات الحية ، لكنّ الذرة حينما تدخل في عالم الثنائية فتشكل الجزيئة - وهي التي تتكون من اتحاد ذرتين فاكثر - ستعطي شكلا مميزا لعنصر ما من عناصر الطبيعة ، فتعود الذرات لحالة الاستقرار والوجود الإنتاجي النافع . كذلك يكون حال الانسان قبل وبعد الزواج .

كانت الحياة الزوجية في الماضي اكثر استقرارا منها الان ، لأسباب تتعلق بالتغيرات المجتمعية والحضارية ووسائل التواصل ، لكنها اليوم تعاني من عدة ظواهر ، تسير بها نحو حافة الهاوية ، وتجعلها في سخونة كيميائية ، تتسبب بانفصال الأواصر الربانية ، وبالتالي انفصام عرى الزوجية ، ومن ثم الانهيار المجتمعي .

وللزوجين أثرهما في هذا القلق الأسري . فأحيانا يكون للرجل الأثر السلبي ، وأحيانا اخرى تكون المرأة هي الدافع باتجاه الانهيار ، وفي الحالات الأخطر يكون لكلا الطرفين اثره السيء .

يعاني مجتمعنا العراقي - باعتباره احد المجتمعات الشرقية ووليد التكوينات القبلية - الأبعاد الدكتاتورية للرجل في الاسرة ، خصوصا حين يفقد هذا البعد خارج المنزل ، لذلك يفرغ شحنته الذكورية الشرقية - خطأً - في بيته ، ويصبها على أمانته من الضعفاء واسراء سلطته . ولما كانت المرأة العراقية قوية الشخصية في الأساس ، ومن ثم تقدمت حضاريا ، وشهدت بناءً كبيرا لشخصيتها ، حصل التصادم داخل الاسرة ، نتيجة الإفراغ الخاطئ والاستقبال السيء من الطرفين .

وفي احيان اخرى تتلاعب بالرجل تشعباته الهوائية ونزواته وتكويناته البيئوية ، فيتحول الى عدة صور متناقضة ومتضاربة وغير مفهومة ، مما ينعكس على أسرته ، وفي المقدمة الزوجة ، التي ستعاني حسب قدرتها الاستيعابية وثقافتها ، حيث في الغالب تكون المرأة غير مهيأة لهذا ألكم والنوع من الأمواج المتلاطمة لظلمات رجل ما .

واليوم - وسط هذه الفوضى الأخلاقية والاندفاع البهيمي - توفرت للرجل فرص تعويض الحرمان والكبت ، الذي انعكس عن ماضي العراق الصعب ، من حيث الصورة والصوت ، فلجأ الكثيرون الى ( قوانين الغابة ) واستغلال الانفلات ، الناشئ عن التصارع المادي والتسابق الدنيوي ، عبر كل الآليات التلاعبية المتوفرة بين أيديهم ، ومهما كانت الخسائر المادية ، فضلا عن المعنوية . ولا نحتاج القول ان كل ذلك سينعكس على المرأة الزوجة ، وعلى الاسرة عموما . وهذا الانعكاس السلبي قد يكون ماديا ، او عاطفياً - وهو الأخطر واقعا - ، وفي اغلب الأحيان يكون انعكاسا مزدوجا ، مما يجعل الزوجة محصورة في خيارات أحلاها مرّ .

ومع تحسن الوضع الاقتصادي للمجتمع ، وتوجه الفرد نحو الارتقاء في الشكل والمضمون ، وإدخال وسائل الاعلام الفضائية صورا جديدة لمجتمعات اخرى ، صار الكثير من الرجال - والنساء - يحاولون اغتنام شيء من حاضر جديد ، يساير الموجود من ( وجوه وصور محسّنة ) ، توازن بعض اثار الماضي ( القهري ) . وربما يكون للبعض ( عذره ) فيما يسعى ، الا ان الكثيرين لم يكونوا الا عقولا ( رأسمالية ) مصطنعة ، تريد العيش بثقافة وسلوكيات ( استهلاكية ) ، حتى على مستوى شريك جديد لحياتهم . فيما كان بالإمكان العمل على تطوير الشريك ، الذي تحمل سنين التعب ، والارتقاء به نحو فضاء أفضل ، ليكون - ربما - مشروعا بنائيا ، يفخر به صاحبه . ( هذا المقطع مضغوط جداً لأسباب أخلاقية ) .

وقد خلقت هذه الثقافة ( البصرية والاتكيتية ) الجديدة ما خلقت من هزات اجتماعية ، انعكست على اجواء الاسرة ، وعملت على شحنها عاطفياً بصورة سلبية . ومن مظاهرها الغريبة ( تميّع ) الرجال ، و ( لا وعي ) المرأة .

وحتى لا نحمّل الرجال وزر النوايا السيئة دائماً ، يمكننا استعراض بعض الظواهر الرجالية القهرية ، لكنها في ذات الوقت مربكة للوضع الأسري ، وقد تنفعنا بعض التصويرات الواقعية لسلوكيات أسرية تحتاج الى مراجعة في مقاربة الفكرة . ومن ذلك ان بعض الرجال العاملين الكادحين - أعانهم الله - يستمرون في العمل من الصباح الباكر حتى المساء ، وقد يذهبون مساءً في سهرات خاصة مع الأصدقاء والمعارف ، والأنكى في المقاهي ، للتنفيس عن التعب والإجهاد ، ومن ثم يعودون متأخرين الى منازلهم ، مجهدين ، كل الذي يفكرون به قسط من النوم ، يوازن حاجة أجسامهم المتعبة ، فيما تكون الزوجة بانتظار حضورهم ورعايتهم وعاطفتهم ، لكنها لا تحظى بذلك في كثير من الأحيان لما ذكرناه ، وربما يرتمي بعض الرجال في فراشهم دون الاهتمام بمظهرهم وحالتهم ، لما يعانون من شدة التعب ، فتكون الزوجة ضحية كل ذلك ، وهي الكيان الباحث عن العاطفة ، بايّ مستوى اجتماعي وثقافي كانت . ورغم ان اللامبالاة خطرة جداً على المرأة ، لكنّ الحل كان دائماً في متناول الرجل ، حيث يمكنه تخصيص بعض وقته ، ايام ، او ساعات ، او حتى كلمات ، انا متأكد انها ستنقل المرأة لعالم اخر .

ان الإهمال هو الداء الأخطر الذي يتسبب في انهيار مقومات الدفاع والثبات لدى المرأة ، فهي كيان قائم على أسس عاطفية ، لأسباب طبيعية ، تلعب الكلمة دورا كبيرا في بنائها ، لذلك هي تنتظر من شريك حياتها الاهتمام الدائم والكلمات المادحة ، ويمكننا - مجازاً وفي استعارة فنية - القول ان حياتها تقوم على الاستعراض ، بانتظار تصفيق الجمهور ، والإعجاب بما تقوم به من فنون داخل الاسرة ، او في مسرح حياة الزوج . لكن - للأسف - تفتقد حياتها في كثير من الأحيان لما تنتظره ، لأسباب متعددة ، كالكِبر او الانشغال او الرؤى الخاصة بعقلية الرجل ، مما يجعلها تصاب بخيبة أمل كبيرة ، تدفعها - في بعض الأحيان - للتفاعل مع كلمات واعجابات من خارج المنظومة ، لموازنة حاجاتها النفسية والعاطفية .

ويعمد بعض الرجال احيانا الى ادخال زوجاتهم في عالم المقارنات مع نساء أخريات ، مما يتسبب في إيجاد شرخ نفسي كبير ، والآثار النفسية والعاطفية الإيجابية او السلبية - غالبا - تبقى طويلا داخل قلب وعقل المرأة ، وربما تعيش معها كلمة واحدة عمرا . فيما يكون الأفضل هو التعامل المتوازن في معالجة اختلالات المرأة - في حال وجودها - ، عبر تغيير لغة التعامل معها وتعزيز عوامل النجاح فيها .

احد الرجال - ربما - يجعله قدح من الماء فرعونا في خطابه مع الزوجة ، حيث تنتقل أفكاره باتجاه المبدأية ، وتصور الزوجة في حالٍ عدائية ، رغم انه يستطيع علاج الموقف بابتسامة لا تكلفه شيئا . القضية كلها في لهجة الخطاب .

تعيش المرأة هي الاخرى مجموعة من التوجهات والسلوكيات الخطرة ، والتي تساهم في هدم الاسرة . فالكثير من النساء يعيشون الحياة المادية الصرفة ، حتى أنّ بعضهن أصبحن فارغات من عالم المعنى ومن العاطفة ، مما يجعلهن يضغطن على أزواجهن بصورة مفرطة الغباء ، حيث تساهم التنافسية والغيرة داخل عالمهن في إصابة بعضهن بالهستيريا المادية ، وحينها يغيب العقل ، المقنن للعاطفة ، فتبدأ العاطفة بالهياج دون ضابط ، باتجاه حاجات مادية ، وبالتالي اخضاع الرجل لخسارتين ، العاطفة والمادة .

وقد تستثير المرأة زوجها بمقارنته مع ما يبذله رجال اخرون ، فيدفعه ذلك بأحد اتجاهين ، اما الإجهاد لتوفير الحاجات التي تحسّن صورته في تلك المقارنات ، او النفور .

ونساء كثيرات لا يحدث الارتباط بهن فرقا في حياة الرجل ، حيث يعيش الفوضى باجلى صورها ، وربما يكون الزواج أشد عليه من حياته السابقة . وقد يتأتى ذلك من كون هؤلاء النسوة باردات ، او كسولات ، او فوضويات ، او ربما لا عقل ناضج لهن أصلا .

فيما تعيش المرأة احيانا بأسلوب رجل ، يشعر معها الزوج انه يخاطب اخاه ، تبني كيانها على التحدي ، ويكون خطابها قائما على الإنجاز ( الصوتي ) ، فيما تفتقر لما يوازن بعض ذلك على الأقل ، من حيث الإنجاز العملي .

دخل التأثير التلفزي - الدرامي او البرامجي الموجه او غير الموجه - بصورة مطردة في حياة المرأة ، فترك أثرا واضحا خلال السنوات الاخيرة ، على السلوكيات والاعتقادات وطريقة الحياة . وكان لهذا التأثير دور سلبي في كثير من الأحيان - ولعله مقصود - على توجهات النساء ، حتى ان الكثير منهن لم يعدن يدركن ابعاد شخصيتهن الواقعية ، فضلا عن ان يدركها الزوج ، فصرن يتخبطن ، ويذهبن بعيدا في سلوكيات سيئة غالبا ، تؤول الى ما لا يحمد عقباه ، فيعشن فترة تكون وزرا على ما يليها من حياة ، وبالتالي يهتز الاستقرار الأسري .

هناك الكثير من النساء اللاتي يجدن صعوبة في نطق الكلمات الرقيقة لدغدغة عواطف الرجل ، اعتقادا منهن ان ذلك من وظائفه هو وحده ، وان المرأة هي وحدها التي عليها انتظار تلك الكلمات ، لانها الكيان العاطفي في الاسرة ، غافلات عن حقيقة ان هذا ال ( شمشون ) سيعود صبيا محبا ببضع كلمات لطيفة .

ولعل اهم ما يزيح عن الرجل صدأ التعب والشد العصبي - والذي لا يمكن له إغفاله - هي تلك الابتسامة التي يراها على محيا زوجته ، عند عودته الى المنزل ، حيث يمكن لها ان تكون مركبة تنطلق بهمومه بعيدا .

اما المرأة العاملة فهي تعاني أبعادا اخطر في حياتها الزوجية ، لعدة اسباب . تتعلق هذه الأسباب بما تتعرض له من مضايقات واحتكاكات خارج المنزل ، وكذلك الإجهاد والنصب الذي لا يتناسب مع تكوينها الفسيولوجي والنفسي ، وغيابها عن وظيفتها المقدسة في تنشئة الأبناء وإعدادهم . وللأسف اصبح عمل المرأة من عوامل الجذب والرغبة لدى الرجال ، تحت تأثير الكسب المادي . وانا لست ضد عمل المرأة مطلقا ، بل هناك وظائف لا يمكن لغير المرأة القيام بها ، سيما في الصحة والتعليم . لكن ذلك لا يمنع ان وجود المرأة في الكثير من الوظائف هو إقحام فاشل وغير منطقي ، وأول ضحاياه هي ذاتها .

بات الكثير من الرجال عالة على زوجاتهم العاملات ، واللاتي يعمل بعضهن في عدة وظائف في آن واحد ، في ظاهرة غريبة ومستهجنة . ولو نظرنا لواقع الحال لرأينا ان الرجل في كثير من هذه الحالات لا يرى زوجته اكثر من ماكنة نقود ، ولا يهمه ما تتعرض له من ضغط واحتكاك خارج المنزل ، حيث اقتلع المال ما تبقى له من غيرة وحمية . ولعل بعض المحافظات العراقية بات من الغريب فيها والشاذ ان تكون المرأة غير عاملة . حتى وصل الامر - فيما نستطيع قوله - الى ان تناسى الكثير من النسوة لثوابت اجتماعية واسرية كثيرة ومهمة ، تحت وطأة التنافس والحاجة ، وكذلك الضغط اللاأخلاقي من قبل أرباب الاعمال ، فتلجأ الى قتل ذاتها وكينونتها .

وأحيانا يتسبب البذل الذي يقع على كاهل المرأة في زعزعة مفهوم القيمومة داخل الاسرة ، فتجد المرأة نفسها مضطرة لتغييب أنوثتها ، والعيش بصورة رجل ، كردة فعل تلقائية لتغير المفاهيم الأسرية . ومن الخطورة الكبيرة حينها ان تبحث المرأة عن أنوثتها بعيدا عن هذا الرجل .

وقد حاورت العديد من النساء العاملات ، وعلى مستويات وظيفية وثقافية مختلفة ، فوجدت ان ما يقارب ٩٥٪ منهن - واقصد من حاورت فقط وهن كثيرات - كنّ يتمنين ترك العمل والجلوس في البيت ، في حال وجدن رجلا غيورا ، قادرا على تحقيق الحد المعقول من الاكتفاء للأسرة . ولعلّ بعضهن كنّ رافضات لإقحام المرأة في دوامة العمل المضنية . فيما يقول بعضهن أنهن بقدر ما كن حريصات على اغتنام اي فرصة للتوظيف ، تحت شعارات تحقيق الذات ، فهن اليوم يستشعرن الحاجة الى الراحة ، وضرورة التخلص من الضغط الذي يولده الالتزام الوظيفي ، فضلا عن مشاكل الاحتكاك والتنافس . لكنّ الحاجة كانت على الدوام هي المعرقل الأكبر أمامهن .

وفيما يقول البحث العلمي ان العمل والإجهاد عكسي النتائج على الحالة النفسية والعاطفية والغريزية بين الرجل والمرأة ، نجد ان تدارك ذلك يكون مهملا أسريا . فالرجل يفقد الرغبة عند تعرضه للإجهاد ، فيما تحتاج المرأة الى التعامل العاطفي الأقوى عند الإجهاد بسبب العمل . لكن الغريب ان المرأة تزيد الضغط على الرجل ماديا ، وبالتالي يزداد الإجهاد ، فيقل عطائه العاطفي . بينما ينشغل الرجل في كثير من الأحيان عن توفير الغطاء العاطفي المناسب لزوجته التي تعاني إجهادات العمل . ومن ثم تبدأ مجموعة من المشاكل النفسية ، والتي تفتح الأبواب امام مشاكل اكبر وأخطر .

وبالمناسبة ، يعاني الكثير من الرجال والنساء ، والذين قد يكون زواجهم مرّ عليه فترة زمنية طويلة احيانا ، نقصا واضحا في الثقافة الجنسية . حيث يُعتبر التعرف على هذا العالم المهم من المحظورات الاجتماعية ، في خطأ كبير ، يتسبب احيانا في هدم احد الزوجين أخلاقيا ، او كليهما ، او حتى هدم الاسرة . ولا يجيد الكثيرون آليات الإشباع لرغبات الاخر ، والتي تبدأ بالكلمة ، وتنتهي بالابتسامة . حيث تضيع هذه اللحظات المقدسة بين تمنع وتململ الزوجة ، وبين الآلية البهيمية لكثير من الرجال ، او ربما بسبب برودة احد الطرفين ، او الاختلاف في مستوى النشاط . وفي بعض الأحيان يكون للروتين دوره في إخماد الرغبة . وقد يكون للنظرة الاجتماعية وتأثير البيئة دور في رسم صورة العلاقة الجنسية بين الزوجين ، حيث لا يراها الرجل الا لحظة لإفراغ شهوته في بضع دقائق ، بينما تراها المرأة أمرا مخجلا ، تقوم به مضطرة .

على الزوجين - واقعا - النظر للعلاقة بينهما عاطفياً وجنسيا من زاوية الحب والألفة ، وألّا يعتادا على حصرها بلحظات روتينية ، تتمثل بحالة من الإفراغ ، بل هي آلية من آليات شحن العاطفة وتجديد المحبة ، ودافع للتقارب المستمر . وربما يكون من المناسب ابقاء هذا الوهج وهذا الدافع محركا للتواصل بين الزوجين ، وموجدا للاشتياق الدائم .

نادرا ما نجد ان احد الزوجين يبادر الى التواصل مع الاخر اثناء تواجدهما في أماكن متباعدة ، في العمل او غيره ، بكلمة اشتياق ، او بعض أبيات الغزل ، او السؤال عن حاجة بعضهم الى الاخر ، مما كان سيغني الطرفين عن مجمل المحيط .

وقد يستشعر بعض الأزواج غرابة ان يغازل زوجته خارج فراش الزوجية ، فيما يجد الكثيرون صعوبة بالغة في تغيير الأجواء مع أسرهم ، عبر السفر ، او تغيير روتين الحياة اليومية .

وقد رأيت ان الكثيرين من الرجال والنساء العاملين والعاملات يعيشون حياة الماكنة ، لا يكاد احدهم يأخذ استراحة عن العمل ، متناسين كليا حاجة أسرهم وازواجهم اليهم . يمكن للرجال والنساء معا إتاحة الفرصة لأنفاس أسرية ، من خلال يوم اجازة أسبوعيا ، او ثلاثة ايام شهريا ، او ما يقارب الأسبوعين او اكثر سنويا ، كحد أدنى لكسر الروتين الذي يصيب الحياة الأسرية بالشيخوخة .

بعض الأزواج يمكن القول انه لا يعدو مقبرة تدفن الحس الإبداعي لشريك حياته . حيث هو بين الجهل بشريكه ، او اللامبالاة بما لديه ، اما لقصور او تقصير ، او لانه يحاول جعل شريكه في مستوى أدنى دائماً ، ليبقى هو الشريك الأفضل صوريا . وفي كثير من الحالات يستجيب الشريك صاحب الحس الإبداعي لاشادات قادمة من خارج المنظومة ، كي يستشعر قيمته الإبداعية .

ومن الطريف - والمحزن - ان الكثير من الأزواج يعطي خارج منزله - للغير - من الرعاية - لأسباب استعراضية ربما - ما لا يعطيه لشريك حياته ! ، فيما هو - واقعا - يزرع في غير ارضه ! .

وسائل التواصل الاجتماعي دخلت مؤخراً كشريك حياة ، يدمنه الزوجان ، حد الغيبوبة في كثير من الأحيان . والواقع ان الخطر القادم مع هذه الوسائل كبير جدا ، خصوصا حين يستعين - هذا الخطر - بالفراغ - القاتل - الذي يعيشه شخص ما ، والذي قد تتعقد مشاكله النفسية بوجود الإهمال المتعمد او غير المتعمد ، لذلك يجد الكثيرون في هذه الوسائل متنفسا مناسبا لقتل الوقت ، او للإحساس بوجودهم ، حتى مع الاقتناع بكذب ما يجري داخل هذه المنظومة التواصلية ، سيما بغياب الروادع الدينية والعرفية ، وغيبوبة الضمير ، وموت الانسان داخل الكثيرين . وهنا من المناسب جداً ان يستغل الزوجان هذه الوسائل - الادمانية - لإبقاء المنظومة سليمة ، ومن ذلك ان يتواصلا معا عبر بعض هذه الوسائل ، ويجدا فيها وسيلة اخرى للحث العاطفي .

وقد يكون لوجود الأطراف الخارجية في أسرتي الزوجين اثر خطير في عرقلة النجاح المتوقع لهما . ولا نريد ان نسرد الأمثلة على تسبب تلك الأطراف في مشاكل كبيرة للزوجين ، لكن يمكننا القول ان كلا الشريكين سيفكران بمدى استحقاق الشريك الاخر لمستحقات الوقوف الى جانبه ، وهل ان هذا الشريك منتج ونافع ، حتى يستطيع شريكه العمل على خلق حالة من التوازن بينه وبين أهله وأسرته . هذا من حيث التفكير الربحي ، لكن من حيث التفكير الإيجابي فالواجب على الشريكين إظهار محاسن كل طرف امام مجتمعه ، وعدم نشر عيوبه ، او ربما خلق عيوب غير موجودة أساسا لمجرد الخروج منتصرا ، وبالتالي جعل الجميع يعيشون تواصلا إيجابيا في المجتمعين المتبادلين ، بل والعمل على زرع كل طرف لشريكه في منبته ، ليكون مثمرا فيه ، بالكلمة الطيبة والموقف النبيل ، فتزداد فرص النجاح .

ان آليات العيش المعاصرة والتكنولوجيا الحديثة أخذت الاسرة والحياة الزوجية نحو مساحات ضيقة ، وزادت من السرعة حد اللهاث ، وقللت فرص اللقاء ، وزادت من السعار المادي ، وضائلت حظوظ السمو الروحي - الذي هو في الحقيقة اهم عوامل نجاح الحياة الزوجية - ، لذلك لابد من العودة لشيء من الحياة ( الكلاسيكية ) ، لانها تتضمن العديد من فرص النجاح ، مع عصرنة سبل الراحة ، والارتقاء بلغة الحوار .

ان تغيير الذهنية التي تدير سبل التعامل مع شريك الحياة سيتيح فرصة اكبر للنجاح . اما العيش بأبعاد ( الندية ) تأثرا بموروثات اجتماعية سلبية بالنسبة للرجل ، او تأثرا بمفاهيم وافدة موجهة من خارج المنظومة الاجتماعية المحلية بالنسبة للمرأة ، فلن يترك وراءه سوى أسرة مبعثرة ، وقلوب محطمة ، ورجلا حائرا مترددًا ، وامرأة حيرى تقلبها اهل المناهل والمناقل ، يعيشان على الهامش الاستغلالي ، لمجتمع تحول الكثير من أفراده ، بل ومؤسساته ، الى وحشية البهائم .


مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.36318
Total : 101