1

ولد جدي حيدر رحمه الله في العام 1918، وهذا يعني انه نشأ في عائلة يعود تأريخها أبّاً وجداً الى العام 1800م، ويكون قد مضى عليه وعلى ابويه وجديه حتى يومنا هذا قرنان وعقد ونيف من الزمان، كان الرجل يصلي، ولاينام حتى يقرأ بصوت مسموع الدعاء والفاتحة ويهديها لمن سبقه الى ربه بالإسم، ولايستثني منها احد، كنت اسمعه يقول: الى روح ابي وامي، و... استاذنا واستاذ استاذنا، والى خال اولادي، والى فلان من جيراني و...الخ، كان يحب عمر وعلي، والصحابة وآل البيت كبقية اجدادنا، كان يذهب لسامراء، كما يذهب الى الأعظمية، ويذهب الى الكاظمية كما يذهب الى معروف الكرخي والروضة الكيلانية، يحزن في عاشوراء، ويفرح بمولد النبي ص، وعلى هذا عشنا، وفي ظله نشأنا، حتى حين.

صورة رقم 2

في الصف الثالث المتوسط، واظنه العام 1983 وهو اوج عمر المراهقة، وانا ابن 15 سنة، سألني احد اصدقائي في المدرسة: انت سني لو شيعي؟، ذهبت الى امي اسالها، اجابت بغضب استغربته منها: لافرق ابني كلنا اسلام، وعيب عليك ان تسأل هذا السؤال !، فقلت لها: هو صديق سألني وليس سؤالي، فردت محذرة لي بوجه اكثر غضبا: اياك ان تمشي معه، وفي اليوم التالي، ومنذ الصباح الباكر، سبقتني الى المدرسة، وطلبت من الإدارة نقلي الى صف دراسي آخر، وكانت تسأل اصدقائي بين الحين والآخر ان كنت لا ازال اتكلم مع ذلك الصديق المنبوذ، حتى حين.

انتهت الصورتان، ومن خلالهما اجزم ومتأكد، اني واحد من ملايين الناس، رجالاً ونساء، نشأنا هذه النشأة، فحصدت إحتراماً سائداً بين اتباع المذهبين السنة والشيعة حتى انهينا الجامعات، والخدمة العسكرية، وتزوجنا وانجبنا، وحل ماحل بنا مما هو خارج عن ارادتنا، وقد كبر ابناؤنا، وادركوا الوعي، وهم اليوم يتساءلون ذات السؤال: هل نحن سنة او شيعة؟، وجوابهم مهما كان سهل، لكن من يجيبنا نحن الكبار عن سؤالنا: 

هل كانت تربية اهلنا لنا خطأ فنصححها بالتفريق والتفرق والتمييز والعداوة بين السنة والشيعة، ام كانت صواباً فنرسخها وندعمها ونثبتها لنعيد ما اعتقد انه كان من الزمان الجميل؟