– منذ ألف وأربعمئة سنة والدماء البريئة تُسفك، أطفال ونساء وشيوخ، والأموال تنهب، وَمَن لا يُقتل يعيشُ خائفاً مترقِّباً. إلى متى يستمر هذا الحال؟ أليس في القوم رجلٌ رشيد يُنهي هذه الأحقاد؟ أليس من رجلٍ حكيم يصنع سلاماً للأجيال القادمة؟ لم تنهض أوربا حتى انتهت حروبهم المقدَّسة، سواء بين الكاثوليك والبروتستانت أو بقية الطوائف؟ إنَّ الأموال التي تنفقها إيران والسعودية في هذه المسألة، لو ذهبت لدعم البحث العلمي والاقتصاد، لَمَا كان هذا حالنا!

– لم يحاول أحدٌ خلال ألف وأربعمئة سنة؟

– ثلاثة رجال حاولوا وفشلوا، ويكفيهم شرف المحاولة.

– ثلاثة؟

– عمر بن عبدالعزيز، والمأمون، ونادر شاه، الأول قتلوه بالسم، والثاني قتلوا صهره علي الرضا عليه السلام، وبعدما اعترفَ الخلافة علوية ونحن بني العباس سرقناها منهم. والثالث كتب لهم وثيقة النجف، لكنَّ أحداً لم يلتزم بها.

– ولماذا لم يلتزموا؟

– لأنَّه قال إنَّ الخلاف بين علماء المسلمين موجود في الصوم والصلاة والحج، ولم يكن الشتم واللعن ركناً في الفقه الشيعي إلى أنْ جاء إسماعيل الصفوي.

– نحن لا نشتم.

– أنتم تشتمُون رجلاً فتح بلاد فارس وبلاد الروم أكبر إمبراطوريتين في ذلك العصر، ولم يأخذ الغنائم شيئاً لنفسه ولا لأبنائه. أهدى بنتي كسرى للحسن والحسين، فأنجبتا لنا الأئمة الأطهار سلام الله عليهم. تشتمُ زوجَ ابنة الزهراء عليها السلام؟ تشتمُ رجلاً تزوَّج الرسول صلوات الله عليه من ابنتهِ؟ سافرَ إلى القدس ببغلةٍ يتناوب عليها مع خادمهِ. مات قتيلاً في محراب رسول الله.

– تاريخنا يقول غير هذا!

– ألم ينتصر الإمام علي عليه السلام كرَّم الله وجهه في معركتي الجمل وصفين؟ هل قتلَ أسراه أم أطلقهم؟ سألوه، هؤلاء الذين نقاتلهم كُفَّار؟ فأجاب: من الكفر فروا. منافقين؟ إنَّهم يذكرون الله كثيرا. فما هم؟ ولماذا نقاتلهم؟ هؤلاء إخواننا بَغَوا علينا. أليس هذا ردُّ الإمام؟

– تاريخنا يقول غير هذا!

– لنفترض ذلك، هل تعرف أنَّ كلَّ الأديان السماوية وغير السماوية تحرِّم اللعن والشتم؟ إذا لم تكن الشتيمة حراماً فهي عيب، كيف إذا كانت بحقِّ رجلٍ أفضى إلى ما قدمت يداه منذ ألف وأربعمئة سنة؟ ويقول تعالى (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ، لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ، وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ)البقرة: 134. واللعن من اختصاص الله وحده، اللعن يتضمن الطرد من رحمة الله، ولا أحدَ من البشر أو الملائكة لديه هذه السلطة، ولا يجوز لعن أحدٍ إلا إذا كان الله قد لعنه من قبل، وأنتم تلعنون رجالاً يقول عنهم تعالى (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) سورة التوبة: 100. هل قرأت ذات يوم لافتة تقول: يا لثارات ابن الخطَّاب؟ يا لثارات طلحة والزبير؟

– اذكر لي كتاباً واحداً، فيه شتم آل البيت؟ اذكر لي عالماً واحداً يشتم آل البيت؟ في صحيح البخاري حين يذكر أحد الأنبياء يقول عليه السلام، وحين يذكر الإمام علي أو أحد أبنائه يقول عليه السلام، وللبقية رضيَ الله عنه. وحديث (يا أيها الناس! إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا ، كتاب الله و عترتي أهل بيتي) في صحيح مسلم والترمذي وصححه الألباني والشهير عندكم بحديث غدير خم، إنَّما أخذتموه من كتبنا، ونحن نعترف أنَّ حبَّ آل البيت عِبادة وقربى إلى الله تعالى القائل (قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَــــــــوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى) الشورى: 23. ولكنَّ عبادتهم شـــــيءٌ آخر؟

– ها أنتَ يا أخي! مَنْ قال إنَّ الشيعة يعبدون آل البيت؟ أنتم توجهون التهمة وتصدرون الأحكام!