تتسع الهوة بين إرادة الحاكم ، وفهم المحكوم ، لقضية الحسين عليه السلام والتي تزداد حضورا في حياتنا بذكرى إستشهاده ، كل عام .
تَعاطفُ العراقيين الإنساني والعقائدي مع هذه الفاجعة الأليمة ، والذي يمتد الى غير الشيعة من المذاهب والأديان الأخرى المتعايشة ، أوهم الحاكمين بأن التشدق بقضية الإمام الشهيد كفيل بمنحهم حصانة أبدية من كل مساءلة ، وبراءة من كل فساد أو تقصير ، لكن تلك العواطف الصادقة لم تكن تحجب عن أنصار الحسين جوهر رسالة الحرية التي رفعها بوجه حاكم ظالم .
المفارقة ، أن الحاكم لم يعد يرى غير موجات بشرية تغرق بعواطفها وتسلم أمرها لليأس ، فتمادى في التزوير والتجهيل والفساد ، ليجعل من هذه القضية لعقا على الألسن ، في حين كانت رسالة الحسين تزداد ألقا وتجذرا في النفوس ، وكما أراد لها حامل لوائها يوم دعى الناس ليكونوا أحرارا في دنيا لم يعد له منها الا سويعات .
بالأمس ، عبرت الجماهير التي شكلت فيما مضى مادة نجاح وصعود أحزاب الإسلام السياسي ، عن غضبها ورفضها لخداع وتضليل هذه القوى التي عاثت بالبلاد فسادا وسارت بأتباع ال البيت الى أنفاق الموت والخراب والإستعباد. ماحصل بالأمس في كربلاء ، وجسده شباب السماوة ، المدينة التي كانت حاضرة في الصفحات المشرقة للتاريخ الوطني ، كان إنبثاقا لعهد جديد موعود قد طال إنتظاره ، فأصوات المؤمنين الحقيقية دوت في حضرة ابي الأحرار معبرة عن ولائها لنهجه في رفض الظلم ومواجهة الظالمين .
صوت رفض التحزب ، والولاء للحرية ، يلقيان بمسؤولية حقيقية على المرجعيات الدينية الرشيدة قبل غيرها في التصدي للمنهج المنحرف للحكومة بقوة أكبر قبل أن تنتقل نقمة الجماهير الى التشكيك بدورها الأبوي والمنحاز الى قضايا الشعب ، كما يلقي بعبء مماثل على قوى الحراك المدني في قيادة منهج التغيير وفق الآليات الديمقراطية السلمية ، وتقديم النموذج المنشود ، تبديدا لمخاوف الناس من مطلق العملية السياسية ، ومنع ركونهم الى اليأس أو الإنجرار الى الفوضى ، لاسمح الله .
مقالات اخرى للكاتب