كان فصيل حزب الدعوة , احد فصائل المعارضة العراقية الفعالة , في مقارعتها ومجابهتها نظام الظلم والطغيان . وقدم قوافل من الشهداء كبقية فصائل المعارضة , وهي تقاوم النظام الدكتاتوري , الذي اغتصب الوطن , لاكثر من ثلاثة عقود عجاف , وكان معارض وطني شرس يحسب له حساب . وكان شرف الانتماء له , يدلل على الاصالة والهوية العراقية , الامينة بتحقيق تطلعات وطموحات الشعب المشروعة , وكان له ثقافة وفكر واخلاق , لاغبار عليها . ولكن بعد عام 2003 وخاصة باستلام زمام القيادة الجعفري , ثم بعده المالكي , تبدل وتغير كل شيئ , كأن انقلاب جذري اطاح به , وادى الى تغيير قواعد اللعبة السياسية , بتغير جذري في الحزب , ليس على اسس بناءه من جديد لخدمة اهداف ومصالح الشعب , وانما باختيار طريق غير سليم , معبد بالالغام والاشواك , طريق يقود الحزب الى السقوط في مستنقع الطغيان والوحل . فبدلا من ان يشد عضد المعارضة العراقية , التي نالت من الارهاب والتعسف والقمع , في زمن الحقبة المظلمة , وان يكون عامل مساعد وقوة , في بناء الوطن على قواعد سليمة , نلاحظ اختار طريق ابتلاع السلطة والنفوذ والكسب الحرام , وانتهاج سلوك ابعاد الاخرين والتضيق او خنق الرأي المعارض . وبدلا من ان يعالج التركة الثقيلة التي خلفتها الحقبة المنصرمة , بالبدأ في البناء والاعمار والاصلاح , في كل جوانب الحياة العامة , واعادة وجه الوطن المشرق , باقامة دولة القانون والعدل والحق وانصاف المظلومين والمحرومين . فنراه يعمل بكل جهد ومثابرة الى اقامة دولة الفساد , ويفتح خزائن المالية للدولة والشعب , الى معطوبي القيم والاخلاق , والى اللصوص وعصابات المافيا . ويعزز مظاهر الظلم والحرمان , ويرسم صورة كالحة السواد للوطن , ويسير وسط حقل من الالغام والاشواك , كأنه يعيد مجد الدكتاتورية من جديد وبثوب جديد . ولم يخطر في بال احدا , بان الثقافة البعثية تحيا من جديد وتزدهر قوافيها ومفاهيمها في تعامله السياسي , وخاصة بعد ان احتلت حثالات البعث واعوانه واصحاب الزي الزيتوني , مواقع متقدمة في قيادة الحزب , كأنه جدب وقحط وخلا من الرجال ومن العناصر , التي تؤمن بالشعب وهوية الوطن , والعناصر النزيهة والكفوءة بتحمل المسئولية . ولم يكن بالحسبان ان تنحرف قيادة المالكي نحو الفساد المالي والسياسي والاخلاقي , ويكون لسان حال اللصوصين والصعاليك , الذين يبحثون عن الشهرة والمال الحرام , وان يقود البلاد الى وحل الطائفية , لتفكيك الدولة والشعب وضياع هوية الوطن , ويعتمد على اشباه الرجال في اغتصاب الوطن , كأنه فقد الرجولة والشجاعة , في مواجهة المصاعب والشدائد , كأنه يساهم في قتل الوطن , من اجل بناء نظام الظلم والطغيان , وهذا مايثير الغضب والسخط , هل هذا الطريق الشاذ والاعرج , يتناسب مع تضحيات حزب الدعوة وشهداءه الذين سقطوا في زمن الدكتاتورية ؟ هل هذه التضحيات من اجل تحقيق نظام فاسد يعتمد على الظلم والطغيان ؟ وهل تثبيت كرسي العرش يتطلب سلوك طريق الطغاة ؟ وهل قدر العراق ان يبدل ظالم وطاغي , باخر هو اتعس واشد ظلما في ازهاق ارواح الابرياء ؟ وهل هو الخلود الابدي , في حكم الشعب باتباع اسلوب الظلم والظالمين والفاسدين ؟ وهل نجح الطاغية السابق في تحقيق حلم الخلود الابدي ؟ كي يسعى الطاغي الحالي في استنساخ وجهه البشع في التسلط والاستبداد . ألم يقرأ كلام الامام علي ( ع ) حين يقول ( يوم المظلوم على الظالم , اشد من يوم الظالم على المظلوم ) لو ادام حكم الطغيان بعمره المديد , لما وصل الحال اليك , وانت تسعى الى المبايعة الثالثة , والشعب يعيش في بحر من الدماء.
مقالات اخرى للكاتب