نعيش منذ مدة ليست بالقصيرة في اجواء التمهيد، السري والعلني، لاعادة رسم خارطة شرق اوسطية جديدة، يتم من خلالها بسط نفوذ (صغار) مقابل استنزاف قوة (كبار)، الامر الذي ادى الى اندلاع الحرائق البشرية في المنطقة اجمع.
العراق، احد اولئك الكبار الذي يجب ان تنطلق منه شرارة "التغيير"، لتلتحق به دول الجوار الاخرى (سوريا؛ الاردن؛ السعودية؛ تركيا وايران) بالاضافة الى ( البحرين؛ مصر؛ لبنان؛ ليبيا وتونس)، فيما تبقى الكويت والامارات على حالهما ويزداد توسع قطر.. فلطالما بقي العراق دون تفتيت وتقسيم لن يتحقق الحلم الاسرائيلي "الأكبر".
طرح في الاروقة السرية، تغيير في الخطة المرسومة لتبدء العملية بتقسيم سوريا، ولكنها عصت عليهم كذلك، فعادوا الى العراق المهيء بكوادر وقيادات سياسية وشعبية وعسكرية من اجل تنفيذ "المهمة"، لنرى بين فترة واخرى صيحات ودعوات الى قيام "اقاليم" مبينة على اسس طائفية تكون نواة لبناء دويلات صغيرة ضعيفة تلتصق بجدران دول الجوار لتنخرها الاخرى وتفتت نسيجها، الذي بدأ العمل عليه بالتزامن مع ما يدعى بـ"الربيع العربي".
اتفقوا على كل شيء، فيما يخص العراق، فلم يبق لهم سوى معظلة واحدة تسمى (بغداد).. فكيف يقسموها، والى اية دويلة يلحقوها، هل بغداد شيعية ام سنية ؟.. وهم ما يزالون في حيرتهم بالصراع على بغداد حتى انبرء احد "الاطراف" ليطالب ببغداد كردية!! .. وبين هذا وذاك بقي الوضع على ما هو عليه يعطر بشكل شبه يومي بعطر ازكى الدماء من ابناء بغداد -الجميلة رغم قبحهم ووقاحتهم- عسى ان يتوصلوا بذلك الى ازالة "حجر العثرة" عن طريق مخططهم النتن.
ان الحفاظ على بغداد، والعراق عموما، يتطلب اقراراً من الكتل المشاركة بالعملية السياسية بانها "كتل سياسية حاكمة" وليست "كتل سياسية معارضة"، فضلاً عن الايمان بالدولة العراقية، وترك الولاءات الطائفية والحزبية المهلكة، والالتفات الى المؤامرات التي تحاك للنيل من قوة العراق.. وحينها سنصل الى بر الامان.
مقالات اخرى للكاتب