Editor in Chief: Ismael  Alwaely

Editorial secretary: Samer  Al-Saedi

Journalist: Makram   Salih

Journalist: Saif  Alwaely

Journalist: Ibnyan   Azeezalqassab

Editor: Aboalhassan   Alwaely

Reporter: Abdulhameed   Alismaeel

مقالات وأبحاث
الاثنين, أيار 1, 2023
الثلاثاء, نيسان 25, 2023
الأربعاء, نيسان 19, 2023
السبت, نيسان 15, 2023
الجمعة, نيسان 1, 2022
الأحد, آذار 13, 2022
الأربعاء, شباط 16, 2022
الثلاثاء, شباط 15, 2022
السبت, حزيران 3, 2017
السبت, أيار 20, 2017
السبت, أيار 13, 2017
الجمعة, أيار 12, 2017
الاثنين, أيار 1, 2017
1
2
3
4
5
6
   
هل مرت عاهرات ليفني على بغداد؟
الثلاثاء, أيلول 16, 2014
صائب خليل

يدهش العراقيون (من العرب بالذات)، كما يلاحظ من تعليقاتهم على المقالات والأخبار، من مدى الخيانة والإنحطاط الأخلاقي الذي يمارس به ساستهم السلطة، والخضوع المذل والمهين للإملاءات الأمريكية الموجهة لتدمير البلاد وتفكيكها، وحتى للإبتزازات الكردستانية التي ما انفكت تتزايد بلا حدود، فيطالب الجحوش السمان من ساسة كردستان، مأبوني ساسة بغداد بالمزيد من ثروات البلاد وسرقتها من قوت فقراء الشعب الذي ابتلى بهؤلاء بأكثر مما ابتلى بصدام حسين، فكان نتاجهم للعراق خلال أكثر من عقد من حكمهم القبيح، الخراب والضياع والفساد والتحطم الإجتماعي والإختراق الأجنبي... وكل كارثة يمكن تخيلها على بلاد.

 

المدهش أكثر أن كل تلك المذلة وذلك الإبتزاز الذي سمح المالكي أن يمرر عبر حكمه، لم يكن كافياً للخندق الأمريكي الإسرائيلي الكردستاني، ولا غرابة في الحقيقة من ذلك، فهم يرون أن في الساحة السياسية العراقية من هو أكثر استعداداً للإنبطاح حتى من المالكي وحكومته، فجاءوا في ليلة ظلماء بحيدر العبادي والعصابة التي أحاطوه بها. وبدأ الرجل "مرحلته" بالتآمر على رفاقه والإلتفاف على الدستور والحصول على الدعم الأمريكي والإرتياح الخليجي بشكل مشبوه، كما يظهر بوضوح من لقاء النائب حنان الفتلاوي حول الموضوع، والحقائق التي طرحتها، ويجب مشاهدتها باهتمام سواء كنا نحب الفتلاوي أو نكرهها.(1)

 

تصرفات رئيس الحكومة الجديد وتصريحاته تكشف أنه قرر اتباع المراوغات والكذب على الشعب الذي نصب زعيماً له، وهو ذات الكذب وذات المراوغات التي سار سلفه عليهما، وقدم العبادي كما هو متوقع برنامجاً من كلمات فارغة حول محاربة الإرهاب والفساد وأخرى مشفرة مثل "حل المشاكل مع كردستان بروح إيجابية"، والتي تشرح كل شيء. اختار العبادي للنفط (أو اختير له) شخص ذو تاريخ مشبوه وحاضر أكثر شبهة، ينتمي لكتلة منبطحة بكليتها للأمريكان، ولا يعرف عن النفط إلا ربما كيف يدير عملية سرقته. وأمّنَ "شحمة" المالية عند "بزون" كردستان، وهي التي تسرق أكثر من ضعف حصتها قبل هذا، ووضع زيباري، الوزير الموظف في السفارة الأمريكية، في منصب أعلى، وأجلس عميد عملاء المخابرات في مكان "قرب قمة هرم السلطة" كما أراد بايدن وأوباما قبل بضعة سنين، وشارك في حكومته ساسة السنة من ذيول كردستان الذين لا نعرف منهم شريفاً، من النجيفيين المأبونين إلى بقايا الصداميين، ويقوم اليوم بتسويق الكذبة العالمية الكبرى بأن أميركا تريد دعم العراق وتحارب الإرهاب، وأشرك بلاده في تحالف ذيول الخليج الإرهابيين في عصابة ترفع شعار “محاربة الإرهاب” بقيادة الدولة التي صنعت الإرهاب والداعمة علناً للإرهاب، والتي تريد من فريقها من الذيول هذا، شرعنة قصف سوريا بحجة قصف الإرهاب فيها، بعد تاريخها العلني في دعمه سنيناً. ولأجل تبرير انضمامه لتحالف الإرهابيين العرب والأمريكان هذا، فهاهو العبادي يسعى لتسويق هراوات الإرهاب الأمريكي الأشد، قطر وتركيا، والتي يريد إقناعنا بأنها قد "غيرت موقفها"، و "ترغب بالتعاون" (2) دون أن يشرح لنا كيف ولماذا حدث ذلك "التغيير"، وكأن للذيول إرادة و"موقف" تثبت عليه أو تغيره! 

 

ولو كان هذا الحديث قبل بضعة سنين حين كانت إسرائيل تحبك مسرحية ذيولها في قطر وتركيا على مستوى غير مسبوق من التمويه (والتي انخدعنا بها فعلاً)، فتعقد قطر مؤتمر قمة عربي تمثل فيه حماس الفلسطينيين وتثير غضب توابع إسرائيل، ثم تدعم متظاهري ربيع مصر،... ويطلق أردوغان أسطول حريته على إسرائيل بعد أن يؤنب أحد قادتها... لو كان حديث العبادي في تلك السنين، لقبلنا الأمر، أما اليوم فقد كشفت اللعبة ولاعبيها، حين حانت لحظة الحسم في تقديرهم، فانقلبت كل من قطر وتركيا، وانضمتا كأكبر داعمين، إلى فرق الإرهاب في سوريا. هذا المؤتمر الذي تلمح إسرائيل ذاتها إلى رغبتها في الإنضمام إليه، إن سمح ماء وجه العبادي وبقية ذيول الخليج... 

إن المراوغات اللفظية لتبرير الفضيحة، تذكرنا بذات المراوغات التي حاول المالكي قبل ذلك من خلالها، تبرير توقيع المعاهدات مع أميركا، وكان يتصور أن أميركا ستكافئه بحكم دائم على تلك "التضحية" غير المشرفة.

 

يتساءل العراقي اليوم بحسرة: كيف وصل الأمر إلى هذا الحال؟ ألم يكن هؤلاء الساسة هم الذين خاطروا بحياتهم من أجل مبادئهم وكان يعقد الآمال عليهم؟ ألم تكن الديمقراطية والدستور وانتخاب الحاكم أعز أمنيات شعبهم هذا؟ لدينا اليوم شخصية ترفع إلى أعلى منصب في البلاد وهي لم تحصل إلا على 4000 صوت، وتنقلب على ذات الشخص الذي حصلت على مقعدها من خلال اصواته، وتحطم في دربها أي بقية احترام كان للدستور، معرضة بذلك البلاد مستقبلاً لكل أنواع المخاطر السياسية والإنهيارات التي لا يستبعد أن تأتي بدكتاتورية حقيقة بعد ذلك، فأي شيء يمكن أن يقف عنده مثل هذا الشخص الذي صار رئيساً لحكومتنا بالرغم منا؟ ومن الذي يمكن أن يكون قد جاء به إن لم تكن أصوات الشعب ورفاقه، إلا القوة الأخرى في الساحة، قوة خندق أميركا وإسرائيل وذيولها من ساسة السنة وكردستان؟ أنا لست معنياً بالتأكيد بنوري المالكي الذي يتحمل الكثير من مسؤولية تحطيم العراق وتسليم مقاليده، بطمعه وغبائه، لهذا الخندق العدو، ولست آسف لزواله بالتأكيد، لكني أكتشف من خلال طريقة إزاحته، حقائق مرعبة، وأنا آسف وخائف على العراق من هذه الحشرات البشرية الجشعة التي تتحكم فيه لحساب من يسلمها الحكم، ومستعدة لكل شيء من أجل ذلك!

 

لا شك أن العراقي هذا يتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية ما حدث، بالسلبية المميزة له والأنانية والخوف والخذلان والمراوغة على الحق الذي لا يناسبه، تلك الصفاة القاتلة التي تركها تنمو فيه في الظروف الصعبة والجهل الكبير بزواغير السياسة الغربية وعدم فهم الديمقراطية، وخاصة أنها تتطلب شعباً يجب أن يملك إرادة أن يحكم بلاده بنفسه ويراقب حكامه ويحاسبهم ويزيحهم حال الضرورة.. كان الشعب العراقي على العكس من ذلك، فحتى في انتخاباته، كان يبحث عمن "يحكمه"، ويأمل بحاكم "عادل وفاهم وأمين وذكي وشجاع وشهم ... " الخ، لكي يعفيه من واجبه الديمقراطي بالمراقبة واتخاذ المواقف الحازمة. بل ان الشعب العراقي صار يبحث عن "دكتاتور عادل" ، أو "لوتي" حتى إن كان منحطاً “مثل نوري السعيد” (بتأثير مسلسلات إعلام التضليل، كما يبدو) ، ويأمل منه أن “ينقذه” مما هو فيه، كما بينت بعض التعليقات التي أقرأها على مقالاتي أو غيرها! 

 

سلبية الشعب مع الديمقراطية، خلطة خطرة تهدد بالكوارث، خاصة إن كان يملك تحت أقدامه ثروة كبيرة، وهذه السلبية واضحة حتى في ردود أفعال المواطنين على تغيير المالكي، والتي تدل على أنهم قد استسلموا للأمر الواقع، وأن الإنتخابات والفوز فيها لا يعني لهم شيئاً،(3) وبالتالي فهم مستعدين لقبول أي شخص تأتي به قوة مسيطرة، بلا اعتراض، مع أمل زائف بأن مثل هذا الشخص سوف يرعى مصالح الجهة التي لم يكن لها دور في مجيئه، أي الشعب، ويترك مصالح الجهة الأخرى التي فرضته على البلاد! 

 

أن تحطيم أخلاق المجتمع تحت ضغط دكتاتورية شرسة تمتد عقوداً طويلة من السنين، بحروبها وإذلالها، يدفع باتجاه تحطيم المجتمع وكثرة خفافيشه، ورغم ذلك فكل هذا لا يكفي لتفسير الدمار الذي حدث خلال عقد من السنين وهذا التبديد الشديد لمئات المليارات من الدولارات بدون بناء طابوقة واحدة في البلاد أو المجتمع! صحيح أن هذا هو الهدف الأمريكي الإسرائيلي بالذات، لكن بمقابل هذا التحطيم وهذه القوى الشريرة، كان هناك رد فعل شعبي حماسي واضح للإصلاح وللديمقراطية وللتآلف، وكانت شعارات وحدة الشعب وأطيافه هي الطاغية واشترك الجميع بعرس سقوط الطاغية حتى في أشد المناطق السنية المحسوبة عليه، فكيف أمكن لقوى الشر أن تغير هذا الزخم بهذا الشكل الكبير وتدفع البلاد إلى هذه الهاوية وهذا السقوط؟ لماذا لم يكن هناك من القادة من يستفيد من ذلك الزخم ويجيره لصالح البلاد؟ لو توفر نسبة من الشرفاء في الطيف السياسي العراقي، لما أمكن لأعداء الشعب الذين احتلوا البلاد أن يسيروا بها كل هذه المسافة الشاسعة نحو الأسفل! والإنتخابات الأخيرة كشفت أن العراقي لم يكن كما يبدو يملك رصيداً من الشرفاء حتى لكي يختار من بينهم من ينتخبه، فحتى الشريف الذي نعرفه، لم يمانع أن يلصق نفسه المرة تلو الأخرى بأحط ما أنتجت هذه الأرض من نماذج، وأفقد شعبه الثقة به!

 

وأسوأ من حال قطيع الساسة، حال قطيع الإعلاميين الذين يعج بهم البلد، ومعظمهم قد باع ضميره وراح فصيل منهم يبحث عن طريقة لتسويق الإحتلال والدعوة لعودة قواته ويقوم من أجل ذلك بمختلف الحركات البلهوانية لكي يتجاوز كل الحقائق التي كشفها هذا العقد من السنين، وتلك التي كشفتها العقود السابقة. وراح فصيل آخر يروج للطائفية، قسم منهم بصلافة مباشرة، وآخر بـ "علمية" فيقضي أيامه يبحث في بطون كتب التاريخ عن "حقيقة" (أو أكذوبة) تؤكد له أن الشعب العراقي "ليس شعباً" أو أن "الشيعة والسنة دينان مختلفان" أو أن الطائفية متأصلة في العراقيين منذ أقدم العصور وبشكل لا رجاء فيه للشفاء، وهكذا لتكون هذه الفصائل مجتمعة، هجوماً على كل فئات المجتمع العراقي معاً. فلماذا باع الإعلاميون أنفسهم بهذا الرخص، مثلما فعل السياسيون؟ ألم يكن لهم ما كان لأمثالهم في بقية العالم، من حس إنساني واجتماعي يربطهم بالوطن؟ ألم تكن لهم ذكريات تخجلهم من هذا الفعل وتضع حدوداً للخيانة؟ ألم يكن لهم إحساس الإنسان الطبيعي بالكرامة الذي يمنعه من السقوط؟ 

 

كيف اشترى الأمريكان كل هؤلاء الساسة وكل هؤلاء الإعلاميون، وكيف ضمنوا خيانة جميع الضباط في الموصل وغيرها بهذا الشكل القبيح؟ دعونا لا نقف عند حدود الغضب، بل نتجاوزه للبحث عن جواب موضوعي على هذه التساؤلات...

 

هذه التساؤلات كانت في رأسي عندما قرأت قبل أيام تصريحات لوزيرة الخارجية تزيبي ليفني، المشهورة بـ "عاهرة الموساد"، تدعو فيها إلى مشاركة إسرائيل في التحالف الأمريكي مع ذيوله العرب وبضمنهم العراق، "لمحاربة" داعش.(4)

ويبدو من كلام ليفني أن الشعوب العربية لم تطبخ بشكل كاف بعد لتقبل أن يجلس ساستها مع إسرائيل علناً في مؤتمر واحد، وتقتنع بأن هذا المؤتمر هو بالفعل من أجل "الحرب على الإرهاب"، وأن ذلك سيتسبب في رد فعل قد يخرب عملية التخدير المستمرة للبقرة العربية السائرة بهدوء إلى المسلخ. وهو نفس الإستنتاج الذي وصلهم من إطلاق بالونتهم "مثال الآلوسي" في بغداد لأكتشاف رد فعل الشعب العراقي على علاقة مباشرة مع إسرائيل، وقبلها بالونات الساسة والنواب الكرد الذين يشغلون مناصب عراقية، مثل مصافحة رئيس الجمهورية العراقية السابق لأحد مجرمي إسرائيل، ودفاعات النواب الكرد عن تلك العلاقة. ولعل سفينة النفط الكردستانية لإسرائيل ليست سوى إحدى بالونات الإختبار تلك، لقياس مستوى الإذلال الذي وصل إليه المواطن والسياسي العراقي العربي، ومعرفة رد فعله، وإن كان الوقت قد حان للخطوة التالية أم أنه بحاجة إلى المزيد من الإرهاب أولاً. 

 

كل البالونات التي نعرفها هذه، وأكيد أخرى لا نعرفها، قد أشارت كما يبدو لإسرائيل أن الوقت لم يحن بعد لتجلس ليفني على كرسي بجانب ابراهيم الجعفري "ليحاربا الإرهاب"! فالكره والإحتقار الذي يكنه الشعب العراقي لإسرائيل وأميركا واضح وقد عبر عنه في أكثر من مناسبة ورغم كل ضغوط الإعلاميين المأبونين لعقد من السنين، فما الذي يجعل الساسة العراقيون مختلفين عن شعبهم وقيمه وعواطفه بهذا الشكل الشديد؟ وكيف حقق آفي دختر ، وزير الأمن الاسرائيلي السابق، "اكثر مما خططة له إسرائيل" في العراق، كما قال في مؤتمر له؟ (5)

 

الخبر عن رغبة تزيبي ليفني بمشاركة إسرائيل المؤتمر المشبوه لأميركا، يذكرنا بتاريخ وزيرة الخارجية الإسرائيلية، واستعمالها الدعارة لقتل بعض العلماء وأحدهم عراقي الجنسية، وتسجيل الأفلام للحصول على المعلومات من الساسة العرب وابتزاز آخرين وتجنيدهم لصالح إسرائيل. ومفهوم أنه من الصعب أن نجد سياسياً في الوطن العربي خاصة، لا يمكن إسقاطه بفضيحة جنسية، وجعله يفعل ما تريد إسرائيل، مهما كان صعباً. 

وهنا خطر ببالي سؤال: لماذا لا تكون "ليفني" جديدة قد تجولت بين ساسة العراق اليوم؟ بل لماذا لا تكون هناك فرق كاملة من العاهرات الإسرائيليات قد أرسلت إلى العراق ضمن الجيش الأمريكي لممارسة ذات الإبتزاز على الساسة العراقيين؟ لا شيء يمنع ذلك، ولا غرابة في هذا. فإن كانت مثل ليفني مستعدة لممارسة الدعارة من أجل إسرائيل، وحققت في ذلك نجاحات هائلة، فهل من العجب أن تفكر إسرائيل بإرسال فرق دعارة للعراق لتحقيق ما تخطط له و "أكثر مما تخطط له"؟ بل العجب أن لا يفعلون ذلك! إن منطق الأشياء يقول أن هذا في حكم المؤكد، خاصة وأن المجتمع العراقي المغلق، يجعل من هذه الطريقة فعالة جداً. 

 

فهاهي ليفني تكشف أنها ساهمت في اغتيال عالم ذرة عراقي في باريس بعدما عملت خادمة فى بيته تحت اسم مستعار وقامت باغتياله بالسم، وصدرت بحقها مذكرة توقيف قضائية باسمها المستعار ثم باسمها الحقيقى قبل أن ينجح اللوبى الصهيونى في فرنسا بوقف ملاحقتها قضائيا".(6) وكوفئت عاهرة الموساد على ذلك بانتخابها لمناصب عليا في إسرائيل، رغم أنها بقيت بحاجة إلى تأمين الحصانات قبل أن تتوجه إلى الدول الأوروبية.(7)

 

وهنا عدت بذاكرتي إلى الضباط الخونة الكبار من جهة وإلى الإغتيالات لعدد كبير من الضباط الآخرين، وكيف أن فكرة "عاهرات ليفني" تستطيع بشكل ممتاز تفسير الكثير من الأعاجيب التي تحدث في العراق... فمن يطوع من ضباط الجيش من قبل هذه الفرق، ويقبل بالخيانة إغراءاً أو لتجنب الفضيحة بنشر أفلامه، ويتعهد بإطاعة أوامر السفارة الأمريكية - الإسرائيلية، يرفع إلى أعلى المناصب في الجيش بتوصية أمريكية، وتحت أغطية الضغط الأمريكي بحجة "المصالحة" و "مشاركة جميع أطياف الشعب العراقي" و "إلغاء الإجتثاث"، وتأمين اتصالاته مع عملاء من أمثال “أياد علاوي” الذي اجتهد بإعادة أكبر عدد ممكن من ضباط صدام إلى الجيش والأمن، و "مثال الآلوسي" الذي استلم ملف إعادة تأهيل البعثيين "التائبين" (لصالح إسرائيل) وبتكليف من ضابط ارتباطه يعالون. ومن يرفض من الضباط الطاعة، يتم اغتياله، كما تم اغتيال العلماء وكبار الضباط العرب في الماضي في باريس وغيرها.  

 

وبوجود الجيش الأمريكي وسيطرته على مؤسسات الأمن،  والسفارة العملاقة في العراق فأن هذه الفرص تكون متاحة بشكل غير معهود. ولا يمكننا تفسير الإصرار الأمريكي على تمديد بقاء جيشه وحصانته، وتحمل تكاليفه العالية سوى مثل هذا الواجب. وهو يفسر لنا لماذا وكيف اغتيل اللواء "مبدر الدليمي" وغيره من الضباط الذين لم يسهل شراؤهم كما يبدو. إضافة إلى ذلك فأن اغتيال الطيارين القدامى خطوة مهمة وكبيرة في سد الطريق على العراق للعودة إلى شراء الأسلحة الروسية، (والذي استماتت ذيول كردستان لمنعه) حين يكتشف بعد قليل أن الأميركان لا ينوون تسليم العراق الطائرات الموعودة، رغم معاهدة "الصداقة" بين الذئب والخروف، ورغم تسليم ثمنها مقدماً وليس "بالآجل"! 

 

هذا التفسير أقرب للعقل بكثير من اتهام إيران باغتيال الطيارين على أساس "الإنتقام منهم". الإغتيال الإسرائيلي الأمريكي لهم، يعتمد على مصلحة تتحقق في المستقبل القريب والمخططات المباشرة، وليس الإنتقام من الماضي، وهو الأمر البعيد عن السياسة والذي لم يمارس في التاريخ من قبل الدول إلا نادراً، وغالباً من قبل إسرائيل وأميركا، وفي كل الأحوال ليس حين يكون بالضد من مصالحهما. وفي بقاء الطيارين القدامى مصلحة لإيران كما العراق، في صراعها مع الخندق الأمريكي الإسرائيلي وفرقه الإرهابية، حتى لو كان هؤلاء الضباط بعثيين ولا يحبون إيران.

 

والتفسير بالإغتيالات الإسرائيلية أكثر منطقية أيضاً من نظرية أن يكون قتلة العلماء هم البعثيون الذين يعملون لحسابهم، كما يحاول أن يقنعنا عبد الخالق حسين الذي وصل في الماضي القريب، أن يكتب بصراحة مدافعاً عن الموساد ومبرئاً لها من تلك الجريمة وكأنه قد تعين محام لها أو أن له اتصال بها يتيح له أن يدعي براءتها. فالبعثيين لا مصلحة لهم بذلك ("كبعثيين")، والكثير من هؤلاء الضباط والعلماء كانوا بعثيين على كل حال. ولو عاد الحكم للبعثيين بطريقة ما، فسوف يخدم هؤلاء الضباط والعلماء النظام، وإن لم يعودوا، فلماذا القتل وتحمل المخاطرة؟ ليس للبعثيين اية مصلحة بقتل العلماء والضباط (إلا إن كانوا يعملون لحساب إسرائيل أو أميركا) على العكس من إسرائيل التي تعلن صراحة ضرورة بقاء العراق مدمراً من أجل أمنها، والولايات المتحدة التي تحرص على أن تبقي العراق تحت سلطتها المطلقة. 

ولا يتردد عبد الخالق اليوم وبعد كل الجرائم التي كشفت وبعد كل الإتفاقيات التي لم تنفذ، إلى دعوة الحكومة إلى فتح قواعد عسكرية أمريكية في البلاد من جديد. وقد بينت تصرفات أميركا التي كشفت أجندتها في العراق، أن لها المصلحة الكبرى اغتيال الطيارين العراقيين الذين تدربوا على طائرات روسية. فربما لو أن جميع الطيارين القدامى قد تم اغتيالهم لما استطاع العراق شراء الطائرات الروسية التي كسرت الحصار الأمريكي على التسلح العراقي، واستعملت لضرب فرقها الإرهابية من داعش وغيرها. لا شك أن أمثال عبد الخالق حسين، الذين وصلت وقاحتهم في الدفاع علناً حتى عن الموساد بما لا تدافع الموساد ذاتها به عن نفسها، ويدعي لأميركا ما لا تدعيه السفارة الأمريكية ذاتها، هو وأمثاله من اسباب الخلل الذي يعاني منه العراقيين في تحديد أعداءهم، ويجب أن ينظر إليهم من هذا المنظار كجزء من الكارثة وكجنود في خندق أعداء البلاد وبلا مجاملات....وربما نحتاج إلى الكتابة بشكل أكثر تفصيلاً عن أكاذيب هؤلاء مستقبلاً، وكيف أنها ليست مجرد آراء مختلة، بل تدل على نية مبيتة في إعماء الشعب العراقي عما حوله.

 

إن الحالة المؤسفة والخيانة العميقة التي يجد فيها العراقي ساسته وقادة جيشه وإعلامييه، لا يفسرها فساد أو إغراء أو ضغط، إلا أن يكون الكثير منهم قد تم ابتزازه بما لا يستطيع مقاومته، ولا يستبعد، بل سيكون عجيباً أن لا تكون إسرائيل قد استعملت أفلام الإبتزاز الجنسي لتحقيق أغراضها مع هؤلاء. لكن هذا الحال المزري إن صح، فهو لا يدعو إلى اليأس، بل إلى الأمل بإيجاد حل، فأسوأ ما يكون هو أن لا نفهم ما يجري، فإن فهم السبب وبطلان العجب هو الخطوة الأولى نحو تلمس الطريق في الظلام، مهما كان هذا السبب صعباً ومشيناً. لكن علينا أولاً أن نخرج من حالة الدهشة والحيرة والإستسلام إلى حالة البحث عن حل، وأن يدرك كل مواطن أن الديمقراطية تعني "أن يحكم هو" ويتحمل نصيبه من واجب المتابعة والرقابة وبعض العمل، لا أن ينتظر أن يأتيه "نوري سعيد" أو "دكتاتور عادل" أو غيره من الخرافات، وإلا فلن يكون هناك طريق للإصلاح، بل لن يكون هناك طريق لوقف التدهور وستستمر المفاجآت المحزنة المخجلة، وسيكون كل يوم أسوأ من أمسه، وكل غد أسوأ من اليوم! 

 

مقالات اخرى للكاتب

 
أضف تعليق
نطلب من زوارنا اظهار الاحترام, والتقيد بالأدب العام والحس السليم في كتابة التعليقات, بعيداً عن التشدد والطائفية, علماً ان تعليقات الزوار ستخضع للتدقيق قبل نشرها, كما نحيطكم علماً بأننا نمتلك كامل الصلاحية لحذف اي تعليق غير لائق.
الاسم :

عنوان التعليق :

البريد الالكتروني :

نص التعليق :

1500 حرف المتبقية
أدخل الرقم من الصورة . اذا لم تستطع القراءة , تستطيع أن تحدث الصورة.
Page Generation: 0.45105
Total : 101