يعتقد الكثيرون أن الشركات والدوائر الحكومية على اختلاف تنوعها تظهر أن – المدير العام – أو مدير الدائرة الفرعية هو السلطة الرئيسة في الإدارة ، وأن له اليد الطولى في تسيير أعباء العمل الإداري والفني، سواء في الظروف العادية أو الظروف الاستثنائية التي يمر بها البلد , مع وجود مجموعة صفات
يجب أن يتمتع بها المدير تكمن في تطوير الشركة أم الدائرة التي يدير , وبث روح التفاؤل والعمل الجماعي، إضافة إلى البشاشة التي يجب أن ترتسم عليه في تعامله مع الموظفين أو المراجعين،.ولنضرب مثلاً مدير لا يرغب في مقابلة موظف يعمل في دائرته، لا لشيء سوى إحساس داخلي في نفس المدير أن مهمات ذاك الموظف بسيطة وليست مهمة كما يظن ولا حاجة أن يستقبله ويتحدث معه في شؤون العمل، وهذا برأيي المتواضع بعيد عن جادة الصواب ويجعل الإدارة تسير بخطى عشوائية ضبابية.
أما في الجانب الآخر، نرى مديراً آخر يفتح الباب على مصراعيه لجميع الموظفين في إدارته، بل ويحاور الموظف الصغير قبل الكبير في كيفية إنجاز العمل وما هي الصعوبات التي يواجهها وما هي الحلول المنطقية المرتجاة في صرفها.
إنها إيجابية فعالة ترتقي بالإدارات وتسمو بها في ظل المناهج الحديثة لتطوير الحراك العملي والمهني على الدوام.ويحاسب الموظفين المتأخرين عن بدء الدوام وخاصة المسئولين منهم ممن ورث الفساد من مرحلة قبل التغيير وبقوا في مسئولياتهم السابقة وهذه واحدة من منزلقات العمل الإداري والقيادي في شركاتنا النفطية خصوصا وشركاتنا الحكومية عموما هو بقاء المسئول السابق في موقعه دون تغيير بحجة الكفاءة المهنية وكأن هذا الجيل الذي جاء بعد التغيير أي بعد عام 2003 لا يفهم أبجديات العمل وليس له قدرة الإبداع والقيادة على الرغم من مضي أثنا عشر عاماً على ممارسته العملية والعلمية في سوح العمل وانفتاحه على دول العالم وخبراتهم من خلال الدورات التدريبية وورش العمل داخل وخارج العراق.
أن بقاء المسؤولين السابقين في مواقعهم دون تغيير حتى بعد أحالتهم الى التقاعد , عندما راحت أغلب الشركات تبرم عقود تشغيل معهم بعد أحالتهم الى التقاعد لمدة سنة وتمتد لمدة ثلاث سنوات أو تستحصل موافقة مجلس الوزراء على تمديد بقائهم في مناصبهم بعد التقاعد لمدة ثلاث سنوات أخرى بحجة الكفاءة المهنية والقيادية , رغم إصابة الأغلبية منهم بأمراض مزمنة و مستعصية وتجاوزهم السن القانوني في العمل , مما أوقع الكثير من ِشركاتنا في قبو ونفق الفساد المظلم مرة أخرى دون أن تلتفت الحكومة لهذا الداء الخطر فراحت تبحث عن تنشيط وتفعيل الأجهزة الرقابية التي هي أساساً تدار من قبل نفس الفئة الفاسدة تلك , فأصبحت مترهلة وبطيئة وتحتاج إلى مكافحة فساد هي الأخرى , والى ألان وبعد مرور فترة طويلة على تغيير النظام السابق لم تستطع الحكومة بناء جهاز أداري قيادي نزيه وفعال له القدرة على الإنتاج ورفع الإنتاجية فأصبحت معظم شركاتنا الصناعية خاوية على عروشها ومعطلة الموظف فيها يستلم رواتب ومخصصات كأي مواطن ترعاه الدولة في دور العجزة والأيتام , فطول أثني عشر عاماً صرفت وزارة الصناعة والمعادن ما يقارب 15 تريلون دينار كرواتب دون أية مساهمة في الإنتاج الوطني خلال السنيين السابقة.. حتى الشركات النفطية الإنتاجية لولا شركات النفط الأجنبية المستثمرة في حقولنا النفطية لشاهدنا موظف النفط يبيع الفواكه والخضروات في الأسواق المحلية كما فعلها أيام الحصار الاقتصادي 1991 -2003 على الرغم من الأموال الطائلة التي تتقاضاها تلك الشركات الأجنبية نتيجة عملها في العراق والذي يعادل 60 بالمائة من صادراتنا النفطية.
إننا لا ندعي وجوب تطبيق العدالة بالمطلق , بل نريد تطبيق ما يمكن تطبيقه , والذي يمكن تطبيقه إذا اتخذ طابعا قانونياً أولا وأدرك الجميع معنى العدالة والنزاهة سيكون حينها قابل للتطبيق , وعندما نتحدث عن النزاهة ونحاول إن نلفت الأنظار إليها يقال لنا : إن أكثر الناس لا يملكون هذه الأشياء التي تتحدثون عنها , لأن السياسيين والمسئولين الذين فتحت لهم ملذات الحياة الدنيا استطاعوا بلوغ تلك الملذات بطرق الفساد والسحت الحرام , لاعتقادهم إن السلطة والمال هما المصدران الرئيسيان للقوة والنفوذ , وبذلك يصبح المسؤول أكثر قوة وسيطرة عندما يملكهما ما يجعله يتحكم في كل شيء ويسيطر على كل شيء .وكما قال المؤسس الأول لجمهورية سنغافورة الحديثة لي كوان يو 1990- 2015 الذي عين وعمره35 عاماً كأول رئيس وزراء لسنغافورة وحكمها لمدة ثلاثة عقود ((محاربة الفساد كتنظيف السلًم عليك أن تبدأ من الأعلى إلى الأسفل)).
مقالات اخرى للكاتب