قد يصح القول أن الصين التي تعد بين الدول الأكثر نجاحا في العالم في تحسين كفاءة استخدام الموارد، أصبحت تتفرد عن بقية دول العالم الأخرى في اعتماد برامج متقدمة بمهمة تطوير بنى السكك الحديد الارتكازية عبر الركون إلى تطوير شبكة خطوط القطارات فائقة السرعة، بوصفها أفضل الوسائل الملائمة حاليا لمهمة التنقل؛ بالنظر لنجاحها في بناء أسطول من القطارات الحديثة التي يشار أليها باسم ( قطارات الرصاصة ) التي تتميز عن الأجيال السابقة من القطارات في خاصية الانطلاق عبر آلاف الأميال بسرع عالية تصل إلى 220 ميل / ساعة. ولعل من أبرز النتائج المباشرة للثورة التي تبنتها إدارة النقل في الصين هو ما يتمحور حول تكامل شبكة خطوط قطاراتها الوطنية الداخلية التي أفضت إلى جعل التنقل بوساطة القطارات في بلاد يبلغ عدد سكانها ما يقرب من ( 1.3 ) نسمة من أيسر سبل النقل وأسرعها، فضلا عن رخص كلفها. واللافت للانتباه أن حاجة الصين إلى استثمارات كبيرة الحجم في قطاع البنية التحتية، فضلا عن قطاعات الموارد البشرية والقدرات الإدارية؛ لم يكن مبررا لتوقف توجهات القيادات الإدارية الصينية في مهمة النمو الاقتصادي، وبخاصة قطاع النقل الذي شهد تركيز الرؤى حول مسألة تدعيم بناه التحتية؛ للحصول على أبعد تأثير فاعل لقطاع النقل في مجال السكك الحديد. وضمن هذا السياق شرعت إدارة النقل بالتخطيط لإنشاء خطوط سكك حديد جديدة وسمتها باسم ( طريق الحرير )، بغية ربط البلاد مع ( 17 ) دولة أخرى في شرقي آسيا عبر استثمار الميزات الفنية والتقنية المتقدمة لظاهرة قطار الرصاصة، وتوظيفها في توسيع مديات عمل السكك الحديد على الرغم من ظهور بعض العقبات الرئيسة التي تعترض الأحلام الصينية في توسيع طريق الحرير وجعله يدور حول العالم باسره، فضلا عن مضاعفة قدراته الاستيعابية التي تكللت بداياتها في افتتاحها أسرع خط ارتباط للسكك الحديد في العالم يربط مقاطعة ( ووهان ) بجنوبي ( غواتفرو ). إذ أختصر قطار الرصاصة سبع ساعات ونصف من الوقت الذي كانت تستغرقه هذه الرحلة بوساطة القطارات من الأنواع السابقة لقطع مسافة 664 ميل ( 1068 ) كيلو متر. وبعد أن أنجزت الصين شبكة فائقة السرعة تعد الأوسع شمولا في العالم؛ لامتلاكها نحو ( 800 ) من قطارات الرصاصة، ما يزال طريق بعقوبة القديم الذي أقيم إبان العهد الملكي يبث إلى نظيره طريق الناصرية – كوت لوعة شوقه لقدوم لحظة إنهاء أعمال ترميمه بعد أن أنهكته كثرة وعود المسؤولين، جراء تلكؤ المقاولين الذين تناوبوا على تنفيذ مقاولاته طيلة فترة ولاية محافظ بغداد السابق صلاح عبد الرزاق، حيث أصبح الطريق منجما كبيرا للأنقاض ومستودعا ضخما للأتربة المتطايرة التي خلفتها الأعمال الترقيعية التي أجتهد بإدامة زخمها المقاولين، ما أفضى إلى التأثير على حركة السير وتزايد الازدحام المروري، ما جعل المواطن يفكر طويلا قبل الخروج من بيته لقصد مكان ما، فضلا عما ظهر من تصرفات خاطئة لبعض اصحاب المركبات، تجسدت باستخدام الطريق من دون احترام لقوانين المرور وقواعد السيرفي هذا الطريق الحيوي الذي تسلكه يوميا أعداد هائلة من المواطنين أغلبهم من الشرائح الفقيرة التي تحملت عبء الأعمال الإرهابية، إلى جانب ما قدمته من قرابين على مذبح الحرية والسيادة.
مقالات اخرى للكاتب