لم يتعرض شعب على وجه الكرة الارضية للاضطهاد والقتل والتهجير والنزوح من مناطق سكناهم على مر العقود المختلفة مثل الشعب العراقي عامة والمكون التركماني خاصة وهو القومية الثالثة في التركيب الديمغرافي للخارطة العراقية .
فقد عانى هذا الشعب المغلوب على أمره الآمرين على يد النظام المقبور في جميع المناطق التي تقطنها ( محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين وديالى ) وغيرها من بقاع العراق المختلفة إذ عمل النظام البائد على تهجير سكان هذه المناطق خاصة الشيعية منها بحجة التبعية لإيران ، أما الذين بقوا في العراق لم ينالوا أبسط الحقوق في حياة حرة كريمة أسوة بأقرانهم من باقي مكونات الشعب العراقي بل عمل على طمس الهوية التركمانية بأي وسيلة كانت .
بعد سقوط النظام في عام 2003 توسم التركمانيين خيراً بالعهد الجديد مستبشرين بأنه الكفيل بتوفير جميع الحقوق والامتيازات ككيان لهم ثقلهم ووزنهم في الشأن العراقي ولكنهم اصطدموا بالواقع المرير إذ " جاءت الرياح عكس ما تشتهي السفن " فقد قدمت هذه المناطق على مدى عشر سنوات تضحيات بعشرات الالاف من سكانها البررة في سبيل ديمومتهم ووجودهم على ارض أجدادهم أبطال الثورات المتعاقبة ضد الاستعمار البريطاني وصولاً الى وقتنا الحاضر .
ولكن الطامة الكبرى كانت بعد سقوط الموصل في 10 حزيران عام 2014 بمؤامرة دبر بالخفاء ونفذ بالعلن بأجندات اقليمية ومساعدة داخلية فقد أتضح بعد برهة من الزمن أن هذه المؤامرة موجهة نحو الاقليات وبالأخص المواطنين التركمان في مدينة الموصل والمناطق المحيطة بها .
مدينة تلعفر التركمانية لم تسلم من هذه المؤامرة القذرة إذ تم تهجير اسرها ونهب ممتلكاتها وتفجير المساجد والحسينيات والمراقد المقدسة فيها وسط صمت دولي جاف من الامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان والمنظمات الدولية الاخرى وجميع المنظمات التي تدعي برعاية حقوق الانسان والاطفال ، ولكن المفارقة في الموضوع سكوت بعض المسؤولين عن هذه الجرائم البشعة فيحينيمنعونمنتقديمالمساعدةالىاهاليتلعفرسواءخلالفترةالدفاععنمدينتهماوفترةالتهجير.
اذ تعيش هذه الأسر أوضاع مأساويةيندىلهاجبين في قضاء سنجار بعد نزوحهم اليها من بطش داعش ومن لف لفهم ، إذ اضطر قسماً منهم الى بيع مقتنياتهم الشخصية من ساعات ومحابس وغيرها بعد أن نفذوا بجلدهم دون أن يحملوا معهم أي شيء يعينهم في هذا الظرف القاسي ، وآخرين باعوا سيارتهم بأبخس الاسعار بعد ضاق بهم السبل لتوفير القوت لأسرهم المحتاجة والحليب والدواء لأطفالهم ووقايتهم من اشعة الشمس الاهبة في العراء الذي أدى بموت ستة من اطفال النازحين بسبب الحروالعطشوالاسهال وغير ذلك من الحالات المزرية لعوائل ليس لهم ذنب سوى أنهم ضحايا لمصالح سياسية مقيتة .
الشيخ محمد تقي المولى أبن تلعفر البار وعضو مجلس النواب العراقي لم يقف مكتوف اليدين وهو يرى ما يحدث لأبناء جلدته بل ناشد المرجعية العليا الرشيدة والحكومة العراقية وسلطات اقليم كردستان بضرورة توفير جميع المستلزمات الضرورية لهذه الأسر النازحة وما تعانيه من ظروف انسانية ومعيشية صعبة كما وناشد الامم المتحدة عن طريق ممثلها بالعراق السيد ميلادينوف وقدم له شرحاً مفصلاً عن معاناة الناس الابرياءوالمنظماتالدوليةومنظماتحقوقالانسانولكنالغريبفيالأمرأنالاممالمتحدة وغيرها لمتحركساكناازاءمايجريعلىأرضالواقع هذا أن دل على شيء فإنما يدل على عدم فهم المعاناة الحقيقية لهذه المكون أو أيصال الحقائق مغلوطة من قبل ممثلي السفارات العراقية في الخارج لغاية في نفس يعقوب .
ولكن الشيخ المولى بحكم لحمته الوطنية المعروفة في التقريب بين مكونات الشعب العراقي استطاع من ترسيخ أواصر المحبة بين المجتمع السنجاري على اختلاف اطيافه وبين نازحي مدينة تلعفر فقد أبدت العوائل في مدينة سنجار على بساطة إمكانياتها ومقدراتها استعدادها على تقاسم رغيف الخبز مع اخوانهم من أهالي تلعفر حتى لأخر لحظة وفتح بيوتهم ومدارسهم ومحلاتهم لاستيعاب هذه الاسر التي تجاوز عددها (150) الفاً لمدينة لا يتجاوز عددها نفوسها (300) الف ، مقتدين بالآية القرآنية الكريمة ((لوأنفقتمافيالأرضجميعاماألفتبينقلوبهمولكناللهألفبينهم)).
أليس حري بسياسي المصالح أو المحسوبين على السياسة في العراق أخذ العبر والدروس من هذا النسيج المتماسك لشعب لم ولن يرضخ لأي مؤامرة أو مخطط سياسي حقير يراد منه النيل من مكونات العراق الغالية .
مقالات اخرى للكاتب