الدول المعروفة بصراعاتها السياسية واضطراب امنها، وتدني المستوى المعيشي لابناء شعبها ، والحريصة على الدوام على تعزيز ترسانتها العسكرية، وملفها في مجال الدفاع عن حقوق الانسان غير مشرف ، هذه الدول تديرها سلطة هرمة ينخر الفساد مؤسساتها، وسجونها مزدحمة على الدوام، تستمد بقاءها من الازمات وعلاقاتها بجيرانها متوترة ، وحدودها منتهكة، وابرز مواهبها انها على استعداد للانضمام الى اي محور اقليمي، لغرض اثبات حضورها في الساحة الدولية بوصفها مصدرا لتصدير المشاكل ، وهذا النموذج من الدول اعطت مظهرا واضحا للسلطة الهرمة سليطة اللسان، اقوالها اكثر من افعالها ، واعلامها الرسمي يتمتع بصوت صاخب ، مهمته تضليل الحقائق ، وتلميع صورة الحزب الحاكم .
الدول العربية صاحبة التاريخ العريق الممتد الى حضارة قديمة، كما تقول كتب التاريخ، تعيش شعوبها في تعاسة ازلية ، مسلوبة الارادة ، تتطلع لتغيير واقعها، لكنها عاجزة عن مواجهة سلطة جائرة، تستمر عشرات السنين ، باحكام قبضة الحزب الحاكم على كل مفاصل الدولة، وبمرور الزمن تبدو السلطة قبيحة الوجه والسلوك، تخضع لعمليات شد البشرة وازالة الشحوم ، وتدخل يوميا في صالون التجميل ، لعلها تكتسب نضارة مفقودة ، وهذه القاعدة لا تنطبق على دول مثل سويسرا وبريطانيا وهولندا والسويد وغيرها صاحبة الارث الديمقراطي ، لانها عرفت مسارها منذ مئات السنين ، فحافظت على شبابها وسر جمالها .
السلطة الهرمة ، اعتمدت دستورها الخاص المكتوب بارادة فئة قليلة ليضمن بقاء حاكمها على العرش مدى الحياة ، وعندما ينتقل الى جوار ربه سواء بالمرض او بانقلاب عائلي ، او بحادث اغتيال يتربع على العرش الوريث الشرعي ، وبلقب صاحب الجلالة ، تبدأ دورة اخرى جديدة تكرس القبح وتجعله العلامة الفارقة للنظام .
شعوب الدول الخاضعة لسيطرة السلطة الهرمة، شخصوا اسباب قبحها، فاذعنوا للأمر الواقع ، لان القضية خارج ارادتهم ، وبعضهم استسلم للقدر لانه مكتوب على الجبين ، ومن واجب الفرد تقديم الولاء والطاعة لأولي الامر ، وانتظار رحمة الله ، وترك القضايا المصيرية الكبيرة، تاخذ مسارها الطبيعي من دون تدخل البشر ، فاعتمدت السلطة الهرمة ، على هذه النظرية لضمان بقائها، وترتيب حساباتها لعشرات السنين المقبلة ، وعندما تبرز الرغبة في التغيير ، وتتحرك الارادة الشعبية للتعبير عن الرفض ،تستنفر السلطة الهرمة كل جهودها وتحشد اتباعها ومناصيرها لملاحقة معارضيها ،وبتهم التآمر والارتباط بدول خارجية تصدر المحاكم الخاصة احكامها ، ويصبح الاعتراف بجمال السلطة الهرمة الطريق الوحيد للحفاظ على الحياة .
صالون تجميل السلطة استعان بخبراء اجانب ، ومستحضراته مستوردة من ارقى المناشىء العالمية ، وتمويله من المال العام ، وعمله لا يقتصر على معالجة بشاعات السلطة باقامة مؤتمرات دولية تسلط الضوء على ابرز المنجزات والمكتسبات ، وانما حرص على تعليم الرجل الاول في السلطة اساليب البطش بالخصوم و"من لف لفهم "دعاة اقامة النظام الديمقراطي بعد الاطاحة بالسلطة الهرمة.
مقالات اخرى للكاتب