من البديهي ان يكون سلوك الدكتاتور قائما" على مبدأ الامساك بخيوط اللعبة والتحكم بكل من حوله , وأن تمحى كلمة المستحيل من قاموس الحياة ويصبح كل شيء في اطار الممكن, فمبدأ المنافسة والاعتراف بوجود نظراء أكفاء فهو أمر خارج حدود العقل لكل المتسلطين, والتمسك بكل ما هو موجود من مناصب وأمتيازات أمر مفروغ منه, وحشد كل الإمكانيات المتاحة في سبيل تحقيق تلك الرغبات من ترهيب وترغيب وحيل ودسائس, فمبدأ (الغاية تبرر الوسيلة ) أحد الشعارات البارزة في قاموس من يرى نفسه فوق الجميع, وعالم السياسة غني بأمثلة من هذا الطراز, فمبدأ استخدام المال احد أبرز الوسائل المتاحة فيما يتعلق بشراء الذمم وأعتبار الناس سلعا" تباع وتشترى وفق منطق كل شئ للبيع في مزادات السياسة , التي تقيم الفرد على أساس كم يبلغ ثمنه , لاعلى اساس قيمته الإنسانية ومدى أحترامه لنفسه وتقييمه ككيان مستقل وليس له ثمن, وليس ببعيد عن ذلك محاولة بعض الساسة لشراء أصوات عدد من أعضاء مجالس المحافظات من أجل السيطرة على المناصب وألغاء دور الشركاء في العملية السياسية, متناسين كل الشعارات حول مبدأ الاعتراف بالأخر, والشفافية في التعامل مع الاطراف الاخرى في العملية السياسية والابتعاد عن الدسائس والمؤامرات, متناسين ان معظم الاصوات التي منحت للأعضاء في مجالس المحافظات تمثل املا" بالإنجاز والحصول على خدمات من قبل المواطن الذي يحلم بالتغيير, لكن المراهنة على المال لن تجد لها صدى" في اغلب ألاحيان لدى من يعتبر نفسه خارج نطاق البيع والشراء ويضع نصب عينيه مبدأ احترام أصوات الناخبين ممن منحوه الحق في تمثيلهم, ألامر الذي يشكل عائقا" امام طموحات السياسة الدكتاتورية التي تسعى للتمسك بكل ماتحت اليد مهما كلف الثمن, هذا من جانب ومن جانب آخر يعزز رفض الاعضاء المعنيين الاغراءات المادية لدى المواطن امكانية التغيير وان من اختاروهم على قدر كبير من الثقة والمسؤولية, وأن سياسة التفرد لا تلقى صدى" واسع في اوساط الشارع العراقي , وفي الاوساط السياسية, فنقض الاتفاقيات والسعي للحصول على المكاسب بغض النظر عن الوسائل اساليب يستخدمها البعض ممن امتهن بيع وشراء الذمم في مزادات السياسة , لكن على مايبدوا أن عروضهم لم تلقى رواجا" هذه المرة , وذلك ينبئ عن أولى الخطوات نحو التغيير الحقيقي.
مقالات اخرى للكاتب