ها هو شهر الله الأعظم يقبل علينا مرة أخرى تعطّره نفحات الإيمان والرحمة والمغفرة مفتحة فيه أبواب الجنان مكتوبٌ لكل صائمٍ عابدٍ صادقٍ فيه عتق من النار ، نعم لقد كرّم الله تعالى بني ادم بشهر فيه ليلة من أعظم الليالي وساعات يكون فيها نوم الصائم عبادة وأنفاسه تسبيحاً ودعاؤه مقبولاً ، لكننا لسنا في موضع التعريف بالفضائل والمكرمات الكبيرة لشهر الله إنما نريد ان نستقي من تجارب عشناها في سنوات خلت من عمرنا ونقدم النصح والتحذير ونشخص مكامن الخطأ الذي قد يكون غامضاً على البعض ونعطي لهذا الشهر حقه وقدسيته ومكانته الحقيقية .
فمع إطلالة الشهر الكريم نجد ان نمط الحياة اختلف ومسيرة الإنسان تغيرت ليصبح رمضان للبعض وقت تسلية ومرح وانطلاق وكأن الشهر الفضيل هو شهر للراحة والاستمتاع فما ان يطل علينا هلاله حتى تجد الكثير من الناس ينطلقون نحو الكوفي شوب والمقاهي وأماكن التسلية ليقضوا ساعات الليل تصحبهم فيها النميمة والكلام البذيء او تجد البعض الاخر متسمراً أمام شاشات التلفزيون لمتابعة البرامج الهابطة والمسلسلات المنفلتة بمفاهيمها وأطروحاتها الغريبة علينا واستعراضات الرقص الماجن دون إعطاء أولوية للعبادة والتسبيح والتقديس في هذا الشهر الفضيل ، ان الماكنة الإعلامية الموجهة للمسلمين في هذا الشهر الكريم خطيرة ومرعبه اذا تابعنا أولوياتها وأهدافها وسياستها فإنها تنجح في كل عام في جر الناس الى جانبها والتعلق ببرامجها أكثر من العيش في أجواء شهر رمضان ، وهنا اقصد الأجواء الدينية الإسلامية الصادقة والعبادات الربانية الخالصة .
فيما نجد نمطاً أخر من الناس يجعل من شهر رمضان شهراً للأكل وشرب والتبذير بشكل مفرط فيكون للنساء جولة وللرجال جولة في المطبخ يتسابقون فيها على إعداد الوجبات وتنويع المأكولات وتحضير ما لذ وطاب من الأطعمة والشراب متناسين حكمة الصوم ودلائله العظيمة غير مدركين لعظمة التعبد والقران فيه.
الا ان من اكبر المصائب وأعظمها وقعاً في مجتمعنا اليوم هو كثرة المفطرين والمجاهرين بذلك فتجدهم دون حياء او خجل يتجولون في الشوارع والأزقة وهم يأكلون ويشربون ويدخنون ولا يحملون أي عذر حقيقي في ذلك الإفطار ، لان غياب الرقابة الحقيقية وعدم المتابعة والمحاسبة الصارمة للمستخفين بحرمة شهر رمضان زادت من عدد المجاهرين بالإفطار كيف لا يزيد عددهم ونحن نشاهد بأم اعيننا ان رجل الشرطة وحامي القانون هو من يستخف بحرمة الشهر قبل المواطن ويغض النظر عن الكثير من المفطرين برغم القوانين الصارمة ضد كل من ينتهك حرمة وقدسية هذا الشهر .
لذلك نحتاج الى تفعيل حقيقي للقوانين الموضوعة لحماية حرمة هذا الشهر الكريم وان يكون للمسؤولين وقفة حقيقية ومتابعة جادة لكل مخالف ومستهين مع التأكيد على ان المحاسبة لرجل القانون المفطر تكون اكبر كونه الحامي والمطبق للقانون وهيبته في الشارع .
الله ... الله في شهر رمضان وما يحمله لنا من غفران للذنوب فلنقبل عليه بالعمل الصالح والدعاء الصادق لنزيد به حسناتنا ونكون من الفائزين برضا الله تعالى ولا نكون ممن خسروا آخرتهم بدنياهم وجعلوا من شهر رمضان شهراً للهو واللعب والانفلات متبعين خطى الشيطان الذي يغوينا ليبعدنا عن رحمة الله .