المشهد السياسي وحركته في بلادنا على اكبر قدر من التعقيد والاختلاط والتداخل ,بل ان هذا المشهد لايقتصر على الحياة السياسية والعمليات الاجتماعية الجارية في المجتمع وانما يمتد الى الحياة الداخلية للاجزاب ذاتها وشخوصها، ويمكن تلمس ذلك في بعضها بدرجة وضوح كافية , وفي اخرى ماتزال تختمر ولكنها مؤثرة ومحددة حركتها ومكانتها بين الناس .
التجليات نلحظها ونمسك ببعض عناصرها في احزاب السلطة الحاكمة والكتل السياسية ,فبعضها بدأ بالانحدار من القمة , على الرغم من عراقته وتاريخه المديد وما قدم من تضحيات ,لكنه لم يحتفظ بنقائه وقوته والدليل على ذلك الانشقاقات المستمرة وعزوف كوادره قبل جمهوره عن العمل في صفوفه والانفضاض عنه والذي - احيانا - ,يشمل حتى من هم في موقع المسؤولية والشاغلين للمناصب العليا في الادارة الحكومية
طبعا هذا الحراك تكتوي بناره الاحزاب خارج السلطة ولايشفع لها تاريخها الذي يتآكل وهو ايضا لا يشذ في سببه عن الظروف الموضوعية التي لم تستوعب سنة الحياة ، وضعف القيادات الذي تحاول ان تداريه بتشديد سطوتها وتحولها في الجوهر الى قيادات ملكية لاحق للزمان والاحداث عليها من اجل تغيير مساراتها واستبدالها ,بل بعضها يتغير شكلا ويبقى المضمون في الممارسة في اسوأ حالاته .
كلا الصنفين من الاحزاب سواء كانت حسب ما تسمى تاريخية وذات بعد من الماضي .فهما في تراجع مستمر ، بعضه نلمسه والاخر تجليات ظهور تحتاج الى تعمق للامساك بها ولكن سرعان ما تظهر في المنعطفات والفواصل السياسية في البلاد ..
ان هذه الاحزاب تخلي مكانها لقوى ناشئة جديدة قد تكون من رحمها او من ذات التيار العام ,تحولت بصورة اكثر جذرية وتطوراً والاصلاح فيها يمكن تلمسه والذي يجذب الجمهور المتحرك والمتحول من القريب ومن الوسط نفسه اضافة الى الجديد منه المنخرط في السياسة والنشاط الاجتماعي .
لااريد ان اضرب امثلة فهي كثيرة ومعروفة ,اخرها الانتخابات المحلية ودرجة التحول فيها ,واعتداد الفائزين بانفسهم والابقاء على مسافة بينهم وبين ابوية .زعماء القوائم والتيارات وكذلك كيف ان قوى سياسية غابت منذ الجمعية الوطنية والى الان ,واخرى تنازع وخسرت مقاعدها .واكلت من تاريخها على الرغم من جهدها للظهور والاحتماء تحت مسميات شتى لعلها تستطيع ان تحافظ على البقية الباقية من نفوذها الجماهيري ومع ذلك يمكن تلحظ الميل نحو قوى غير تقليدية في تيارها .
ان الاوضاع السياسية في البلد واستعصائها على الحل وافتراق بعض الجمهور عن ممثليه السابقين في مجرى العمل والمصالح ، بالتأكيد يؤدي الى استكمال ملامح التنظيمات الجديدة ورسم خارطة مغايرة لما هو واقع الان. - طبعا - ماتزال هناك فرصة للمراجعة غير انها صعبة ولن تعيد الحياة الى مجاريها التي بات الكري معها لاينفع كثيرا وانما ستشق هذه القوى طريقها باستقلالية في الحياة السياسية وتكسب المتذمرين والساخطين مما تعاني منه البلاد .
مقالات اخرى للكاتب