إعلامي عراقي مقيم في الولايات المتحدة ، بعث الى زملائه ومعارفه في بغداد برسالة الكترونية ، تتضمن حقيقة عدّها غائبة لم يلتفت لها احد ، تفيد بان كل شيء في العراق، يتجه نحو التراجع و"التقدم" يحصل في الإعمار فقط ، وفي كثير من الأحيان، ونتيجة اضطراب الأوضاع الأمنية ، يفقد الكثير من العراقيين فرصة ضمان هذا "التقدم" في ظل استمرار العنف وحوادث التفجير شبه اليومية للمفخخات والعبوات الناسفة للحياة من جذورها .
الأوضاع في العراق سياسياً وأمنياً في تراجع ، والأسباب كثيرة ومعروفة ، وهي من وجهة نظر البعض تقف وراءها دول الجوار وبقايا البعثيين والصداميين ، وهناك من يعزو الأسباب الى غياب مبدأ الشراكة والقفز على المواد الدستورية ، والابتعاد عن التمسك بالقواعد الديمقراطية ، والمشهد السياسي وبعد عشر سنوات من عمر" العراق الجديد" كشفت أحداثه عن وجود اكثر من برميل بارود قابل للاشتعال في أية لحظة ليقضي على بقية امل التقدم في الإعمار .
عمر العراقي طيلة عشرات السنين الماضية ، يصفها من عاشها، بانها كانت فصولا ميلودرامية على طريقة السينما الهندية ، فمن المطاردة من قبل رجال السلطة بتهمة الانتماء لتنظيم سياسي معارض الى متاعب الدراسة والحصول على وظيفة براتب لا يكفي لتسديد بدل الإيجار، الى الالتحاق بالخدمة العسكرية والمشاركة في الحروب ثم الخضوع لحصار اقتصادي والتمسك بشرف الحفاظ على البطاقة التموينية لم يستطع العراقي استعادة أنفاسه ، فظل أسير الفقر والحرمان ، وعندما دخل في مرحلة "العراق الجديد " سمع الوعود والشعارات وسرعان ما تبددت آماله في العيش الكريم ، عندما انطلت عليه كذبة الديمقراطية بالنسخة العراقية فإعادة الزمن الى العصور الحجرية، منتظرا الرحمة والشفقة والعدالة وتحسين الحال ، دافعا سنوات عمره، ثمنا لانتظار طويل .
يقال ان الزمن كفيل بتفكيك الأزمات سواء بانقلاب لا سقاط نظام الحكم او بتدخل عسكري اجنبي او بمخطط ينفذه المتنفذون في القصر الجمهوري او البلاط المالكي ، وهذه القاعدة قد تصلح في احد بلدان المنطقة وليس في العراق ، لان الوصول الى السلطة يتم عبر صناديق الاقتراع بمعنى ان النظام الديمقراطي بشكله الحالي ابعد ما يكون عن المفاجآت ، وليس من المعقول ان تفكر جهة باحتلال الإذاعة وبث بيان رقم واحد لوجود مئات المحطات الإذاعية التابعة لأحزاب وقوى سياسية ، فضلا عن استعداد من يمتلك الميليشيات والمجاميع المسلحة للدفاع عن النظام وإشعال براميل البارود وحينذاك يضيع التقدم في عمر العراقي .
في "العراق الجديد" الأغلبية تؤمن بالديمقراطية، وفئة قليلة واصلت نشاطها لتقويضها وقتلها في مهدها عن طريق استخدام العنف ، وليس هناك من يريد قراءة البيان رقم واحد ، من الأطراف المشاركة في الحكومة، ولكن المشكلة ، تتلخص وتتجسد بفسح المجال لشعيط ومعيط ليكونا عنصرين مهمين في المشهد السياسي وتحديد مستقبل البلاد والعباد ، وتحقيق التقدم العراقي بعون الله وعزم القائد .
مقالات اخرى للكاتب