حقاً أن العراق أصبح بلد العجائب في كل زاوية من زواياه الممتدة من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب ومن الشرق الى الغرب. السرقات النفطية المهولة وتهريب عشرات ألأطنان من النفط أصبح شيئاً طبيعياً ولم نعد نتأثر بأي خبر يتعلق بهذا الموضوع. لم نعد نستغرب حينما يصرخ نائب في البرلمان من خلال لقاء معه من قبل إحدى القنوات ألأعلامية ويصرح بأفتخار أنه أخذ رشوة مليونين من الدولارات لغرض مساعدة حرامي آخر كي يفلت من القضاء. لم أعد أستغرب حينما أقرأ أو أسمع أن نائبا برلمانيا أو مسؤول كان من ضمن مسؤولي الدولة العراقية أو ربما لازال مسؤولا في هذه الدولة الهشة – يفتح دكاناً للدعارة في دولة أجنبية. كل هذه ألأمور أصبحت مألوفة للمواطن البسيط على شاكلتي. الشيء الوحيد الذي اقض مضجعي وجعلني أتقلب على فراشٍ من الجمر هو الخبر – الغريب العجيب – الذي تسرب من خلال ألأعلام ألا وهو ” قاضي عراقي يحكم على مواطن من البصرة بالسجن ثلاثين عاماً لسرقتة حمامة واحدة” . أنا لاأدافع هنا عن السارق , لأن السرقة هي سرقة سواء كانت حمامة واحدة أم جاموسة كبيرة أو بقرة حلوبا. السارق هو حرامي مدان والقانون يعاقب كل من يسرق. الشيء المريب في القضية المطروحة للنقاش هي – هل أن القانون العراقي مخصص لعقوبة المواطن البسيط فقط أم هو يسري على جميع الفئات البشرية التي تعيش على أرض العراق من رئيس الدولة الى أصغر فرد في المجتمع؟ سؤال من حق أي إنسان على ألأرض أن يطرحه. في القرآن الكريم هناك نص مقدس يطرح موضوع السرقة والعقوبة هي قطع اليد.أنا لاأريد أن أدخل في تفسير شرعي دقيق لهذه القضية وأترك التفسير للمختصين. أخطر مهنة على ألأرض هي مهنة القضاء , على القاضي أن يكون دقيقا جدا في إصدار الحكم لأنه يتحمل مسؤولية كبرى أمام الله والمجتمع…ولكن أن يصدر قاضي حكماً مدتة ثلاثون عاما ضد شخص سرق حمامة؟ هل هذا معقول؟ أنا لاأعرف ملابسات القضية ولا السبب الذي دفع القاضي الى إصدار هذا الحكم الجائر؟ هل هو عداء شخصي أم أن المسؤول كان في حالة غير طبيعية؟ إذا كان القاضي رجلا مهنيا مئة في المئة ولايخاف في إصدار أحكامة لومة لائم فعليه منذ هذه اللحظة أن يصدر أمراً قضائيا بأعتقال مشعان الجبوري لأنه إعترف بجريمة مباشرة على الهواء وسمعها العالم كله. عليه أن يصدر أمراً فورياً لأعتقال كل مسؤول في الدولة العراقية سجلت ضده عملية غش أو سرقة للمال العام. إذا لم يستطع فعل ذلك فهذا القاضي ينتمي الى جهة معينة ومن أجل هذا يسكت عن ملايين جرائم السرقة التي تحدث في العصر الحديث. سؤال آخر…لو كان الشخص الذي سرق الحمامة قد سرق بدلاً عنها بقرة حلوبا من الدرجة ألأولى هل سيحكم عليه نفس القاضي بمدة حسب وزن البقرة وأهميتها؟ أتمنى أن يتدخل كل مسؤول عراقي فوراً لحل قضية الفرد المسجون على هامش الحمامة المسروقة وتخفيف الحكم فوراً.
مقالات اخرى للكاتب