مع إطلالة شهر رمضان الكريم، كشرّت الفضائيات عن أنياب برامجها الموغلة بالرقص والتهريج، وكان التوجّه العام هو الكوميديا، ليس في جانبها الراقي ولكن في الجانب التهريجي المبني على “كاركتر” الممثل ومدى ما يقدمه من سخف يدعو إلى الضحك عليه لا على المشهد أو الفكرة. فهوجم المشاهد من كل جهاته، اليمين واليسار والأعلى والأسفل، واختلطت عليه إعلانات الحفاظات بزيوت الطبخ مع الرقص على معجون الطماطم، مع الـ....!! وإذا كان هذا ديدن بعض الفضائيات التي لم تحد عن هذا النهج، فمّما يؤسف له أن ثمة فضائيات رصينة كنا نعقد الأمل عليها في تقديم النافع والمفيد من البرامج إلا إنها عملت بالمثل الشعبي “على حس الطبل..خفن يا رجليّ” فشاهدنا العجب العجاب، ولم تعد لصرخة الصائم القديمة (اللهم اجعلها بعيني بقرة) أي معنى، فقد راهنت الفضائيات –إياها- على تحولنا إلى (ثيران) وبلا أجنحة آشورية هذه المرّة!! اللافت للنظر أن البرامج المقدّمة (وخصوصا برامج المسابقات التي تعتمد على اللقاء المباشر مع الناس) قد بيّنت للمشاهد والمتابع المتخصص مدى التباين في الإمكانيات والتمويل مثلما بينت عمق جهل الناس بأبسط المعلومات، وهو ما يعطي مؤشرا خطيرا على تردي الوعي. ففي الوقت الذي تقدّم فيه قناة مثل “س” جوائز من العيار الكهربائي الثقيل (ثلاجة – مجمدة – غسالة – طباخ.. الخ) نرى قناة “ص” تقدم جوائز”هايفة” عبارة عن (كارت آسيا سيل أو عراقنا..ومن المؤكد انه أبو الـ5، لان لو كان أبو الـ30 لأعلن عنه مقدم البرنامج بعالي الصوت!!) أما قمة الإسفاف في برامج الشهر الفضيل فهو ما سيقدم من مقالب أو كاميرا خفية، خصوصا على القنوات الجديدة (أو القديمة فالفضائيات أصبحت على قفا من يشيل) خصوصا مع الفنانين، وفي السنوات الماضية رأينا كم تعرض بعض من نحترم منهم إلى اهانات والى مشاهد اقل ما يقال عنها إنها لا تليق حتى بابن الشارع البسيط الذي يفرحه الظهور من على الشاشة حتى لو كان بكاميرا استهزاء، فكيف بمن يفترض به أن يكون أنموذجا!! وكان المشاهد خلالها يقول من أعماقه للفنان الذي يتعرض للهزء ويقبل أن يُبث (حيل وأبو زايد) فالذي لا يضع لنفسه قدرا وقيمة لن يضعها له مقدمو البرامج. -2- بعض الممثلين العراقيين أجبرتهم الغربة وصعوبة تأمين لقمة العيش على قبول “أوطأ العطاءات” فقنعوا بان يكونوا مقدمي برامج بلا لون أو طعم أو رائحة، ربما ليعوضوا شحّة مردوداتهم في الأعمال الدرامية التي ينتجها تجاّر يحلبون الفنان حتى آخر قطرة إبداع ولا يعطوه سوى الملاليم، وسط غياب من يدافع عن حقوقه المادية والمعنوية. وهو ما ندعو نقابة الفنانين إلى الاهتمام به، على الرغم من معرفتنا أن النقابة هي التي تحتاج إلى من يهتمّ بها؟!! -3- الرسول الكريم (ص) أوصى الصائم بان يفطر على حبيبات تمر، وقد اثبت الطب الحديث مدى أهميتها للصائم، ولكن هيهات هيهات بعد أن أصبح الكيلو بكذا آلاف دينار وأصبح بلد التمر.. المستورد الأول، لذلك انصح الصائمين أن يكتفوا بالتمر الموجود في المسلسلات؟؟!! • وقبل أن أنسى: أسألكم الدعاء لنصرة منتخبنا الشبابي الذي سيلعب اليوم أمام الاورغواي، فو الله لقد حقق الشباب ما عجز عنه الشيوخ والرجال، وأنهم لمفخرة عراقية لا تقل انجازا عما حققه رباع عراقي انتزع الذهب من بين حديد آسيا والعـالم، رباع عراقي اسمه: كرار محمد جواد.